قيُّوميَّة الله
إن لكل حدثٍ سبب، ولكل سببٍ سببٌ يعتمدُ عليه.. فإذا تتبَّعنا سلسلة الأسباب لكل حدث على انفراد لوجدنا أننا تقابلنا في النهاية مع أحد قوانين الطبيعة كبداية لسلسلة الأحداث التي تتبَّعناها..
إمساكه تعالى لقوانين الطبيعة
إن لكل حدثٍ سبب، ولكل سببٍ سببٌ يعتمدُ عليه.. فإذا تتبَّعنا سلسلة الأسباب لكل حدث على انفراد لوجدنا أننا تقابلنا في النهاية مع أحد قوانين الطبيعة كبداية لسلسلة الأحداث التي تتبَّعناها، ولكننا عند تلك النقطة نجد أنفسنا مجبورين أن نسأل سؤالًا مهمًا:
ما سبب قوانين الطبيعة؟ من الذي يُمسِك هذه القوانين حتى لا تنهدم فتنهدم سلاسل الأسباب المتصلة بها؟
يقول الله تعالى خالق الكون ومدبِّره في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر:41].
وضعه تعالى لقوانين الحفظ
إن المتأمِّل في قوانين حفظ الطاقة وكمية التحرُّك الخطية والزاوية... وغيرهم، من قوانين الحفظ يجد نفسه إن كان نابهًا غير غافل معترفًا أن الأصل في الأشياء هو الزوال! فالطاقة مخلوقة من لا شيء وتتوق أن تعود لأصلها دائمًا وهو اللا شيء!
ولو تأمَّلنا نوعًا من الطاقة وهو طاقة الوضع لوجدناها تشير ببنانها إلى هذه الحقيقة الخفية الجلية! نجد أن وضع الارتياح للجسم المقترن بطاقة وضعه أن يكون له أقل طاقة وضع ممكنة.
هكذا الأمر مع طاقة الكون إجمالًا وتفصيلًا.. فطاقة الكون أصلها العدم ونقلها من العدم إلى الوجود يحتاج وجود عظيم لا يخضع للزمان والمكان وقوانينهما. هذا الوجود الأعظم هو الله تعالى وهو الذي أنشأ الكون من لا شيء وأمسكه ألا يعود لحالته الأصلية مرةً أخرة بقيُّوميته على الكون وحفظه له.
وينبغي عليك -أيها المسلم- أن تحمد الله أنك تسيقظ من نومك كل صباح.. لتجد بيتك هو هو، وتجد عربتك هي هي.. وفي مكانها الذي تركتها فيه بالأمس، وذلك لأنه كما قلنا الأصل دائمًا هو اللا شيء. فالأصل ألا تجد بيتك ولا سيارتك ولكن وجودهما يدل على ذات عُليا تقوم على أمر الكون تحفظ لنا الطاقة من الزوال "والذي يُسمَّى قانون حفظ الطاقة".
إن مكتشفي قانون حفظ الطاقة من غير المسلمين استراحت قلوبهم وعقولهم بقانون الحفظ! ولكنهم نسوا أو تناسوا هذا السؤال المهم:
إذا كان هناك ثمة قانون لحفظ الطاقة، فمن هو الحافظ؟
إنه من العبث الفكري أن نُفكِّر أن القانون هو الذي يحفظ! ولكن الحقيقة أن القانون يخبرنا عن حفظ الله تعالى للطاقة كخالقٍ لهذا الكون، قيُّومٍ على أمره، ماسكٍ له أن يزول كما ورد في الآية الكريمة أعلاه.
إمساكه تعالى للكون من الانهيار تحت تأثير الجاذبية
إن الكون إذا تُرك تحت قوى الجاذبية بدون إمساك من الله تعالى لهذا الكون أن يتلاشى لتحطم من قبل أن يُولد
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج:65].
ولكي يتم هذا الإمساك الذي يعادل الجاذبية بل ينتصر عليها فقد قضى الله عز وجل أن يكون مُتَسِعًا اتساعًا محسوبًا لحكمة يعلمها؛ قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47].
فالله تعالى يمنع انهيار الكون بهذا الاتساع، وأيضًا يمنع هذا الاتساع من التسبُّب في انفجار الكون كفقاعة الصابون وذلك بقوى الجاذبية الكونية؛ قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} [الرعد:2].
الخلاصة:
1- إن الله تعالى لم يخلق الكون ليتركه هملًا! كما ادَّعت بعض الفلسفات القديمة ولكنه قيُّومٌ عليه مدبِّرٌ لأمره.
2- يجب على المسلم أن يشكر الله تعالى باستمرار.. على قيُّومَيته الدائمة على أمره وأمر الكون من حوله.
والله أعلم.
- التصنيف: