عبر ودروس من زيارة بلاد الروس - (5- 6) العبر والدروس العامة
إننا نجد حرباً على الإسلام في كثير من بلاد المسلمين، بل وفي غيرها، والواجب علينا أن نعلم أن حربهم لنا وحرصهم الشديد على إغوائنا وإضلالنا هو دليل على أننا نسير على الحق، وهو دليل على أن ما نحمله من عقيدة وما نتبناه من منهج هو حق، فعلنيا أن نصبر وأن نثبت على دين الله تعالى، وأن نحذر من النكوص والتراجع.
بعد أن ذكرنا المظاهر الإيجابية أقف في ختام تلك الرسالة مع بعض العبر والدروس للخاصة، فأقول:
أولاً: إن من أعظم هذه الدروس وأكبرها لمن علم أحوال الاتحاد السوفيتي سابقاً أو زاره، أن يعلم ويوقن أن دين الله غالب ولا يُغلب أبداً، وأن الله سبحانه وتعالى ناصر دينه، لقد قامت الشيوعية بما يشبه الأساطير في حرب الإسلام هناك، ومع ذلك عاد الإسلام، وسيعود قوياً إن شاء الله، فهل يعي ذلك أعداء الإسلام؟ وهل يعي ذلك أولئك الذين يحاربون الإسلام؟
إن هناك درساً مهماً جداً يجب أن نقف عنده وهو: أن الإسلام مهما حورب في أي مكان، أو حاول أعداؤه أن يقضوا عليه، فإن الله سبحانه وتعالى لا بد أن ينصر دينه وأن يعيد للإسلام قوته ومجده، هذه سنة الله سبحانه وتعالى، فهل يعي ذلك أعداء الإسلام في الغرب والشرق؟ وهل يعي ذلك أذنابهم من المسلمين الذين يحارب أكثرهم الإسلام ويحارب أكثرهم الصحوة الإسلامية؟ هل يعوا هذه الحقيقة، ليعلموا أنهم مهما عملوا وسعوا في إسكات صوت الإسلام والدعوة والوقوف في طريقه، فلن يبلغوا، ولن يصلوا إلى الحد الذي بلغه الشيوعيون في ذلك؟ ومع هذا فقد انهارت الشيوعية وولت وبقى الإسلام، إنه درس يجب على الجميع أن يعيه.
ثانياً: الأحزاب الشيوعية العربية: فإن لبعض المسلمين انتماءاتهم الحزبية لتلك الدول الشيوعية، فهل يراجع أولئك حساباتهم؟ وأقول: إن هذا الكلام لا يوجه إلى الذين يتعلقون بالشيوعية فقط، فإنني أعلم أن تعلقهم الآن إنما هو تعلق بخيط العنكبوت، ولكنني أقول بالمقابل: هل يعي هذا الدرس أولئك الذين يتعلقون بالغرب الآن، وأولئك الذين يظنون أن هذا الغرب هو المهيمن وهو القوة العظمى، وسيظل هكذا على الدوام؟ ونسأل: أليس ممن الممكن -والله على كل شيء قدير- أن يجري على هؤلاء المتغطرسين في الغرب ما جرى على أولئك الشوعيين في الشرق، وقد كانوا قبل ذلك متغطرسين! إن هذا غير مستبعد، بل هو ممكن، والمؤشرات التي يراها المتأمل والفاحص لأحوال الغرب تدل على قرب وقوع هذا.
ثالثاً: إن من يتأمل أحوال المسلمين هناك، يرى أن فجر الإسلام الصادق قادم، وأن إرهاصات نصر الإسلام والمسلمين بدأت تتوالى في الظهور، ولا شك أن المتأمل لواقع المسلمين اليوم يجد الإسلام يحارب في غالب بقاع الأرض كل مكان وتكون النتيجة أن الغلبة له في كل مكان، فبمقدار ما يحارب هو ينتصر، ومن هنا يجب على كل مسلم أن يعي دوره في هذه الحياة، وعليه أن يعيد دوره في هذه المرحلة من الصراع بين الحق والباطل، إن المؤمن لا ييأس أبدأ، ومها حورب المسلمون ومهما تكالب عليهم أعداؤهم من كل جانب فإن المؤمن الصادق لا ييأس، بل يثبت عند الشدائد كما فعل أصحاب النبي وقد أحاط بهم الأحزاب من كل جانب، قال الله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب:22].
إننا نجد حرباً على الإسلام في كثير من بلاد المسلمين، بل وفي غيرها.
والواجب علينا أن نعلم أن حربهم لنا وحرصهم الشديد على إغوائنا وإضلالنا هو دليل على أننا نسير على الحق، وهو دليل على أن ما نحمله من عقيدة وما نتبناه من منهج هو حق، فعلنيا أن نصبر وأن نثبت على دين الله تعالى، وأن نحذر من النكوص والتراجع.
الرابط الصوتي: العبر والدروس من زيارة بلاد الروس
عبد الرحمن بن صالح المحمود
أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقا.
- التصنيف: