تدبر - [52] سورة الأنعام (7)

منذ 2014-07-06

القلب المعظِّم لله لا يطيق أن يحبس هذا التعظيم بين أضلعه ولا مناص من أن يفيض ذلك التعظيم إلى لسانه فما ينفك عن الكلام عن مولاه والأخذ بقلوب الناس إليه وتحذيرهم من عاقبة مخالفته والاستهانة بقدره بل ويجفل ويفزع إذا تعدَّى أحد على مقام من يُعظِّمه قلبه..

وفعل الأمر {قُلْ} تبدأ به كثير من آيات سورة الأنعام ومن خلال تكراره تترسَّخ فكرة ضرورة ظهور تعظيم الله -الذي تحتشِد به آيات السورة- على لسان وجوارح كل من وقر في قلبه هذا التعظيم..

فالقلب المعظِّم لله لا يطيق أن يحبس هذا التعظيم بين أضلعه ولا مناص من أن يفيض ذلك التعظيم إلى لسانه، فما ينفك عن الكلام عن مولاه والأخذ بقلوب الناس إليه وتحذيرهم من عاقبة مخالفته والاستهانة بقدره بل ويجفل ويفزع إذا تعدَّى أحد على مقام من يُعظِّمه قلبه..

وأضرب لذلك مثالًا واقعيًا وإن كان مؤسفًا..

انظر إلى فعل بعض البسطاء ممن يعظمون الجن ويعتقدون بأنهم ينفعون ويضرُّون - فتجدهم إذا ذُكِر "الأسياد" كما يدعونهم يجفلون فزعًا ويُردِّدون تعاويذهم واستغاثاتهم ويُحذِّرون الذي استهان بهم من عاقبة تلك الاستهانة ويطالبون بجعل الكلام: "خفيفًا عليهم"!

هذا رد فعل تلقائي لدى هؤلاء لِمَا استقر في قلوبهم من تعظيم للجن وما شابه من تعظيم للمقبورين وأصحاب الأضرحة..

وإن كان تلك أمثلة مؤسفة لصور من الخلل العقدي إلا إنها تُوضِّح ذلك الانفعال التلقائي الذي يطرأ على جوارح من عظَّم شيئًا إذا تعدَّى على مقام المعظَّم عنده..

لكن الأمر المؤسف حقًا أنك لا تجد رد فعل مشابه لرد فعل هؤلاء المساكين عند كثير ممن يدَّعون تعظيم الله؛ فتراهم يرضون بالتعدَّي على مقام الله بين أيديهم وفي حضورهم بل وتجدهم أحيانًا يُدافِعون عن من تعدَّى بحججٍ واهية ومبادئ تغريبية مُفجِعة ثم يدَّعون أنهم يُعظِّمون مولاهم ويرجون له وقارًا..

أي تعظيم هذا الذي استقر في نفس لم تترجم تعظيمها وتوقيرها بالقول والمنافحة والرد والذب عن حِمى مولاها فاستجابت للأمر المُتكرِّر في تلك السورة التعظيمية المبهرة؟!

الأمر: {قُلْ}..

وأي توقير هذا وأي محبة استقرَّت في قلب لم يختلج لإهانة مقدساته أو يرتجف غَيرةً على حرمات وسلطان إلهه - الذي يدَّعي أنه يُعظِّمه وهو لم يدرك أضعف مراتب الإيمان به وهو إنكار القلب إن لم يملك إنكار اللسان؟!
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 4
  • 0
  • 4,216
المقال السابق
[51] سورة الأنعام (6)
المقال التالي
[53] سورة الأنعام (8)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً