سمر والهمة العالية

منذ 2014-09-18

فتاة تحمل في صدرها همة عالية، وتحمل في بطنها جنيناً في الشهر التاسع! قدمت في الإجازة الصيفية من القرية التي تسكن فيها مع زوجها لزيارة أهلها في مدينة (...)، ولما علمتْ عن الدورة المكثفة رأت -رغم ظروفها- أنها فرصة عظيمة لا تُفّوت! فالتحقتْ بالدورة..

سأحدثكم عن (سمر) فتاة في العشرينات..
دخلت دورة مكثفة في الإجازة الصيفية؛ لحفظ (١٠) أجزاء من القرآن..
تبدأالدورة من س(٧) ص إلى س(٧) م.

هذه الفتاة أحببتها في الله.. أحببت أن أسمع الكثير عن حياتها..!
ستقولون: عجّلي علينا يرحمك الله، وما الغرابة في هذا؟ أليس هناك -ولله الحمد- الآف الفتيات يحفظن كتاب الله في دورات مكثفة؟ ما الذي أثار عجبك في (سمر)؟! ما الذي تميزت به؟

رويدكم.. حسناً! سأحدثكم عنها، سأحدثكم عن فتاة تحمل في صدرها همة عالية، وتحمل في بطنها جنيناً في الشهر التاسع! قدمت في الإجازة الصيفية من القرية التي تسكن فيها مع زوجها لزيارة أهلها في مدينة (...)، ولما علمتْ عن الدورة المكثفة رأت -رغم ظروفها- أنها فرصة عظيمة لا تُفّوت! فالتحقتْ بالدورة..

زرتُ مقر الدورة، أعطتني المديرة نبذة عن الدورة وعن عدد الطالبات، وأن من ضمن الطالبات (سمر).
تلك الطالبة الحبلى.. حدثتني عن رغبتها في حفظ القرآن.. عن طموحها.. عن تخوف الإدارة أن تأتيها الولادة وهي في الدورة!

رافقتني المديرة إلى قاعة الفصل لعقد لقاء طيب مع الطالبات.. وكلِ شوق إلى رؤيتها!
دخلت المكان.. ألقيت نظرة على الطالبات يا ترى أين (سمر)؟ إنني لا أحتاج إلى من يقول ها هي!
كانت تجلس على الكرسي و(بطنها) الكبير يكاد يلامس ركبتيها تحدثت مع الطالبات، وتحدثت وعيني ترقب (سمر) وكأني أول مرة في حياتي أرى امرأة حاملاً!

وبعد أيام.. هاتفتني مديرة الدورة وبشرتني بأن (سمر) قد ولدت.. أتاها (طلق الولادة) وهي في الدورة، فاتصلت على زوجها الذي ذهب بها إلى مستشفى الولادة مباشرة، ومن ثمّ أنجبت مولوداً ولله الحمد.. القصة لم تنته بعد..

لم تنه (سمر) دراستها في الدورة لانشغالها بالمولود الجديد..
تغيبت (٤) أيام فقط ثم عادت للدورة، وقد حفظت ما فاتها! لم تأت وحيدة في هذه المرة، بل معها رضيعها بين يديها، دخلتْ مقر الدورة وضعت رضيعها عند (المستخدمة) بعد أن أشبعته رضاعة فنام، ثم دخلت الفصل تحفظ وتُسمّع للمعلمة، وبين حين وآخر تذهب لصغيرها لتطمئن عليه..

لفتَ نظر من حولها أن طفلها الرضيع لا يبكي كعادة أكثر الصغار..
لا أدري! هل صدقها مع الله ورغبتها في حفظ القرآن، أنزل سبحانه السكينة على هذا الطفل.. الله أعلم!

طلبت مني مديرة الدورة لقاء آخر مع الطالبات، فوافقت ولم أتردد!
لا أدري هل لأن منزلي لا يبعد كثيراً عن مقر الدورة أم لرؤية (سمر) بعد الولادة، أم للاجتماع مع تلك الوجوه المسفرة (طالبات الدورة)؟!

ذهبت من الغد إلى مقرّ الدورة، دخلتُ قاعة الفصل..
ها هي سمر، تلبس (القفاز) والمصحف بين يديها، وتعب الولادة لا يزال في وجهها..
وجاء الحفل الختامي، فإذا فتاة حيوية نشيطة، ترتدي أحسن اللباس، تُقبل للسلام عليّ..
من هي يا ترى؟! آه (سمر) لقد تغيّرتِ يا سمر!

عُدّ أسماء المتسابقات.. ها هي (سمر) تستلم شهادة حفظ (١٠) أجزاء من القرآن.
ذهب التعب وجاء الحصاد، لقد أعطيتيني -يا سمر- درساً عملياً في الصبر والطموح وعلو الهمة.
حقاً! لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا، لقد لقنتني درساً -يا سمر- أنّ من صدق مع الله صدق الله معه..

وها أنا أنشر قصتك لعلها تكون درساً لمن آثر الراحة والدعة، أن ينفض غبار الكسل ويلحق بركب الحفاظ..
حفظك المولى، وجعل ما حفظتيه حجة لك لا عليك..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم.. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

شيخة بنت محمد القاسم

مشرفة تربوية -عضوة في تأليف المقررات الدينية سابقا، وعضوة في وحدة التوعية الإسلامية بالرياض .

  • 28
  • 0
  • 5,232

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً