مدى الحياة!
إن هاتين الكلمتين تعطيان انطباعًا في مكنون الأنفس أن فترة الضمان "طويـلة جدًا" لأنها "مدى الحياة"! ولكن ما هذا المنطق العجيب؟ إن هذا المنطق الخادع ينبني أساسًا على رغبة الإنسان الشديدة في الخلود وتناسيه أن الحياة قصيرةُ جدًا لا يعلم مدى قصرها إلا الله.
كثيرًا ما نجد على سلعةٍ ما شعار "ضمان مدى الحياة"، فيكون هذا الشعار من أهم المميزات بين هذه السلعة وأخرى عليها شعارٌ آخر، "ضمان عشر سنوات" مثلًا! تُرى ما سبب هذا الانطباع المتميز عن هذا النوع الأول من الضمانات؟ إن العنصر الذي يلقى قبولًا عاليًا في النفوس يكمن في كلمتين! ألا وهما "مدى الحياة".. أليس كذلك؟ ولكن لماذا يحدث ذلك؟
مدى الحياة:
إن هاتين الكلمتين تعطيان انطباعًا في مكنون الأنفس أن فترة الضمان "طويـلة جدًا" لأنها "مدى الحياة"! ولكن ما هذا المنطق العجيب؟ إن هذا المنطق الخادع ينبني أساسًا على رغبة الإنسان الشديدة في الخلود وتناسيه أن الحياة قصيرةُ جدًا لا يعلم مدى قصرها إلا الله. وذلك على الرغم من أن الله تعالى يعطينا عبرةً وعظةً فيمَن يفارقونها كل يوم، فيمن نصلي عليهم الجنازة كل يوم! ولكن نفس الإنسان الشغوفة بالخلود تستبعد غالبًا فكرة الموت عنها وإن كانت تتقبلها للآخرين! وتذهب وتصلي عليهم الجنازة ثم تنصرف..
إن هذه الثغرة في النفس البشرية هي التي مكنت إبليس، لعنه الله، من إغراء آدم، عليه السلام، للأكل من الشجرة، شجرة المعصية.
قال تعالى: {فوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف:20] صدق الله العظيم.
ويتضح للمتأمِّل أن حب الخلود كان وما زال مدخلًا عظيمًا للشيطان إلى التمكن من إغواء النفس بالمعصية، وما معاصينا التي نقترفها كل لحظةٍ إلا إعادة للأكل من شجرة المعصية، كما فعلها أبونا آدم ولنفس السبب وهو النسيان، نسيان أننا قد نفارق الحياة في أي لحظة وأننا محاسبون لا محالة على الأكل من شجرة المعصية، وقلة العزم عن مجاهدة الهوى والشيطان.
قال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه:115] صدق الله العظيم.
الخلاصة:
فلنتذكر دائمًا أننا مفارقو الحياة لا محالة، وأنها قصيرة مهما ظنناها ممتدة ولنعقد العزم دائمًا على مجاهدة النفس والهوى والشيطان لكي نفلح في امتحان الحياة.
والله أعلم.
- التصنيف: