مراتب الشجاعة وصورها

منذ 2014-02-17

"أوَّل مراتبهم الهُمام؛ وسمي بذلك لهمته وعزمه، وجاء على بناء فُعَال كشجاع، الثاني المقدام؛ وسمي بذلك من الإقدام، وهو ضد الإحجام، الثالث الباسل: وهو اسم فاعل من بسل يبسل، كشرف يشرف، والبسالة الشَّجَاعَة والشدة، الرابع البطل: وجمعه أبطال، الخامس: الصِنديد بكسر الصاد".

مراتب الشجعان:
تحدث ابن القيم عن مراتب الشجعان فقال:
"أوَّل مراتبهم الهُمام؛ وسمي بذلك لهمته وعزمه، وجاء على بناء فُعَال كشجاع.
الثاني المقدام؛ وسمي بذلك من الإقدام، وهو ضد الإحجام وجاء على أوزان المبالغة، كمعطاء، ومنحار، لكثير العطاء، والنحر، وهذا البناء يستوي فيه المذكر والمؤنث، كامرأة معطار كثيرة التعطر، ومذكار تلد الذكور.
الثالث الباسل: وهو اسم فاعل من بسل يبسل، كشرف يشرف، والبسالة الشَّجَاعَة والشدة، وضدها فشل يفشل فشالة، وهي على وزنها فعلًا ومصدرًا وهي الرذالة.
الرابع البطل: وجمعه أبطال وفي تسميته قولان:
أحدهما: لأنَّه يبطل فعل الأقران، فتبطل عند شجاعة الشجعان، فيكون بطل بمعنى مفعول في المعنى؛ لأنَّ هذا الفعل غير متعد.
والثاني: أنَّه بمعنى فاعل لفظًا ومعنى؛ لأنَّه الذي يبطل شجاعة غيره فيجعلها بمنزلة العدم، فهو بطل بمعنى مبطل. ويجوز أن يكون بطل بمعنى مبطل بوزن مكرم، وهو الذي قد بطله غيره، فلشجاعته تحاماه النَّاس، فبطلوا فعله باستسلامهم له، وترك محاربتهم إياه.
الخامس: الصِنديد بكسر الصاد" (الفروسية: 503).

صور الشَّجَاعَة:
1- الإقدام في ساحات الوغى في الجهاد في سبيل الله، والاستهانة بالموت.

2- الجرأة في إنكار المنكر وبيان الحق:
قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد، كلمة عدلٍ عند سلطانٍ جائر» (رواه أبو داود: 4344، والترمذي: 2174 بلفظ: «أعظم» بدلا من «أفضل»، وابن ماجه: 3256 من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه، وحسن إسناده ابن الملقن في (شرح البخاري) (19/180)، وحسنه ابن حجر في (الأمالي المطلقة) (196)، وقال أحمد شاكر في (عمدة التفسير) (1/716): فيه عطية العوفي ضعيف. ولكنه ثابت ضمن حديث مطول بإسنادين صحيحين، وصححه الألباني في((صحيح سنن أبي داود) (4344). ورواه ابن ماجه (3257)، وأحمد (5/251) (22212)، والطبراني (8/282) (8081). من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. حسنه البغوي في (شرح السنة) (5/314)، وصحح إسناده المنذري في (الترغيب والترهيب) (3/229)، والشوكاني في (الفتح الرباني) (11/5447)، وحسنه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه) (3257)، والوادعي في الصحيح المسند 482).

3- الشَّجَاعَة في الأعمال التي تحتاج إلى تحمل المخاطر ورباطة الجأش: كرجال الشرطة، ورجال الإطفاء، وعمال المناجم، وغيرهم.

4- حضور الذهن عند الشدائد:
من أكبر مظاهر الشَّجَاعَة، حضور الذهن عند الشدائد، فشجاعٌ من إذا عراه خطبٌ، لم يذهب برشده، بل يقابله برزانة وثبات، ويتصرف فيه بذهن حاضر، وعقل غير مشتت (الأخلاق الإسلامية لجمال نصار. بتصرف ص 206).

5- الشَّجَاعَة الأدبية:
والمراد بها أن يبدي الإنسان رأيه، وما يعتقد أنَّه الحق، مهما ظنَّ النَّاس به، أو تقوَّلوا عليه، فيقول الحق بأدب، وإن تألَّم منه النَّاس، ويعترف بالخطأ، وإن نالته عقوبة، ويرفض العمل بما لا يراه صوابًا (الأخلاق الإسلامية لجمال نصار. بتصرف ص 206).

وسائل اكتساب خلق الشَّجَاعَة:
1- اللجوء إلى الله بالدعاء والإكثار من الذكر:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} [الأنفال:45].
للعلماء في هذا الذكر ثلاثة أقوال:
الأول: اذكروا الله عند جزع قلوبكم، فإن ذكره يعين على الثبات في الشدائد.
الثاني: اثبتوا بقلوبكم، واذكروه بألسنتكم، فإن القلب لا يسكن عند اللقاء ويضطرب اللسان، فأمر بالذكر حتى يثبت القلب على اليقين، ويثبت اللسان على الذكر، ويقول ما قاله أصحاب طالوت: {وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 250]، وهذه الحالة لا تكون إلا عن قوة المعرفة، واتقاد البصيرة، وهي الشَّجَاعَة المحمودة في النَّاس.
الثالث: اذكروا ما عندكم من وعد الله لكم في ابتياعه أنفسكم ومثامنته لكم (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/23).

2-ترسيخ عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر، وأن الإنسان لن يصيبه إلا ما كتب الله له.
3- ترسيخ عقيدة الإيمان باليوم الآخر.
4- غرس اليقين بما أعده الله من النعيم في الجنة، للذين يقاتلون في سبيل الله.
5- التدريب العملي بدفع الإنسان إلى المواقف المحرجة، التي لا يتخلص منها إلا بأن يتشجع.
6- الاقتناع بأن معظم مثيرات الجبن، لا تعدو كونها مجرد أوهام لا حقيقة لها.
7- القدوة الحسنة وعرض مشاهد الشجعان، وذكر قصصهم.
8- إثارة دوافع التنافس، ومكافأة الأشجع بعطاءات مادية (الأخلاق الإسلامية لعبد الرحمن الميداني. بتصرف 2/568).
 

المصدر: الدرر السنية
  • 4
  • -4
  • 17,135

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً