جدار الجنة الخرب
إن وسائلَ الإعلام تترقَّب كلَّ شرارةٍ لتحوِّلَها لنار عظيمة، فاتقِ الله، اتقِ الله ولا تُشْمِتْ بأهل الجنةِ الجميلة الأعداءَ. وإنْ كنت لا تعتبر أنَّ تصرفاتِك وسيلة موصِّلة للمنهج السليم، فعلى الأقل الفائدة ستعودُ لك، أم أنك تحسب أنَّ تصرفاتك إن لم تُحسَبْ لكَ أجرًا، لم تُحسب عليك وزرًا!
هذه أرضٌ مِن أجمل قِطع الدنيا، كأنها قطعةٌ نزلتْ من جنَّةِ الخلد، خضراءُ عامرة بالأشجار، كثيفة بالورود والأزهار، وتجري بينها أعذبُ الجداول والأنهار، إلا أنَّ سُورَها جدارٌ خَرِبٌ كئيبُ المنظر، يحول بين التائهِ الباحث المريدِ للجنة وبينها، فكيف يتصورُ التائهُ أن وراء الجدارِ الخربِ جنَّةً عامرةً؟!
أيها الأحبة: إن هذا الروضَ هو الفكر والمنهج الذي نسيرُ عليه الآن ونحن نعتقد صحَّتَه وصوابه، أما الجدارُ الخرب، فهي التصرفات السيئة لبعض الذين ينتمون لهذا الفكرِ؛ فبعضهم ينفِّرُ الناسَ عن الصراطِ المستقيم بكلامه الفظِّ، وأسلوبه الجلف، فكم من شخصٍ نأى عن الفكرِ السليم، ونفَرَ منه، وغرِق في وَحل الفكر السقيمِ، وضاع في ظلمات الطُّرقِ؛ بسبب أخلاقِ بعض الذين يزعمون الانتماءَ للمنهج السليم والصراط المستقيم، مع الأسف!
ولستُ أبرِّر للضائع هذا التيهَ والضياعَ: "فالحقُّ يُعرف بنفسِه لا بالرِّجالِ، ولا قدوة في الخطأ".
أيها الحبيب: حَلِّقْ بخلدِك في سماءِ خيالك، وانظر للعوامل التي ساهمت في هدايتِك وتنورِك، أظن أنك ستجدُ منها حُسْنَ خُلق شخصٍ هو الآن على قمَّةِ جبلٍ يبدِّدُ ظلامَ الوهم بنورِ الإيمان -نسأل اللهَ أن ينصره- أو ابتسامة وإيثار صديق هو الآن يطير برُوحه في حواصل طير خُضر في الجنة -نسأل اللهَ من فضله- أو كلمة عَذْبة شرِبها قلبُك من أخٍ لك هو الآن غريبٌ من غرباء الدنيا لا تعرف عنه شيئًا.
أيها الحبيب: إنَّ سُور وجدارَ البستان حُقَّ له أنْ يُزيَّنَ ويزخرفَ، لا أنْ يشوَّهَ أو يخرَّبَ أو يُردَمَ؛ فاللهَ اللهَ في حُسن الخُلق؛ فأنت الآن لستَ سفيرًا لأهلك أو لأصلِك فحسب، بل سفير لفكرك.
أيها الحبيب: إنَّ تائهَ الفكر يَهيمُ على وجهه في صحراءِ الفتن، حيرانَ ظمآن الفكر، يريد ماءَ الفكر الصافي؛ ليرويَ ظمأ فكره، فاتَّقِ الله ولا تساهم وتجعَلْ هذا الماءَ العَذْبَ في نظره سرابًا.
أيها الحبيب: إن وسائلَ الإعلام تترقَّب كلَّ شرارةٍ لتحوِّلَها لنار عظيمة، فاتقِ الله، اتقِ الله ولا تُشْمِتْ بأهل الجنةِ الجميلة الأعداءَ. وإنْ كنت لا تعتبر أنَّ تصرفاتِك وسيلة موصِّلة للمنهج السليم، فعلى الأقل الفائدة ستعودُ لك، أم أنك تحسب أنَّ تصرفاتك إن لم تُحسَبْ لكَ أجرًا، لم تُحسب عليك وزرًا!
أيها الأحبة: كلنا ذو خطأ، كلنا قد زَرَع الأشواك في يومٍ من الأيام ونسأل اللهَ تعالى أنْ يغفرَ لنا، لكن دعُونا نشرع في نزعِ الأشواك، ونستبدلها بالورود والأزهار. فاللهَ اللهَ في لسانكم، اللهَ اللهَ في تصرفاتكم، لا تخربوا جدار الجنَّة، بل زخرفوه!
- التصنيف:
- المصدر: