ما هكذا تورد يا شيخ الإبل!

منذ 2014-04-19

كل من يطالع كتب المذهب الأشعري عبر مراحله المختلفة، ومفاصل التطور الرئيسية في المذهب يجد ما لا يحصى من الشواهد التي تبين انفراد الأشاعرة بمنهج خاص في قضية منهج التلقي، وكيفية الاستدلال على مسائل العقيدة، وضبط العلاقة بين النقل والعقل، ومنهجهم هذا مخالف لمنهج السلف..

أن يتبنى شيخ أو كاتب معتقدًا ما يعض عليه بالنواجذ، وينافح عنه ما استطاع، فذاك أمر بينه وبين ربه، وسوف يحاسبه سبحانه عليه يوم يقوم الناس لرب العالمين، لكن أن يصدر ذاك الشيخ في سبيل نصرة مذهبه أحكامًا جازمة قاطعة لا يتثبت فيها ولا يطيل التأمل، وكل ذلك في مسألة أدلتها من الوضوح بمكان ولا يكاد يمتري فيها من دقق النظر وأحسن التتبع، فذاك أمر مستنكر ومستتفز ومخالف لمنهجية العلم، وأعرافه المستقرة..

وقد استفزني فعلاً أن يقول بعض الأفاضل المتخصصين في الحديث -وهو الدكتور حاتم الشريف-: "إن الأشعرية لا يخالفون السلف في مصادر التلقي ومنهج التعامل معها"، ويقول أيضًا: "إن اتهام الأشعرية بتقديم العقل على النقل فرية كبيرة عليهم".

فهذا الكلام كله غير دقيق بالمرة، وكل من يطالع كتب المذهب الأشعري عبر مراحله المختلفة، ومفاصل التطور الرئيسية في المذهب يجد ما لا يحصى من الشواهد التي تبين انفراد الأشاعرة بمنهج خاص في قضية منهج التلقي، وكيفية الاستدلال على مسائل العقيدة، وضبط العلاقة بين النقل والعقل، ومنهجهم هذا مخالف لمنهج السلف، وليس مخالفًا فقط لمذهب ابن تيمية كما يحب البعض أن يصور المسألة، بل كتب السلف قبل أن يخلق الله ابن تيمية بقرون مشحونة بما يصعب حصره من النصوص والشواهد الدالة على ذلك.

وقد كانت رسالتي للماجستير عن هذا الموضوع تحديدًا، وسوف تطبع قريبًا إن شاء الله بعنوان: (الدليل النقلي في الفكر الكلامي بين الحجية والتوظيف) وفيها كلام مطول عن موقف الأشاعرة من الدليل النقلي بأنواعه، وتتبع كلام أئمة المذهب منذ الأشعري وحتى الأعصر المتأخرة حول هذه القضية، كما أن فيها عشرات النصوص من كتب المذهب -وليس مما نقله الخصوم عنهم- تبين بجلاء استقرار القول بتقديم العقل على النقل عند التعارض، ولا حول ولا قوة إلا بالله

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة

  • 1
  • 0
  • 2,473

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً