تاريخ المسلمين في البرازيل - الشيخ عبد الرحمن البغدادي في بلاد السامبا (الجزء الثالث)
زيارةُ الشيخ عبد الرحمن البغدادي للبرازيل عام 1866م تُعتَبر أوَّل زيارة لعالِمٍ عربي مُسلِم للمسلمين في دولة البرازيل، سجَّل الشيخ خِلالَها ووصَفَ بدقَّةٍ أخلاقَهم وحَياتهم، وممارساتهم وتفاعُلاتهم المختلفة، وحاوَل من خِلال برنامجٍ تربوي إسلامي التغلُّبَ على مُعظَم المصاعب والأمراض الأخلاقيَّة التي أصابت عددًا كبيرًا من مُسلِمي البرازيل.
زيارةُ الشيخ عبد الرحمن البغدادي للبرازيل عام 1866م تُعتَبر أوَّل زيارة لعالِمٍ عربي مُسلِم للمسلمين في دولة البرازيل، سجَّل الشيخ خِلالَها ووصَفَ بدقَّةٍ أخلاقَهم وحَياتهم، وممارساتهم وتفاعُلاتهم المختلفة، وحاوَل من خِلال برنامجٍ تربوي إسلامي التغلُّبَ على مُعظَم المصاعب والأمراض الأخلاقيَّة التي أصابت عددًا كبيرًا من مُسلِمي البرازيل.
من الأمور المهمَّة التي سجَّلها الشيخ البغدادي خلال مشاهداته: الحديثُ عن الأمم المتوحِّشة من بني أمريكا، ويقصِد بهم سكَّان البرازيل الأصليين "الهنود الحمر"، فقد عَلِمَ أنهم يعيشون وسط الغابات المتشابِكة، ويأكلون لحومَ البشَر، وأنهم قد بلَغُوا في عِلم المداواة بالأعشاب مَبلَغًا فاقَ أفلاطون وابن سينا.
وقد التَقَى الشيخ أثناء وجوده في مدينة ريو دي جانيرو بطبيبٍ من أصولٍ إفريقية كان قد عاش فترةً من الزمن مع هؤلاء الهنود، وتعلَّم منهم طريقة استخدام الأعشاب وفوائدها المختلفة، وكانت فرصةً للبغدادي ليطَّلع على أمورِهم ويتعرَّف على أحوالهم، وذلك من خِلال حوار دارَ بينه وبين ذلك الطبيب، يقول الشيخ: "وقد اجتمعتُ معه وسألتُه عمَّن يَسُوس أمرَهم ويرجع إليه حلهم وعقدهم، فقال: أشدُّهم سحرًا أنفذُهم أمرًا، وليس لهم دِين يرجعون إليه بالكليَّة، ولا تفاخر بمتاع الدنيا الدنيَّة، بل تفاخُرهم بجميل نشاب وقوس وحراب بهيَّة، ووحوش غريبة وكواسر يقتنونها فتحرسهم وتجلب لهم الخير، وتكلَّم أمامي بلغتهم فإذا هي كصفير الطيور".
رغم أنَّ الحديث عن تلك الأمم غريبٌ وعجيبٌ وشيِّق، ولكنَّ الذي لفت نظرَ الشيخ البغدادي بصِفته عالِمًا مسلمًا وداعية إلى الله هو كيفيَّة دعوة "الهنود الحمر" إلى الإسلام، فقد علم من خِلال حديثه مع الطبيب الإفريقي أنَّ الهنود ليس لهم دينٌ يرجعون إليه بالكليَّة، يقول في مخطوطته: "وكم خطَر لي الذهاب إليهم لألقي دين الإسلام عليهم فيمنعونني[1] المسلمون ويقولون لي: إنَّ هذه الأمم لا يقبَلُون سيما ولا تعرف لسانهم، فربما يبطشون فيك، فدعْ ما لا يعنيك؛ لئلاَّ ترى ما لا يرضيك"، وهذا دليلٌ على ما كان يتَّصف به هذا العالِم الجليل من حِرصٍ على الوصول بدعوة الله تبارك وتعالى إلى كلِّ أرجاء البرازيل، حتى تلك الأماكن المجهولة، والعجيب في أيَّامنا أنَّه مع وجود وسائل الاتِّصال الحديثة ومعرفة الكثير عن هؤلاء الهنود، إلا أنَّه -وعلى حسَب علمي- لم يتمَّ عرض مَبادئ وتعاليم الإسلام على هذا الشعب، وهذه مسؤوليَّة المسلمين في كلِّ مكان.
المسلمون في "مدينة باهيا"
تلقَّى الشيخ البغدادي دعوةً لزيارة المسلمين في مدينة باهيا[2] من خِلال وفدٍ جاء خِصِّيصَى من أجْل دعوته للإقامة بين المسلمين هناك بهدف تربيتهم وتعليمهم شَعائرَ الإسلام، وهذا يدلُّ على مَدَى التنظيم والترابُط والتواصُل الذي كان يحكُم علاقة المسلمين بعضهم ببعض في دولة البرازيل، يقول الشيخ: "ثم انتقلتُ من ريو دي جانيرو إلى بلدة أبائيَّة -بتشديد الياء المفتوحة على وزن عربية- وذلك لأنه أتى رجال منها لطلبي"، هذه البلدة كانت مشهورةً بتصدير طير "الببغاء" وقد أهدى المسلمون طائرًا للشيخ، وكان الشيخ حريصًا على ترديد الأذان داخل البيت ممَّا جعل الببغاء يُردِّده خلفه؛ "وأتوا إليَّ بطائر منها، فعلقته عندي مدَّةً من الزمان، وتكرَّر سماعُه الأذان منِّي فحفظه بالعيان؛ لأنَّه سريع الفهم والتقليد، ولا يجيب عن الماضي بالتأكيد".
أحوال المسلمين في باهيا
كما هي عادَتُه، أعطى الشيخ أهميَّةً لإحصاء أعداد المسلمين في باهيا، يقول: "في هذه البلدة من المسلمين أكثر من الأولى"، وهذا مؤشرٌ يدلُّ على أنَّ تعداد المسلمين قد تجاوَز 24 ألفًا في مدينة باهيا، وما وصلنا إليه نستَنتِجُه من خِلال الاستعراض الدقيق للمخطوطة؛ حيث ذكر الشيخ أنَّ عددَ المسلمين في مدينة ريو دي جانيرو 5 آلاف، وأنَّ الذين اعتنَقُوا الإسلام خِلالَ فترة وُجودِه هناك بلَغُوا 19 ألف مسلم، فيكون مجموع المسلمين 24 ألفًا، وهذا العدد ليس كبيرًا، فكلُّ المتابعات التاريخيَّة التي بدَأت تتكشف في الآوِنة الأخيرة تدلُّ على وجود أمَّة إسلاميَّة كبيرة وقويَّة في ذلك الوقت داخل دولة البرازيل، ولكن تَكالبَتْ عليها عواملُ مختلفة عملت على القَضاء عليها وإقصائها من التاريخ ومن ذاكرة الأحداث داخل دولة البرازيل.
ذكر الشيخ أنَّ رغبة المسلمين في تعلُّم الإسلام في مدينة باهيا أقلُّ من رغبة المسلمين في مدينة ريو دي جانيرو، وأنَّ أحوالهم تتماثَل مع أحوالهم في الجهل في الدِّين، وينفردون ببعض الأمراض الأخلاقيَّة عن مسلمي ريو دي جانيرو.
من هذه الأمراض طريقتهم في الزواج؛ حيث كان الرجل إذا أراد الزواج قام باختيار امرأة للعيش معها فترةً من الزمن حتى تنجب منه، فإذا ظهر منها خِلال هذه الفترة أنها تكتم سرَّه وتُدبِّر أمره وتحبُّه يقوم بالعقد عليها وتكون زوجته، وإنْ وجدها خلاف ذلك أعادَها مع أبنائها إلى أبيها، وقد قام الشيخ بوضع حلٍّ لهذه المخالفات الشرعيَّة وقام بحملة توعية لهؤلاء الشباب ودعوتهم للتوبة، وكان مَن يتوب منهم يقومُ بتزويجه بعقد ومهر، وأخبرهم بأنَّ الله قد أباح الطلاق إذا وجدت الحاجة إليه، وقد كانت هذه الطريقة سببًا في إصلاح سُلوكيَّات الكثير منهم.
صامَ الشيخ شهرَ رمضان مع مسلمي باهيا، وشعر برغبتهم في أداء صلاة التراويح، فقام بأدائها مع المسلمين عشر ركعات من باب التسهيل عليهم، وكان هذا هو المنهج الذي اتَّبَعه الشيخ خلال إقامته في البرازيل، وهو حمْل الناس على المحافظة على إسلامهم بأفضل طريقةٍ، وعدم التشديد عليهم في أحكام الشريعة.
ولم يختلفْ وضع المرأة المسلمة في مدينة باهيا كثيرًا عن شكل وهيئة المرأة البرازيليَّة العاديَّة؛ فهي تمشي متبرِّجةً ولديها خلل في عقيدتها، كانت إحداهن إذا مات زوجُها أو أخوها أو أبوها تذهب للكنيسة وتتصدَّق على الرهبان، وتَطلُب منهم قراءة الإنجيل ووهب ثوابه للميت، ولقد بالَغ الشيخ في وعظهن والتلطُّف معهن حتى انتهَيْنَ عن هذه العادة السيِّئة التي تُخالِف شعائر وتعاليم الإسلام.
أمَّا أبناء المسلمين فكانوا يشبُّون على عقيدة النصارى ممَّا يجعلهم يعتنقونها، وقد حصَر الشيخ البغدادي أسبابَ اعتناق هؤلاء الأبناء للنصرانيَّة، فوجد أنَّ ذلك عائدٌ إلى تأثُّرهم بما يرَوْنه من مظاهر تبهر العيون خِلال احتفالات النصارى وما لديهم من كثْرة القسس، وما يُرافِق تلك الحفلات من مُوسيقى وحركات، وفي المقابل يجدُ والده وحيدًا في مخالفة هذا المدِّ الجارف، فيعتَقِدُ كذب أبيه، فيمشي وراء الأغلبيَّة في طريق الفساد والفجور.
وقد أشار الشيخ على الآباء بإقامة دورات تعليميَّة لأبنائهم داخل البيوت حتى يبلغوا سنًّا معيَّنة يكون فيها مُحصَّنًا ضد التأثُّر بما يراه من مظاهر الشرك؛ يقول الشيخ: "فأشَرتُ على بعض المسلمين أهل الغناء بحبس أطفالهم إلى تمام رشدهم وتعليمهم"، وقد قام المسلمون بتطبيق هذا المنهج حتى بدأ الصَّلاح يظهَرُ فيهم.
أقام الشيخ في مدينة باهيا عامًا كاملًا لا همَّ له ولا غاية سوى تعليم المسلمين أمور الشريعة الإسلاميَّة؛ "وأقمت بهذه البلدة نحو سنة لا شغل لي غير تعليم المسلمين وتهذيب أخلاقهم على حسب السَّعة والإمكان".
المسلمون في مدينة "برنامبوكو"[3]
بِناءً على رغبة المسلمين في هذه المدينة أيضًا وطلبهم لوجود الشيخ بينهم لتعليمهم وتهذيب أخلاقهم، سافَر الشيخ لتلك المدينة ووصف المسلمين فيها بأنهم أشدُّ نباهةً وفَطانةً من الذين عاشَرهم وعايَشهم في مدينتي: ريو دي جانيرو وباهيا، وكان يرشدهم لأمورِ الدِّين مسلمٌ اسمه يوسف، وصَفَه الشيخ بالنباهة والفطنة والعلم.
والمسلمون في تلك المدينة كانوا يُعانون من نفْس الأمراض السابقة التي أصابتِ المسلمين في البرازيل عُمومًا، غير أنَّ الشيخ ذكر أنَّ الدولة كانت لا تُضيِّق على مسلمي برنامبوكو كثيرًا، ومردُّ ذلك أنَّ المسلمين كانوا بارِعين في ممارسة الكهانة والتنجيم وضرب الرمل، وكان النصارى يعتَقِدون في توقُّعاتهم للمستقبل، بل ويعطونهم المال الوافر مُقابِل ذلك.
أقام الشيخ بينهم 6 أشهر، ومع قصر هذه المدَّة إلا أنَّه ظهَر فيهم استجابةٌ كبيرة لتعاليم الإسلام؛ "وفي مدَّة ستة أشهر ظهَر فيهم أهليَّة أحسن من الذين ما فارقوني في طول مدَّتي".
العودة للأوطان
بعدَ هذه الفترة الثريَّة والحافلة بالمواقف الدعويَّة المختلفة والدروس والعِبَر، سواء الشيخ أو المسلمون المقيمون في البرازيل، شعر الشيخ بحنينٍ إلى بلاد الإسلام، وسَماع صوت الأذان ومقابلة الأصدقاء والخلاَّن، فقرَّر السفر لزيارة أهله مع وعدٍ للمسلمين بالعودة إذا سمحت له الدولة العثمانيَّة؛ يقول: "وبما أنَّه قد تقرَّر عند ذوي العقول وأرباب الفِطَن، أنَّ من الإيمان حبَّ الوطن، مع ما شاهدته من التأثُّر على هؤلاء المسلمين وغُربة هذا الدين، جذبَتْنِي أزمة القَضاء والقَدر، وحرَّكتني دواعي الأرق والسهر، واشتاقَتْ نفسي لسَماع الأذان، ونظر المساجد والخلان، فاستأذنت المسلمين ووعدتهم الرُّجوع إنْ أرسلتني الدولة العليَّة العثمانيَّة لتلك الرُّبوع، وخرج لوداعي جمعٌ عظيم قدموا من سائر الأقاليم، وما كلَّفت المسلمين شيئًا في هذه المدَّة سوى ما أكلته وما شربته، وقهرًا عنِّي دفعوا أجرة الوابور الذي ركبتُه، وتوجَّهت قاصِدًا للبلاد الإسلاميَّة".
وبهذا نكون قد استعرَضْنا فترةً مهمَّة من تاريخ المسلمين في دولة البرازيل، كانت مجهولةً للكثيرين ممَّن درسوا تاريخ البرازيل، سجَّلَها لنا بكلِّ تفاصيلها عالِمٌ كبير من عُلَماء المسلمين، وأعتقد أنَّ المسلمين إذا استطاعوا التمسُّك بشعائر الإسلام خِلال الفترة التي تَلَتْ زيارة الشيخ البغدادي حتى وصول هِجرة المسلمين الحديثة للبرازيل -وهي فترةٌ لا تتجاوَز 50 عامًا- لكانَ لهم شأنٌ آخَر داخل دولة البرازيل، ربما كان سببًا في أنْ يكون هناك عددٌ كبير من أتْباع الدين الإسلامي.
ولكن من الواضح أنَّ المسلمين لم يستطيعوا مقاومة حملات التنصير المستمرَّة وضغط السُّلطات الحاكمة ومُعاقبتها لأيِّ مظهرٍ إسلامي، إضافةً إلى انعدام تواصُلهم مع الدول الإسلاميَّة، وعدم اهتمام تلك الدول بأمورهم، وقلَّة العلماء، كلُّ هذه العوامل أدَّت بلا شكٍّ إلى ذَوبان هؤلاء المسلمين بكلِّ ما حملوه من نورٍ وعلمٍ وحضارةٍ في نسيج المجتمع البرازيلي، ونشأة جيل جديد لا يَعرِف شيئًا عن الإسلام سوى أنَّ أجداده كانوا مسلمين.
المنهج الدعوي للشيخ البغدادي
مخطوطة "مسلية الغريب" غنيَّة بالدروس الدعويَّة للدُّعاة الذين يعمَلون وسط الأقليَّات المسلمة في العالم، ونستطيع اعتبارَها أنها أوَّل اجتهادٍ لعالمٍ مسلم في الأمريكتين، حيث تُقدِّم نمطًا متميزًا من الدعاة الذين يرغَبُون في الإصلاح والرُقِيِّ بوضْع المسلِمين.
ونستطيعُ استِخلاص بعض الدُّروس من رحلة الشيخ البغدادي للبرازيل:
1- تعليم العقيدة الإسلاميَّة للمسلمين وتوثيق صلتهم بالخالق جلَّ وعلا وتذكيرهم بعظمَتِة والهدف من خلقهم - هي البداية الناجحة لأيِّ داعية، وهذا ما بدَأ به الشيخ البغدادي دعوتَه داخل البرازيل.
2- تركيز الداعية وحرصُه على تعليم المسلمين أركانَ الإسلام وشعائره المختلفة، وقد بذَل الشيخ جُهدًا مُضنِيًا حتى حفظ المسلمون أركانَ الإسلام.
3- التدرُّج في عمليَّة التعليم وتصحيح الأخطاء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأفضل السُّبل والوسائل.
4- التدرُّج في النصح وقبول الآخَر كما هو؛ حتى يتمَّ صلاحه؛ فقد قبل الشيخ في البداية الأخطاء التي كان المسلمون يقومون بها، ثم بدأ بإصلاحها واحدةً تلوَ الأخرى بدون تعنيف.
5- حِرْصُ الداعية على توفير الكتب والمصاحف؛ لأهميَّتها في عملية التربية والتعليم، وقد استَطاع الشيخ أنْ يُعِيدَ للغة العربيَّة أهميَّتها ومكانتها في نُفوس المسلمين ويُوفِّر لهم نُسَخًا كثيرة من القرآن الكريم.
6- سَخاء الداعية وإنفاقُه من ماله في سبيل الدعوة إلى الله، واستغناؤه عمَّا في يد الناس - له أكبرُ الأثر في تأثُّر الناس بالداعية، فقد كان الشيخ البغدادي يُهدِي من ماله للمسلمين الجُدُد، ولم يُكلِّف المسلمين شيئًا خلالَ فترة إقامته.
7- الاهتمام بتربية الصغار وتنشئتهم على الإسلام، وخُصوصًا في بلاد الاغتراب، وقد أعطى الشيخ أولويَّة خاصَّة في تكوين مجموعاتٍ من أبناء المسلمين لكي يُربِّيهم ويُعلِّمهم، وأوصى الآباء بالاهتِمام بتربية أبنائهم وتمكين العقيدة الإسلاميَّة في نُفُوسِهم قبل اختِلاطهم بالمجتمع؛ حتى لا يتاثَّروا به.
8- فطنة وذكاء الداعية للمُؤامرات التي تستَهدِف المسلمين؛ حيث كانت هذه الفطنة سببًا في اكتشاف حِقْدِ المترجم اليهودي الخبيث، وإضلاله المتعمَّد للمسلمين في البرازيل.
9- «
» (متفقٌ عليه)؛ مبدأٌ عظيم من مبادئ الدعوة التَزَمَ به الشيخُ البغدادي خِلالَ دعوته لِمُسلِمي البرازيل.وبعدُ، فقد طوَيْنا صفحةً مهمَّة من تاريخ المسلمين في البرازيل، تُوجِب علينا أنْ نعمل على إبرازها وإقامة البحوث المختلفة حولها؛ لتكون سببًا في عودة أحفادهم إلى الإسلام، وهذا ما نُلاحِظه اليوم؛ حيث الكثير من البرازيليين الذين يعتنقون الإسلام يكون دافعهم هو دِراستهم ومعرفتهم أنَّ أجدادهم المسلمين كانوا ممَّن أسَّسوا دولة البرازيل، وأنهم حافَظوا على إسلامهم رغم كلِّ العقبات التي تعرَّضوا لها.
مرَّت سنواتٌ بعد زيارة الشيخ البغدادي بدَأتْ بعدها الهجرة العربيَّة للبرازيل عام 1882م، وكان مُعظَم مَن هاجروا من نَصارى بلاد الشام، فمتى هاجر المسلمون الجدد إلى البرازيل؟ وما هي دوافع هجرتهم؟ وأين تَمَركَزوا؟ ومتى بدَؤُوا في التفكير للحِفاظ على إسلامهم، هذا ما سنَعرِفُه في القسم السادس من (تاريخ المسلمين في البرازيل).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- هكذا وردت في المخطوطة، ولعله يريد فيمنعني المسلمون، وهي على لغة (أكلوني البراغيث).
[2]- (باهيا) واحدةٌ من الولايات السبع والعشرين الفيدراليَّة البرازيليَّة تقَعُ في الشمال الشرقي، وتُعتَبر أهمَّ ولايةٍ في الشمال الشرقي، وأهم جهة للسيَّاح، عاصمتها مدينة سالفادور، التي تُعتَبر ثالث أكبر عاصمة اكتظاظًا بالسكَّان في البرازيل.
[3]- ولاية (بيرنامبوكو) واحدةٌ من الولايات السبع والعشرين البرازيليَّة تقع في النصف الشرقي من شمال شرق البرازيل عاصمتها مدينة ريسيفي والتي تُعتَبر أقدم عاصمة في البرازيل؛ حيث أُسِّستِ المدينة في 1573م، ويقطنها 1.5 مليون نسمة، وتأتي بالترتيب الخامس في قائمة الاقتصاد البرازيلي.
خالد رزق تقي الدين
- التصنيف:
- المصدر: