أنماط - (43) نمط العنصري

منذ 2014-08-06

من الأنماط المؤسفة نمط الأخ العنصري أو (الأخ أخ).. وذلك النمط أطلقت لقب الأخ أخ لكثرة ترداد ذلك اللفظ على لسانه.. قابلت كثيرًا من أهل ذلك النمط في حياتي.. دائمًا حين يرد ذكر شخص ما تجده إن لم يعرفه يسألك باهتمام: هل هو أخ؟ ثم يُكرِّر: أخ أخ يعني؟ يقصد بذلك أن يتبيَّن إن كان المذكور على منهجه أم لا..!

ومن الأنماط المؤسفة نمط الأخ العنصري أو (الأخ أخ)..

وذلك النمط أطلقت لقب الأخ أخ لكثرة ترداد ذلك اللفظ على لسانه..

قابلت كثيرًا من أهل ذلك النمط في حياتي..

دائمًا حين يرد ذكر شخص ما تجده إن لم يعرفه يسألك باهتمام: هل هو أخ؟

ثم يُكرِّر: أخ أخ يعني؟

يقصد بذلك أن يتبيَّن إن كان المذكور على منهجه أم لا..!

وإن كان يعرفه ويعرف أنه يشبهه في السمت أو يتبع نفس الفئة تجده يتهلَّل ويقولها بكل انشراح وانبساط وفخر: فلان ده على فكرة أخ..

أخ أخ يعني مش أي كلام..!

وعلى هذا الأساس تنبني سائر علاقاته وتتباين معاملاته ابتداء من إلقاء السلام وحتى المعاملات الاجتماعية والتجارية والأسرية..

نعم هو نمط عنصري بامتياز يبني تقييمه للأشخاص على مدى القُرب الظاهر أو البُعد من فئته وعلى درجة الشبه الخارجي به وبطائفته..

ومفهوم الأخوة والدعوة محدود جدًا لدى هذا النمط الذي يُضيِّق ما وسّعه الله ويحجره..

لقد قال ربنا جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات:10]..

هكذا مُطلَقة.. المؤمنون إخوة.

هذا هو أصل الأُخوَّة الإيمانية القائمة على رباط العقيدة..

صحيح أن درجات المحبة والولاء قد تتفاوت وصحيح أن المرء يحب بقدر طاعته ويوالى بقدر تمسّكه وصلاحه وصحيح أن من حقك أن تتخير صحبتك والمقرَّبين منك..

لكن عن الأصل أتحدَّث..

عن أصل الولاء والمحبة والأخوة الإيمانية التي لم يشترط الله لأصلها امتحانًا للناس أو تربصًا بهم ولم يُكلِّفنا توقفًا فيها حتى نتأكد من درجتها ومقدارها ولا بالحكم عليها قطعيًا من خلال الشكل أو الظاهر..

وكم أناس قد لا يبدو ظاهرهم ملفتًا أو دالًا على مخبرهم وحين تعرفهم وتتقرَّب إليهم تجدهم من أفاضل الخلق وأكثرهم صلاحًا والله حسيبهم، ولا أحد يدري ظروف الناس ولا حقيقة أحوالهم ولا مآلاتهم..

والله يقول: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} [النساء من الآية:94]..

قال ابن كثير: "وفي هذا إشارة إلى أن العبد ينبغي له إذا رأى دواعي نفسه مائلة إلى حالة له فيها هوى وهي مضرة له، أن يُذَكِّرها ما أعد الله لمن نهى نفسه عن هواها، وقدَّم مرضاة الله على رضا نفسه، فإن في ذلك ترغيبًا للنفس في امتثال أمر الله، وإن شق ذلك عليها. ثم قال تعالى مُذكِّرًا لهم بحالهم الأولى، قبل هدايتهم إلى الإسلام: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} أي: فكما هداكم بعد ضلالكم فكذلك يهدي غيركم، وكما أن الهداية حصلت لكم شيئًا فشيئًا، فكذلك غيركم. فنظر الكامل لحاله الأولى الناقصة، ومعاملته لمن كان على مثلها بمقتضى ما يعرف من حاله الأولى، ودعاؤه له بالحكمة والموعظة الحسنة - من أكبر الأسباب لنفعه وانتفاعه" اهـ.

فيا صديقي (الأخ أخ) كفاك عنصريةً وامتحانًا للناس وتقييمًا لهم على أساس المظهر وحسب؛ كفاك استعلاء على الخلق وتذكَّر حالك من قبل والزم مع جميع المسلمين أصل الأخوة..

فإن كنت ولا بُدَّ مُفضِّلًا حبيبًا أو شبيهًا لك فلا يكن ذلك على حساب أصل الولاء والمحبة العامة للمؤمنين ارحم الناس ليرحمك الله، واعلم أن تلك العنصرية لا تؤدي إلا لمزيد من العُزلة والجفاء. وما يدريك لعل سلامًا وكلمة طيبة وابتسامة ودودًا أو تلطفًا ورقة مع شخص بعيد تأخذ بقلبه إلى طريق الاستقامة، وتكون هدايته في ميزان حسناتك بدلًا من أن تفاجأ بتنفيرك إيِّاه في الكفة الأخرى وتذكَّر: «إن منكم منفِّرين» (جزءٌ من حديث رواه البخاري)..

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 0
  • 1,412
المقال السابق
(42) نمط المُبرَّراتي
المقال التالي
(44) نمط التطبيعي

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً