تدبر - [207] سورة طه (8)

منذ 2014-07-20

وقد يعجب المرء حين يسمع ردود السحرة على تهديدات فرعون، وحين يتأمل ذلك الانقلاب الجذري الذي طرأ عليهم بعد الإيمان، وكيف أن عبارات من أروع ما قيل في الصدع والبيان عن الله والدار الآخرة قد خرجت من أفواههم التي كانت منذ فترة قصيرة تتمتم بتعاويذ السحار وطلاسم المشعوذين

وقد يعجب المرء حين يسمع ردود السحرة على تهديدات فرعون، وحين يتأمل ذلك الانقلاب الجذري الذي طرأ عليهم بعد الإيمان، وكيف أن عبارات من أروع ما قيل في الصدع والبيان عن الله والدار الآخرة قد خرجت من أفواههم التي كانت منذ فترة قصيرة تتمتم بتعاويذ السحار وطلاسم المشعوذين {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى . إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ . وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ . جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّىٰ} [طه:73-76].

يالها من كلمات نورانية محكمة تضىء بالحكمة والفهم، كلمات لها ثمن باهظ ولقد دفعوا الثمن من دمائهم ليكللوا القول بالتضحية والبذل، كلمات لم يكن يتصور أحد أن تخرج منهم، لكنها خرجت ولا عجب. فكذلك معرفة الله إذا استقرت فى قلب عبد فإنها تهز -بل تزلزل- كل تصوراته الخاطئة، ونظراته القاصرة، فتسقط كافة أوثان النفس لتخر متهدمة على أنقاض سوء الظن والتعلق بالخلق.

وكما رجف المنبر برسول الله صلى الله عليه وسلم حينما تحدث عن الملك، حتى قالوا ليخرن به، فإن قلب المؤمن وحياته وتصوراته ونظراته للأمور ترجف وتهتز وتنقلب رأسًا على عقب حين يعرف الله حق المعرفة، فيرى الأمور بقيمتها الحقيقية، ويزن الدنيا وما عليها بميزان المعرفة. 

  • 1
  • 0
  • 1,911
المقال السابق
[206] سورة طه (7)
المقال التالي
[208] سورةه طه (9)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً