إهانة فكرِ إنكارِ الآخرةِ للإنسانِ!
ﻻ يشك عاقل أنه ﻻ يأخذ إنسانٌ قط حقَه كاملًا في دنيانا الحقيرة بل إنما يخرج اﻹنسان منها ظالمًا أو مظلومًا، ومن البناء جدًا أن يدرك غير المسلم أنه ﻻ سبيل ﻹرجاع الحقوق إلى أصحابها كاملةً إﻻ بوجود يوم الدين، يوم الحساب الذي يأخذ كل إنسان حقه ولو كان مقدار ذرة أو أقل.
لقد خرج علينا قومٌ يدعون الإنسانية ينكرون الروح والآخرة ويُعِدُّون الموت هو فناءٌ مطلق، فليس الإنسان في ظنهم إلا جسدًا ينفق عند وفاته وتأكله الأرض وحسب.
ومن المعلوم يقينًا أنه ما من مؤمن بوجود الله ومبصرٍ بحال الدنيا إلا وأيقن بوجود الآخرة وذلك لأمور:
1- الله هو الخالق الأحد الصمد الذي تجتمع فيه كل صفة حسنة وتنتفي عنه كل صفة غير حسنة وذلك بداهةً. لأنه المرجع للحُسْنِ وإلا لما اجتمع البشر مؤمنهم وكافرهم على حُسن الصدقِ وقُبحِ الكذب مثلًا، فلابد للمرجع من ذلك، ويترتب على ذلك عدل الله المطلق فإنه تعالى لا يظلم مقدار ذرة.
2- العالم الذي نعيشه مليء بظلم الإنسان لنظيره فإذا أعد الإنسان وفاته فناءًا فإنه يترتب عليه انتفاء العدل عن الخالق وهو مُحال وإنما ينبغي عقلًا أن يُوجد حسابًا بعد الموت يُكرَمُ فيه المحسنُ ويقتصُ فيه من المسيئ إذا كانت الإساءة في حق غير الله ويُعَذَبُ أو يُعفى عنه برحمة الله إذا كانت المعصية مختصة بالله تعالى دون عباده.
3- يُسْتنتجُ من ذلك أنه من لا يؤمن بالآخرة لا يؤمن بالله تَبَعًا إن كان عدم إيمانه بها نتيجةً سائغةً عقلًا تبعًا لمقدماته.
4- عدم إيمان هذه الفئة بالآخرة يُفترَضُ أن يساويها في نظر العاقل منهم بالحيوان الذي يأخذ جزاءَه أو لا يأخذه في الدنيا حسب عوامل متعددة منها اجتهاده في تحصيل كلئه ومن ظروفٌ تختلجه أو ما يسميه في عقيدته حظًا.
5- ولكن هيهات للعقل أن يتقدَّم حين ينقض الهوى والنفس والشيطان فيولغوا في فريستهم فيدعي البعض منهم من مُدعِي الرِفعة عن مرتبة الحيوان، الذي يعيش فيُكلأُ ثم ينفق، أنهم يعملون ليخدموا الإنسانية، فإن سألتهم وماذا بعد؟! ماذا تبقى لكم في نهاية الأمر؟! يقولون ذِكرًا حسنًا! تقول لهم وماذا يعود عليكم من ذكركم الحسن بعد فنائكم؟! فيكمل من يكمل منهم معك جدلًا أحمقًا إن كان متكبِّرًا.
6- إن ما يُعقل عند هذه النقطة من الحوار إدراكُه إهانتَه نفسَه بإنكار تكريم الله له بأن يعمل في دار فانية ليس لذاتها وحسب ولكن اﻷهم هو أنه يعمل لدارِ بقاءٍ لا يعتريها نقص الدنيا القصيرة الحقيرة، دارِ بقاءٍ يُذكر فيها عمله بحقٍ بل يُجزى على الصالح منه حَسَنًا.
كما أنه ﻻ يشك عاقل أنه ﻻ يأخذ إنسانٌ قط حقَه كاملًا في دنيانا الحقيرة بل إنما يخرج اﻹنسان منها ظالمًا أو مظلومًا، ومن البناء جدًا أن يدرك غير المسلم أنه ﻻ سبيل ﻹرجاع الحقوق إلى أصحابها كاملةً إﻻ بوجود يوم الدين، يوم الحساب الذي يأخذ كل إنسان حقه ولو كان مقدار ذرة أو أقل.
والله أعلم.
- التصنيف: