أنت ورمضان والانتصارات
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [البقرة:185]
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ
فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى
وَالْفُرْقَانِ } [البقرة:185].
في رمضان اُنزل القرآن هدى للناس وفي رمضان كان انتصار المسلمين يوم
بدر، وفيه يوم منّ الله على المسلمين بفتح مكة، وفيه كانت "عين جالوت"
التي انتصر فيها المسلمون انتصارًا باهراًعلى "التتار" وفيه كان فتح
عمورية بين المسلمين بقيادة المعتصم وبين الروم، وذلك بعد أن استنجدت
امرأة بالمعتصم فصرخت 'وامعتصماه' فسمع المعتصم بالخبر وجهز جيشا وفتح
عمورية.
وفيه انتصر نور الدين زنكي على الصليبيين وفيه استرجع بيبرس أنطاكية
من الصليبيين وفيه فتح المسلمون مدينة بلغراد، وفيه تحققت العديد من
الانتصارات.
فهل جعلنا من رمضان هذا العام بوابة لعودة الإسلام لقيادة العالم من
جديد، هل جعلناه بداية خيط آخره عز الإسلام والتمكين.
أحبتي في الله؛ إن رمضان شهر تصفد فيه الشياطين، وتسمو أرواح
المؤمنين، ويعلو صوت الحق المبين، ويملأ القرآن آذان المحبين، وحناجر
العابدين، وقلوب الصالحين، ففيه الفرصة سانحة لبداية جديدة، وهو باب
مفتوح لطريق واسع من الأمل، وهو مصباح منير لنمشي سوياً طريق التمكين،
ونضع أقدامنا على بداية جسر النصر المبين فتقدم تقدم ولا تكن من
القانطين.
واعلم أخي الحبيب أن النصر دروب، فيمكننا صنع بداية نصر الأمة كما
يمكننا صنع النصر لأنفسنا مستعينين بالله، ولنجعل رمضان حافزاً لنا
لتحقيق كلا النصرين نصر الأمة وانتصارنا الشخصي، فكما يفرح المؤمنون
بنصر الله كذا يفرح المرء بتحقيقه للنصر، حتى ولو انهزم الجميع، فترى
الرجل يصنع النصر في ظل انهزام كل من حوله، وترى الرجل يصنع النصر في
أشد وأحلك الأزمات.
وإليك هذا الحديث، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه
قال : "لما طعن حرام بن ملحان وكان خاله، يوم بئر معونة فقال بالدم
هكذا فنضحه على وجهه ورأسه ثم قال فزت ورب الكعبة".
انظر إلى حرام كيف حقق النصر الشخصي في أحلك المواقف فالظاهر للعيان
أنه خسر كل شيء بفقدان حياته، حيث لا يوجد أغلى للإنسان من نفسه التي
بين جنبيه فبفقدانها خسر كل شيء، ولكنه فاز وانتصر في معركته الشخصية،
فاز بمقعد صدق عند مليك مقتدر، فهلا وقفنا مع أنفسنا وتوكلنا على ربنا
لنصنع النصر بإذنه ولو خسر الجميع ولو في أحلك المواقف؟؟.
لما طعن علي رضي الله عنه وأرضاه وكان أيضاً في رمضان قال فزت ورب
الكعبة، بعدما رأى الدم يفور من رأسه ليغطي جسده الشريف.
مع أن الظاهر خسارة للدين فهو إمام المسلمين ورابع الخلفاء الراشدين،
لكنه حسبها بحساب آخر بحساب الربح والخسارة، ألا إن سلعة الله غالية
ألا إن سلعة الله الجنة، فهلا اشتريناها، وهلا دفعنا مهور الحور، أخي
رمضان أقبل فأقبِل على ربك ومولاك، وودع ليل الغفلة وقل يا نهار النصر
أهلاً.
وإلى الإيمان ومع الإيمان من جديد.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
محمد ابراهيم
منذعبدالله
منذ