هل المطالبة بالشريعة خروج

منذ 2007-05-26

وبين ذا وذاك تقمع الأنظمة أي محاولة تطالب بالعودة بالأمة إلى مجدها وعزتها، ويرجع ذلك حتماً وبلا ريب لخوف الأنظمة من أن الشعوب ستلفظها عند تطبيق الشريعة لما يعتريها من فساد ومخالفات صارخة ما قامت تلك الأنظمة إلا بها وما تقتات إلا عليها، من قمع للحريات


بسم الله الهادي إلى سواء السبيل ..

      منذ سقوط الخلافة الإسلامية على اليد المارق أتاتورك، ومع التنازل التدريجي للدول الإسلامية الواحدة بعد الأخرى عن تطبيق شريعة الرحمن، والأمة تقبع في سرداب مظلم من التيه لا تستطع منه خروجاً ولا تهتدي فيه لنور يأخذ بيدها لآخر أو مخرج.

ومن هنا بدأت المطالبات المتكررة بتطبيق الشريعة الإسلامية والتي اختلفت باختلاف طبائع وثقافات من تبناها وباختلاف بلدانهم، فبعضها صاحبه عنف غير منظم، وبعضها صاحبه تنظيم لمعارضة لم ترق للمستوى المأمول من التأصيل الشرعي الصحيح، والبعض اكتفى بالدعوة لتطبيق الشريعة والعودة إليها ولكن في صمت رهيب كصمت القبور، وتقاعس عن النزول للجماهير العطشى، والذوبان في مطالبها بالرجوع لشرع ربها.

وبين ذا وذاك تقمع الأنظمة أي محاولة تطالب بالعودة بالأمة إلى مجدها وعزتها، ويرجع ذلك حتماً وبلا ريب لخوف الأنظمة من أن الشعوب ستلفظها عند تطبيق الشريعة لما يعتريها من فساد ومخالفات صارخة ما قامت تلك الأنظمة إلا بها وما تقتات إلا عليها، من قمع للحريات وبطش بالإصلاحيين من ومتى وجدوا لتستأثر بالحكم دونما نظر لتلك الشعوب المحكومة التي لا تجد من حكامها إلا الفتات.

وفي هوجاء هذه الفتن تخرج أفواه تبدع كل من يطالب بالرجوع بالأمة إلى شريعة ربها وتتهمه بالخروج على الحكام والوقوع في بدعة التكفير دونما أدنى نظر للظرف الطارئ ودونما أي فصل بين المطالبة بالشريعة والخروج على الحاكم.

والحق هو قول أهل الوسط أهل السنة في كل مكان وزمان، فهم يدرؤون المفاسد المترتبة على الخروج عن الحكام والمواجهات غير المتكافأة، كما أنهم لا يغفلون عن ضرورة العودة بالأمة إلى الشريعة من خلال إعادة الوعي لأبنائها وبث روح العمل وتصحيح الاعتقاد فيهم وعدم الملل من مطالبة الحكام بتصحيح أوضاعهم ومصالحة شعوبها بإرضاء ربهم وخالقهم.

والعجب كل العجب أن الحكام يحتجون بتنازلهم عن شريعتهم إما لخوفهم على كراسيهم أو اعتذاراً بوجود الأقليات الغير مسلمة.

فأما الأولى فالعكس هو الصحيح فلم ولا تزال كراسيهم في خطر في ظل تنازلهم عن تطبيق الشريعة، نظراً لما يعتريهم من تهديدات من جماعات جنحت لاستخدام القوة أو من خلايا تحاول الانتقام من ظلمهم وبطشهم بل حتى من ماركسيين أو شيوعيين ملوا من ضعف حكامهم وتسلطهم، ولو طبق هؤلاء شريعة الرحمن لنالوا الأمن والأمان، ولوفروا على أجهزة أمنهم الكثير والكثير من المواجهات.

وأما الثانية وهي احتجاجهم بالأقليات غير المسلمة، وارتماؤهم في أحضان الديموقراطية، فديموقراطيتهم نفسها أثبتت مطالبة الجماهير بالإسلام، عار عليهم أن يغفلوا مطالب الأكثرية الساحقة من أجل أقليات لن يضيرها تطبيق الشريعة، بل بالعكس الشريعة الإسلامية تحترم حرياتهم أكثر من شرائعهم أنفسهم.

أما لو احتج الحكام بخوفهم من القوى الغربية وبطشهم بها، فوالله ما حدى بقوى الغرب إلى ما هم فيه الآن من تسلط إلا عدم احترام الحكام لشريعتهم ورغبات شعوبهم فلما هانوا على أنفسهم هانوا على الناس، ولو رجعوا لسر قوتهم وسبيل قيامهم من رقدتهم لملئوا عيون العالم وقاراً وهيبة ولكن ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.

وقد بينت في مقال سابق بعنوان إلى مفجر وحاكم، بأن حكام المسلمين لو طبقوا فوق رؤوسنا شريعة ربنا لصرنا خدماً لهم، ولن يضرنا ذلك ولن يضيرنا أن نصير لهم خداماً إذا ما صاروا للرحمن أولياءً، ولكن القوم ركنوا إلى دنياهم وقدموها على دينهم فلنا ولأمتنا الله وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وأختم بإهداء هذه الآيات البينات لحِام الأمة وعامتها.

{ فإنْ تنازعتُم في شيءٍ فرُدّوه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً }
{ فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يُحكِّموك فيما شَجَر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيتَ ويُسَلِّموا تسليمًا }
{ أَلمْ تَرَ إلى الذينَ يَزْعُمونَ أنّهم آمنوا بما أُنْزِلَ إليكَ وما أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ يُريدونَ أنْ يتحاكموا إلى الطاغوتِ وقدْ أُمِروا أنْ يكفُروا به ويُريدُ الشيطانُ أنْ يُضلّهم ضلالا بعيدًا }

{ أَفَحُكمَ الجاهليةِ يَبْغونَ ومَنْ أحسنُ مِن اللهِ حُكمًا لِقومٍ يُوقِنون }
{ وأنِ احْكُمْ بَيْنهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ولا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ واحْذَرْهُم أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إليك }
{ فَإنْ جاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُم أوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وإنْ تَعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وإنْ حَكَمْتَ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ }

{ ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرون }
{ ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظالِمُون }
{ ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقون }


أبو الهيثم

محمد أبو الهيثم

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 15
  • 0
  • 12,211
  • ابى مصطفى المهاجر

      منذ
    [[أعجبني:]] نسال الله علاى القدير ان يحكم فينا شرعه و ان تسود الشريع الاسلاميه فى كل بلاد المسلمين
  • Ahmed Hamdi

      منذ
    [[أعجبني:]] ان الحكام يرفضون تطبيق شرع الله لان شرع الله يامر بالعدالة بين الناس والمساواة وهذا يتناقض مع تزجهاتهم التى لا تخدم الا طبقة واحدة فقط تحصل على الكعكة كاملة وتترك الفتات للفقراء
  • أبوحمزة الدمشقي

      منذ
    [[أعجبني:]] إنه قول حق ولقد صدق الكاتب فيما قال ولكن المشكلة هو أن الحاكم يقتل كل من يطالب بإقامة الشريعة ونراه يسخر من بطانته وإعلامه ليشوه سمعة كل من يطالب بعودة الخلافة ليجعل منهم وحوش مجرمين ويستغل جهل العوام بالدين ليحرك مخاوفهم هذا من جهة ومن جهة أخرى نرى أن العلماء قسما منهم التزموا الصمت ولن نظلمهم فنحن لسنا في قلوبهم لنعلم مابها ولكن لانرى إلا آثار النعم عليهم , وقسم آخر لم نعد نسمع إلا أنهم في السجون أو تحت الإقامة الجبرية أو أنهم منعوا من الإمامة والخطابة ومؤخرا نسمع أن منهم من اتهم زورا بأنهم اشتركوا بأعمال تخل بأمن الدولة كما يزعم البعض . الذي يجب عمله هو أن يتعلم المسلم الدين الصحيح لا أن يتعلم الدين كما يريد الحاكم . الحاكم يريد مسلما يصلي ويصوم ويحج ويدفع الزكاة كل هذا مسموح وليس بمشكلة ولكن بمكاتب تابعة للدولةوليس للجمعيات الخاصة لجمع الزكاة وإياك أن تفقه نفسك بالدين أو تسأل عن الولاء والبراء أو حرمة دم المسلم وإياك أن تسأل عما يخرج المرئ من الملة والويل لك إن سألت عن الإستعانة بالكافر على المسلم وأنت مقتول إن سألت عن الجهاد وأنواعه ,يريدون مسلما لامانع لديه من أن يحضر احتفالات سوبرستار ومن أن يحضر احتفالات مختلطة لأعياد الميلاد ورأس السنة. الذي نحن بحاجة له هو التوعية يجب علينا أن نوعي المسلمين عما يجهلونه من الدين , عما منعوه عنهم أن يتعلموه لكي نصنع رجالا لايخافون في الله لومة لائم. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون
  • المداوي

      منذ
    [[أعجبني:]] الاخ أبا الهيثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدى العبد الفقير مجموعة من التساؤلات ومثلها من النقاط التي احب ان اطرحها معكم حول مقالكم الكريم بداية فان اول ما لفت نظري في المقال هو عنوانه واكثر ما لفت نظري في العنوان هو لفظة (خروج) التي تحتويه وقد تساءلت في نفسي اي خروج يقصد الاخ صاحب المقال ! ونحن نعلم ان للخروج معان عدة فمنها المعنى اللغوي وهذه عادة تاتي على صيغة خروج على, او خروج من, او خروج عن. ولا اظنكم تقصدون المعنى العربي ولها ايضا معنى اصطلاحيا عند اخوتنا في جماعة الدعوة والتبليغ وهي عبارة عن الخروج(السفر) لدعوة الناس الى الاسلام سواء كان ذلك في بلاد المسلمين ام في بلاد الكفار وهذا عادة ما يتم بشكل فردي. ولا اظنك تقصد هذا المعنى ايضا وللفظة معنى شرعي يذكر في كتب الفقه على صيغة (الخروج على الحاكم) واظنكم انما اردتم هذا المعنى وقولكم (فهم يدرؤون المفاسد المترتبة على الخروج عن الحكام والمواجهات غير المتكافأة،)يدلل على ذلك. ان كان فهم العبد الفقير صحيحا فاني اتبعه بتساؤل, وهو :هل يتفق اخي ابو الهيثم معي بان الحكام هؤلاء لا يحكمون بالاسلام !!؟؟ وان الديار الان ديار كفر؟!! هذه نقطة مهمة حتى ندمث لنا ارضية تصلح للبناء عليها. هذه نقطة اما النقطة الثانية فهي انكم اخي طرحتم المشكلة ولم تطرحوا الحل نعم نحن نعاني من مشكلة مزلزلة وهي اقصاء الشرع عن الحكم ,هذا وصف لواقع لكننا ايضا نحتاج الى بيان لطريقة تطبيق الشريعة ,وبمعنى اخر نحتاج الى بيان الطريق المطلوب السير فيه للوصول الى هذا الهدف, والا بقيت مسالة تطبيق الشريعة فكرة نظرية محشوة في بطون الكتب وعلى ظهور المقالات. ناهيك عن ان عبارة تطبيق الشريعة في حد ذاتها فكرة غير واضحة وهي تحتاج الى بيان وتوضيح ,واهم ما يوضحها هو تحديد هيئة نظام الحكم بحسب الشرع,حينها فقط يصبح موضوع تطبيق الشريعة اكثر وضوحا للاذهان ,ولا توصي حريصا... بقيت نقطة اخيرة احببت ان اهمس بها في مسامع اخي ومفادها ان هؤلاء الحكام الذين ينعقد موضوع مقالكم عليهم وعلى صلاحهم لا امل فيهم يرتجى,وهم قد تخندقوا في مواطن الذين كفروا و والوهم من دون الله ورسوله واضعف الايمان لمن اراد ان يعمل لهدايتهم الى تطبيق الشريعة ان ينكر عليهم ويغير, اما الكلام العام فلا ينفع معهم فهؤلاء قوم لا احساس لهم ولا مشاعر. وطريقة اصحابنا في نصحهم سرا ومن وراء جدر لا تنتج معهم , فضلا عن انها مخالفة للاسلام ابتداء. فمن اراد ان يصلح حال حكام المسلمين فعليه بالتمعن في قوله صلى الله عليه وسلم (سيد الشهداء حمزة ورجل قام الى امام جائر فامره ونهاه فقتله) او كما قال صلى الله عليه وسلم. اما تعليل النفس بالربح السهل وامكانية هداية الحكام بطريقة النصح الذي يتحدث عنه اصحابنا فهو غير منتج لا شرعا ولا عقلا. ان اتفقنا على فهم معين حول هذه النقاط الثلاث فان الباقي علينا يسير. والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته العبد الفقير
  • ابو عمار

      منذ
    [[أعجبني:]] لقد وضع الكاتب اصبعه على جرح مازال ينزف فان وجد طريقة للمطالبة بتطبيق الشريعة لا يختلف فيها عالمين فالرجاء ان يدلنا عليهاوبارك الله فيك على الاجتهاد.
  • أبو عبد الله

      منذ
    [[أعجبني:]] أنه لا نجاة ولا سعادة في الدنيا والآخرة إلا بالتشبث بكتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى "والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة" فقال يمسّكون بالتشديد أما السذج السطحيون الذين هم على هامش الحياة فلابد أن يؤخذ على أيديهم. [[لم يعجبني:]] غفلة ذكر منهج العلماء الصالحين مع الحكام الفساق من الشدة معهم والجهر بالحق في وجوههم
  • أبو البدع

      منذ
    [[أعجبني:]] أنا سلفي وأقول لأمثالك ، السلفية عندكم الانبطاح أمام القوي ، كان حاكماً ذلك القوي أو محتل ، السلفية عندكم أكل البيتزا هت و المكدونالدز وشرب البيبسي كولا وأما المقاطعة فهي بدعة إخوانية والجهاد خروج ابتدعه التكفيريون ، لا تعرف الشدة إلا أمام المسلمين ممن تسميهم مبتدعة ، إما أمام الفجار والمحتلين لا نجد إلا (إدفع بالتي هي أحسن ).
  • المهندس السلفي المصري

      منذ
    [[أعجبني:]] الشيخ الفاضل لا خلاف علي ما ذكرت ولكن الخلاف هو في الطريقة المُثلي للمُطالبة بتطبيق الشريعة ، هل تكون علي الملاء وعلي المنابر أم تكون عند السُلطان الجائر ، هل تكون من خلال المُظاهرات وإثارة العوام أم من خلال الدعوة بالحسني والرسائل الهادفة
  • محمد نبيل رجب

      منذ
    [[أعجبني:]] شمو لها-سوق الد ليل من القر ان
  • ابوعلى

      منذ
    [[أعجبني:]] اعتقدوالله اعلم ان من الاسباب القويه لعدم تطبيق الشريعه فى بلدنا خوف الحاكم من الغرب ويبحثون عن العزة فى ركابهم ونسوا قول الله تعالى 0اتبغون عندهم العزه فان العزة لله جميعا0صدق الله العظيم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً