مقدمة في معالِم الطريق
اقتبس المسلمون الأوائل ما احتاجوا إليه من علومٍ عن خصومهم، ولكنهم -وهم يفعلون ذلك- لم يحنوا رؤوسهم أبدًا ولم يشعروا بالهزيمة النفسية أو الحضارية... واليوم؛ يدور الزمان دورته، ويبدأ الوجه الكالِح للقرون الأخيرة في الانحسار، ويبزغ فجر جديد؛ ففي كل مكان من ربوع العالم الإسلامي يعود الناس إلى دينهم وفي كل بلد حركات بعث إسلامي.
- العالم الإسلامي يمرُّ بمرحلةٍ من أسوأ مراحله: "التِّيه".
- لماذا هي من أخطر المراحل إن لم يكن أخطرها؟
لأن المسلمين في كل ما مرَّ بهم من مِحنٍ ونكباتٍ لم يكن صدى الهزيمة في نفوسهم هو الشك في الإسلام ذاته كعقيدة أو نظام حياة وحكم؛ لذلك لم يهِنوا حتى وهم مهزومون عسكريًا أمام أعدائهم.
أما الآن؛ فقد انحرف المسلمون بعيدًا عن حقيقة الإسلام، لا في السلوك وحده ولكن في التصوَّر كذلك:
● مفهوم لا إله إلا الله؛ تحوَّل إلى كلمة تقال باللسان، لا علاقة لها بالواقع ولا مقتضى لها في حياة المسلمين.
● مفهوم العبادة الشامل؛ انحصر في شعائر التعبُّد.
● مفهوم القضاء والقدر؛ تحوَّل من قوة دافعة رافعة إلى قوة مُخذِلة مُثبِّطة.
● مفهوم الدنيا والآخرة -الذي يجعل الدنيا مزرعة الآخرة-؛ تحوَّل إلى فصلٍ كامل بينهما، فمن أراد هذه أضاع الأخرى.
● عمارة الأرض؛ أُهمِلَت فخيَّم على بلاد المسلمين الجهل، والفقر، والتخلُّف الحضاري.
- اقتبس المسلمون الأوائل ما احتاجوا إليه من علومٍ عن خصومهم، ولكنهم -وهم يفعلون ذلك- لم يحنوا رؤوسهم أبدًا ولم يشعروا بالهزيمة النفسية أو الحضارية.
كان سلوكهم المستعلي بالإسلام واضحًا في طريقة الأخذ وكان أوضح ما يكون في خصلتين:
1- لم تنهزم أرواحهم نفسيًّا قط تحت ضغط الحاجة.
2- كان النقل والأخذ على بصيرة؛ فلا ننقل إلا نافع وحلال.
أما اليوم في حركة النقل الأخيرة؛ فقد كان الأمر جَدُّ مختلف؛ وذلك لأن الإسلام لم يَعد محور ارتكاز المسلم المعاصر.
- واليوم؛ يدور الزمان دورته، ويبدأ الوجه الكالِح للقرون الأخيرة في الانحسار، ويبزغ فجر جديد؛ ففي كل مكان من ربوع العالم الإسلامي يعود الناس إلى دينهم وفي كل بلد حركات بعث إسلامي.
وفي الطريق؛ عقبات كؤود تعوق المسيرة لكنها لا تمنع المسير منها:
1- جهل الناس بحقيقة الإسلام تصوُّرًا وسلوكًا.
2- الغزو الفكري الذي يُزيِّن للمسلمين كل ما يزيد بعدهم عن حقيقة الإسلام.
3- العداوات المرصودة للإسلام والمسلمين خاصةً المتدينين منهم، ومن يحمِلون همَّ الإسلام.
ومع ذلك فإن المبشِّرات أعظم وأكثر.
الصحوة ذاتها بُشرى من أعظم البشريات؛ إذ تجيء بعد كل ما بذله أعداء الإسلام للقضاء على هذا الدين، والعجيب أنها تجيء والبشرية في لحظةٍ تاريخية: لحظة البحث عن المخلص بعد أن يأست من ماديتها المدمِّرة.
والمؤكد؛ أنه لن يخرج المسلمين من أزمتهِم الأخيرة إلا ما أخرجهم من كل أزماتهم السابقة، ولن يرفع عنهم إصرهم والأغلال التي صارت عليهم ويردهم إلى عِزَّتِهم ومجدهم إلا العودة الصحيحة إلى الدين الذي أعزَّهم الله به.
والمؤكد أيضًا؛ أن الأمر لن يكون نُزهة سهلة في طريق مُعبَّد مفروش بالورود، بل هي رحلة شاقة في طريق مملوء بالدم والدمع والشوك والألم، إنها الغربة الثانية بكل وطأتها...
فطوبى للغرباء!
تلخيص مقدمة: (واقعنا المعاصر - محمد قطب).
قام بتلخيصها: خالد الشافعي
- التصنيف: