صناعة العلماء - (11) تربية العالِم الرباني
في هذه الحلقة استكمالًا لعدد من أسباب بعد العلماء عن واقع الأمة، ولعل من أهمها ضعف التربية الأولى للعلماء، من خلال الإعداد الضعيف في الجامعات، التي تعتمد على التربية النظرية البحتة، البعيدة عن الواقع العملي، إذ ما يميز العالم الرباني الجانب العملي من حياته، من خلال ذلك تبين دور المعلم الكبير في إعداد العلماء... وهنا ملخص ما جاء في هذه الحلقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
د. صلاح:
أسباب أخرى أدت إلى هذا الانفصال بين العالِم والواقع.
د. راغب:
بسبب الدراسات النظرية البحتة في الجامعات الإسلامية أرى أن كثيرًا من علماء الأمة هم المظلومين لأنهم درسوا على أيدي علماء دَرَسوهم العلم بشكل أكاديمي، ليصرفوا من أعمارهم على الدراسة دون أن يتم اسقاطها على الواقع.
وهذا التدريس الأكاديمي الذي يأخذ النص فلا يفكر كيف يستفيد به في حياة الناس، أحد أسباب الانفصال.
د. صلاح:
لماذا ندرس التفصيليات نظريًا ولا تؤدي إلى منهجيات تستطيع أن تعالج بها المشاكل؟
د. راغب:
لأن الهدف زائل، فالطالب يريد الحصول على الشهادة للعمل بها في مكان كذا، والأستاذ المعين في الكلية كل غرضه الحصول على الترقية والصعود في السلم الوظيفي، وليس الغرض تغيير مسار الأمة إلى الأفضل وتحسين الأوضاع ونقد المشاكل التي تمر بها الأمة.
والله يُعَلِّمنا ويُعَلِّم كل العلماء ليكونوا علماء ربانين يفقهون دينهم وواقعهم.
فالقضية هي قضية عملية، وهذا البُعد نريد أن نزرعه في العالم الرباني، وعندما يقرأ نص ما عليه أن يُسقِطه على واقع الأمة وحياة الناس.
د. صلاح:
أتمنى ممن يحملون الشهادات العلمية ألا يعتبر نفسه قد تَخَرَّجَ من دراسته، بل يعتبر أن العلماء والشيوخ الذين درسوه في المدارس والجامعات فقط أعطوه فرصة لثلث العلم وهو جانب فقه النص.
إنما فقه الواقع فلم يتعلم به، فعليه أن يتعلم بنفسه، ولا يسمح لنفسه أن يُفتي ولا يسمح لنفسه أن يعتقد بداخله أنه صار من أهل العلم فكلنا من طلاب العلم ولسنا من أهل العلم.
فالدراسة النظرية فصلتنا عن الواقع ولا تنزل بنا إلى الواقع.
د. راغب:
ليس لمجرد النزول إلى الواقع وإنما نزول لتغيير الواقع وليس لزيادة العبء.
العالِم القدير دوره أنه يزرع في قلوب الطلبة الحَمِيّة لهذا الدين، والحركة لتغيير واقع الأمة الإسلامية، فيعطي له المعلومة ليقوم بتوظيفها ويتحاور معه، فيكون هذا الطالب النواة الطيبة للعالِم وعنصر فعال في بناء الأمة الإسلامية وليس فقط مجرد حافظ للمجلدات.
فلو صلح هؤلاء الطلاب لصلحت الأمة الإسلامية والعالم أجمع.
د. صلاح:
ولهذا نوجه رسالة إلى علمائنا في الأزهر والكليات الشرعية في كل دول العالم الإسلامي، أنقلوا طلاب العلم من الدراسة النظرية، ودربوهم أن يكون في الدراسة جزءًا عمليًا.
ونؤكد على أهمية تغيير المناهج التعليمية، فلا يمكن أن يكون مقبولًا في الكليات العملية أنها تجمع بين الأمرين وتبقى كلياتنا تدرس أمرًا نظريًا.
لسماع هذه الحلقة: تربية العالم الرباني
- التصنيف:
- المصدر: