نسبة وتناسب
يجب أن نعمل للآخرة ليل نهار، حتى يكون عملنا في الدنيا وإن جلب لنا متاعاً فهو ليس متاعاً لذاته، ولكنه متاعاً نتقوت به حتى نبلغ الآخرة بسلام.
هب أن رجلاً عرض عليك عطيتين، عطيةً قال لك أنها تحوي (صفراً) من المال، وعطيةً قال لك أنها تحوي (أموالاً طائلة)، وخيرك بين العطيتين، وقال لك: "أيهما تختار؟!".
تُرى! لو كنت في مكان هذا الرجل المعروض عليه، ماذا كنت مُختاراً؟
هل يُوجدُ من عاقلٍ كان مختاراً الصفر؟! بالطبع لا.. ولله المثل الأعلى.
هكذا الدنيا وما فيها والآخرة وما فيها، فالدنيا فانيةٌ بنعيمها الزائف المُنَغَصِ، والجنةُ باقيةُ بنعيمها الأصيل الصافي..
قال تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْـزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس:24]، قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:108].
فإن علمنا أن الدنيا فانيةٌ لا محال، والآخرة باقيةٌ لا مناص ففيم الحيرة؟!
بالطبع يجب أن نعمل للآخرة ليل نهار، حتى يكون عملنا في الدنيا وإن جلب لنا متاعاً فهو ليس متاعاً لذاته، ولكنه متاعاً نتقوت به حتى نبلغ الآخرة بسلام.
لأنه إن لم نعمل للآخرة وعملنا للدنيا خسرنا الآخرة، وتركنا وراءنا الدنيا متاعاً قليلاً فخسرناهما معاً.
أما إن عملنا للآخرة فقد حصلنا الدنيا في طريقنا لها فلم نخسرها، وإن ضحينا بالحرام منها، ثم إذ بنا نصل بخير وسلام للآخرة فربحناهما معاً.
- التصنيف: