تقوى الله (2)
المتقون في حياتهم في سعادة عظيمة؛ لأنهم عظّموا الله بتقواه فإذا ضاقت عليهم الأمور جعل الله لهم من كل ضيق مخرجا ومن كل همّ فرجا ومن كل بلاء عافية {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق:4]، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:2-3]، فالمتقون تيسّر أمورهم {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.
أمر الله جل وعلا الناس جميعا بتقواه وأمر المؤمنين بتقواه؛ بل أمر نبيه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وهو أكمل الخلق أن يتقي الله {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب:1]، وهذه صفة أهل الإيمان أنهم يأمرون بالتقوى ويأمر بعضهم بعضا بتقوى الله، فإذا أُمر المأمور بتقوى الله فرح وأخذه الوجل من ذكر الله جل وعلا؛ لأن المؤمن إذا ذُكّر بالله وجل قلبه بخلاف أهل العصيان وأهل الشهوات وأهل الطغيان فإنهم كما وصفهم الله جل وعلا بقوله {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ} [البقرة:206].
صفة المؤمن أنه محب للتقوى؛ لأنه يعلم أنه إن اتقى الله جل وعلا فإن الله جل وعلا معه {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل:128]، فالله مع المتقين بتسديده وبتأييده وبتوفيقه وبتيسيره وبنصر المتقين على أعدائهم؛ لأن هذه المعية معية خاصة لأهل التقوى {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}.
المتقون في حياتهم في سعادة عظيمة؛ لأنهم عظّموا الله بتقواه فإذا ضاقت عليهم الأمور جعل الله لهم من كل ضيق مخرجا ومن كل همّ فرجا ومن كل بلاء عافية {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق:4]، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:2-3]، فالمتقون تيسّر أمورهم {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.
المتقي أيها العبد إذا اتقيت الله كفر الله أنت سيئاتك التي إن قابلتك يوم القيامة فإنك ستكون في زمان خوف عظيم؛ أن تكون ممن يكبه الله جل وعلا في النار {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق:5]، {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا} [النبأ:31-33].
كذلك الأمة التي تتقي الله وعدها الله جل وعلا بأن يبارك لها فيما أعطاها وأن يوسّع لها في أرزاقها، وأنها إن تخلّفت عن التقوى فإن ذلك شرّ لها، وهي متوعدة بسلب النعم التي أفاضها الله جل وعلا عليها {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96]، {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [النحل:114]، إن المتقين إذا أحلّ الله جل وعلا العذاب بالمخالفين المكذبين بالرسل الكافرين لنعمة الله ينجّي الله المتقين بمفازتهم كما أخبر الله جل وعلا بقوله {وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [النمل:53]، وقال سبحانه {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [فصلت:18].
إذن فالتقوى يا عبد الله إذن فالتقوى أمر عَظيم عظيم، إذا جاورت القلب صلح القلب وصلح الجسد وصلحت الحياة؛ بل صلحت الآخرة التي هي أعظم من الحياة، فإن القلب المتقي آنس بالله، آنس بمناجاته، آنس بطاعته آنس بالسكوت إن سكت، آنس بالكلام إن تكلم؛ لأنه إن تكلم فإنما يتكلم برضا الله، وإن سكت فإنما يسكت عن معصية الله {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء:114].
أيها المؤمنون إنّ حقيقة التقوى: أن تطيع الله على نور من الله، وأن تطيع الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نور من الطاعة.
تطيع الله جل وعلا وأنت تخشى الآخرة، تطيع الله جل وعلا مخلصا في هذه الطاعة مجتنبا ما عنه نهى الله تبارك وتعالى.
---------------------
من خطبة للشيخ بعنوان "تقوى الله"
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، وحاصل على الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
- التصنيف:
- المصدر: