(معيار لا يخيب)

منذ 2014-04-18

من المعايير المهمة التي يجب ألا تفوت المسلم الحريص على نجاته فيما يتبنَّاه من مواقف عند النوازل والمُلمَّات؛ أن ينظر مليًا فيمن يوافقه الرأي ويشاركه المسلَك، فإن كانوا أهل دين وإيمان، وتقىً وصلاح، لم يقولوا بما قالوه رغبة في دنيا، أو بحثًا عن مغنم وجاه...

من المعايير المهمة التي يجب ألا تفوت المسلم الحريص على نجاته فيما يتبنَّاه من مواقف عند النوازل والمُلمَّات؛ أن ينظر مليًا فيمن يوافقه الرأي ويشاركه المسلَك، فإن كانوا أهل دين وإيمان، وتقىً وصلاح، لم يقولوا بما قالوه رغبة في دنيا، أو بحثًا عن مغنم وجاه.. بل ربما جرّ عليهم ذلك الأذى والتنكيل، ازداد يقينًا على يقين، وثقة فيما هو عليه، وسأل الله الثبات والهداية.  

ثم عليه أن ينظر نظرة ثانية في الرأي الآخر فإن وجد أن كلمة النصارى -بمختلف طوائفهم- قد اجتمعت عليه، وأهل الرقص والغناء والخلاعة قد أيَّدوه ودعموه، ومعهم من بدت البغضاء من أفواههم وعرفوا بتبنِّي العلمانية ومهاجمة الإسلام قديمًا وحديثًا؛ فعليه أن يعلم يقينًا أن مثل هؤلاء لا يجتمِعون إلا على ضلال، ولا يمكن أن ينصروا حقًا فيه عِزّ للدين وحفاظ على الشريعة.  

ولنا في كعب بن مالك رضي الله عنه أسوةٌ حسنة؛ حيث يحكي عن حاله حينما تخلَّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الخارجين للغزو، وكان ينظر في المتخلِّفين معه، فلا يجد إلا معذورًا لضعفه أو منافقًا معلوم النفاق، وكما يقول: "فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ" أي محتقَرًا مطعونًا في دينه أو متهمًا بنفاق..

ثم لما قرَّر أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقيقة حاله ولا يعتذر إليه بعذر كاذب سأل عمَّن سلك مسلكه ليزداد ثباتًا ويقينًا، "ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلاَنِ، قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ، فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ، وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ، قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لي"..

فهذا صحابي وفي زمان النبوة ويأسى لمشاركته لمن هو منافق معلوم النفاق، كما يُسَرُّ بموافقة الصالحين له، فقل لي بريك من معك في موقفك هذا ومن يمدحك ويثني عليك؟

ولا تقولن لي إن الحق لا يعرف بالرجال، فلست أخالفك في ذلك.. لكني أعتقد أن الطيور على أشكالها تقع، وأن أهل الباطل لا يجتمعون إلا على ضلالة، وأن اجتماعهم نقمة، وكيدهم تكاد تزول منه الجبال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة

  • 0
  • 0
  • 1,324

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً