طوبى لمن كان لحاجات الناس مقصداً
مدار السعادة الدنيوية والأخروية مبناها على أمرين: 1- الإخلاص للحق. 2- الإحسان للخلق.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «-يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- » (السلسلة الصحيحة: ج2، [906]).
اعلم رحمني الله وإياك أن مدار السعادة الدنيوية والأخروية مبناها على أمرين:
1- الإخلاص للحق.
2- الإحسان للخلق.
وقد ورد في ذلك آيات عدة منها قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ . فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ . مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر:38-45].
فأنت بابتسامتك هذه تدخل السرور على قلب أخيك المسلم وكذلك بفعلك وعملك فتكسب الأجر والثواب من الله
وقال تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ . ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ . ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ . إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ . وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة:30-34].
فأساس السعادة أخلاص التوحيد للخالق والإحسان للخلق، وهذا الحديث المذكورة يُقرِّر الجانب الثاني من هذه المسألة.
ألا وهو الإحسان للخلق.
فنبدأ مع أول نقطة في الحديث: «النبي صلى الله عليه وسلم "ما رُئي إلا مبتسِّماً".
فأنت بابتسامتك هذه تدخل السرور على قلب أخيك المسلم وكذلك بفعلك وعملك فتكسب الأجر والثواب من الله ومن المعلوم أن هذه الدنيا لا تخلو من الهموم والغموم والأنكاد فأنت بفعلك هذا وبابتسامتك هذه تنفع أخاك المسلم. بحيث تفرج عنه هذه الهموم ولو بعضها وقد ورد عن أصحاب ابن تميمة شيخ الإسلام عليه رحمة الله أن أصحابه كانوا يقولون تكتنفنا المصائب والهموم والأحزان، فإذا رأينا وجهه تكشف عنا الهم فالأمر ليس بالأمر الهين ولكن أين المتيقظ له؟!
وهنا مسألة ينبغي أن تطرح ألا وهي هل التبسُّم والضحك ينافي الوقار والسكون والهيبة وأن المشغول بعظائم الأمور معذور في ترك التبسُّم؟!
وجوابها سهل ميسور على من يسَّره الله عليه وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم مع كثرة مشاغله وهمومه وهو قائد الأمة ومرشدها والذي ينبغي بهذه الميزان ألا يبتسم ولكن الوارد أن النبي صلى الله عليه وسلم ما رأي إلا متبسِّماً فصلوات ربي وسلامه عليه وهو القائل: « » (رواه مسلم)، فهذا الدليل وهذه الحجة تُبطِل ذلك التكلف.
ثم بعد ذلك يذكر أمر آخر مما يمكن للمرء أن ينفع به الناس ألا وهو كشف الكربة عنهم، فقد تجد أخاك به كربه من كرب الدنيا إما لمصاب أصابه أو توفي قريب له أو... إلخ
والحياة ليست صفواً بلا كدر، بل هي كدر وهمٌّ وحزن فنُدِبنا إلى التفريج من هموم إخواننا المسلمين وكل ذلك بأجره عند احتسابك الأجر فإنك عند تفريج كربته ومساعدته عند احتياجه تكون نعم الأخ فكأنك تسنده وتقوم معه ضد الدنيا بأسرها. »، وقد جاء في الحديث الآخر: « »، فقرَّر هنا الأمر مجملا ثم بدأ يفصله بعدة مقاطع فذكر أن من أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم فالابتسامة وسيلة دعوية أخوية وقد ورد في صفة
إن أخاك الحق من كان معك *** ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك *** شتت فيك شمله يجمعك
ثم عقب بعد ذلك بذكر الدين وقضائه عن الأخوة، وهذا من ذكر الخاص بعد العام، ثم مثل بواحد منها أو من جنس العام فالدين كربة من الكرب فهو هم بالليل ذل بالنهار.
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: « ».
وقد وردت القصة في شأن ذلك الرجل من بني إسرائيل أنه كان يقرض الناس ثم بعد أن يحين السداد والوفاء يبعث غلامه إلى المدينين فيأمره بأن يقبض ممن عنده القدرة على الوفاء ويجاوز عمن لا يجد عنده شيء فغفر الله له بذلك.
ومن المعروف أن الذي يأخذ الدين لا يأخذه إلا وهو محتاج قد سدّت أبواب الدنيا في وجه وربما لا يجد سداده فنُدِبنا إلى قضائه عنه أو التجاوز عنه، وهذا من التكافل الاجتماعي بين المسلمين.
ثم ذكر بعد ذلك هناك أمر آخر يكون فيه نفع للناس وإحسان إليهم ألا وهو "وأن تطرد عنه جوعاً" قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ . وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى:9-10].
وقال صلى الله عليه وسلم: « »، قيل: من يا رسول الله؟ قال: « » (صحّحه الذهبي في التلخيص، والألباني في صحيح الأدب المفرد).
ثم ذكر أمراً آخر «النفس وعلى الإنسان وحده. والله تعالى أعلم.
وهناك عدة أمور قدم فيها النفع المتعدي على القاصر مثل الحديث بعد العشاء فإنه أُستثني منه تعليم العلم وإكرام الضيف ومحادثة المرأة ومن الأمور التي يكون فيها نفع كذلك للناس كف الغضب وضبط النفس فإن الغضب معروفة نتائجه وآثاره من ارتفاع الضغط وفقدان للعقل وأنه مظنة تلبُّس الجن بالإنسان وكان من وصية النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه الذي جاء يستوصيه فقال له: « » وكرَّرها ثلاثاً (رواه البخاري)، وضبط النفس أمر مطلوب خصوصاً في وقتنا الحاضر والحل في هذا الحديث: « اً»، وهذا هو السعي في نفع الأخوة المشهور عند الناس مهما كانت هذه الحاجة ومهما كان هذا الأمر بإطلاقه صغيراً أو كبيراً والحكمة من أن هذا الفعل هو أفضل من الاعتكاف في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم شهراً هي أن هذا الفعل وهو المشي في حاجة الأخ هو فعل متعد النفع فأنت تنفع غيرك وتكسب معه الأجر لنفسك وفيه من المصالح الشيء الكثير؛ فربما يكون بمشيك معه في حاجته نفع للمسلمين وربما يكون فيه دفع للأذى عنهم أما الاعتكاف فمع معرفتنا فضله والأجر الوارد فيه إلا أنه عمل نفعه قاصر على
ثم ثنّى بأمر ذكره في نصف الحديث ألا وهو: « ». فالأمر جدير بالالتفات إليه والاستفزاز حاصل وضبط النفس مطلوب ومندوب إليه ومحظوظ عليه فأنت تلاقي نماذج منه سواءً في الشارع أو في السوق أو في الإعلام وحتى في بيتك فالله المستعان على هذا الأمر. »؛ وهذا يدل على أهمية هذا الأمر ولذلك كرَّره الرسول صلى الله عليه وسلم وهنا زاد حتى يثبتها له فهذا يحتاج إلى صبر ومصابرة وهمة عالية لذلك كان الجزاء من جنس العمل «
ثم عقب وختم بالحديث عن سوء الخلق فقال: « ».
أو كما ورد فقد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم: « »، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: « ا» (رواه الهيثمي في مجمع الزوائد، والهندي).
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
فواز الطلحي »، مبيناً أنه يفسد الإحسان للخلق لذلك ورد الحديث محذِّراً منه وممثلاً بإفساده لهذا الإحسان بإفساد الخل للعسل والله تعالى أعلم.
- التصنيف: