وقت إضافي لخمس دقائق فقط
قد تعلمنا ولا نزال نتعلم من هذا الدين العظيم أن النصر بالحجة والبرهان والإقناع وتأثير الناس، ليس بسبب كثرة الثقافة والمعلومات عند الشخص.
د. عبد الله النصيع استشاري طب الأطفال في مستشفى الملك فهد سابقًا، نموذج من النماذج المشرقة التي جمعت بين التخصص العلمي وبين استشعار مسؤولية الدعوة إلى الله عز وجل، سافر إلى أمريكا لحضور مؤتمر طبي وشاور بعض الأخوة فنصحوه بثلاثة أمور:
[1]- الصلاة على وقتها وعدم التهاون في ذلك مهما كانت الأسباب.
[2]- المحافظة على لبس الثوب والشماغ على أن يلبس معطف الطبيب فوق الثوب ويقصدون بذلك استشعار عزة المسلم في الغربة.
[3]- الحرص على الدعوة إلى الله عز وجل.
يقول الدكتور عبد الله قبل أن يبدأ المؤتمر حرصت على أن أجد طبيبًا عربيًا لأجلس بجانبه ليشد من أزري وفعلًا وجدت طبيبًا ملامحه عربية فجلست بجواره ففوجئت به يقول لي: "إذهب بسرعه وبدل هذه الملابس (لا تفشلنا أمام الأجانب)".
يقول الدكتور عبد الله قلت في نفسي ربما لو جلست بجوار أمريكي لما قال هذا.
ثم بدأ المؤتمر ثم جاء وقت صلاة الظهر وقمت لأصلي وأعلنت الأذان قبل الصلاة، ثم عدت إلى مكاني وبعد ساعة دخل وقت الصلاة التالية فقمت لأصلي ثم شعرت بشخص يقف بجانبي في الصلاة ولما انتهيت من الصلاة نظرت إلى ذلك الشخص، فإذا به الطبيب العربي الذي كان ينتقدني في ملابسي وكان يصلي ويبكي فسلمت عليه
فقال لي: "جزاك الله خيرًا لقد قدمت إلى أمريكا منذ أربعين سنة وتزوجت أمريكية وأحمل الجنسية الأمريكية وأموري المالية والمعيشة على أحسن حال ولكني والله لم أركع لله ركعة واحدة خلال هذه الأربعين سنة ولما رأيتك تصلي الصلاة الأولى تحركت في نفسي أشياء كثيرة وتذكرت الإسلام الذي نسيته منذ أن قدمت إلى هذه البلاد منذ أربعين سنة وقلت في نفسي إذا قام هذا الشاب ليصلي مرة ثانية فسوف أصلي معه..".
يقول الدكتور عبد الله ثم نشأت علاقة قوية بيني وبين هذا الطبيب واستطعت من خلال الذهاب والمجيء معه التعرف على كثير من الأمور في أمريكا في فترة قصيرة.
ويقول الدكتور عبد الله وكنت أتمنى أن أتحدث عن الإسلام وأقوم بواجب الدعوة إلى الله في ذلك المؤتمر ولكن الفرصة غير مناسبة لأن كل طبيب وطبيبة مشغول بالمؤتمر والاستفادة من البحوث والتوصيات من الأطباء والطبيبات.
وفي اليوم الأخير للمؤتمر كان هناك حفل ختامي يتخلله عدة فقرات وفوجئت بأن إحدى الفقرات هو طلب من اللجنة المنظمة للحفل أن يتكلم الدكتور عبد الله لمدة خمس دقائق عن أمرين:
الأول: ما هو سبب إصرار الدكتور عبد الله على إلتزامه بالملابس العربية التي يلبسها حيث جاءت أسئلة كثيرة من الأطباء والطبيبات في هذا الجانب؟.
الثاني: أن يتحدث عن تطور المملكة العربية السعودية.
فقال لهم: "بالنسبة للملابس فكما أن لكم تقاليد وعادات تتمسكون بها فهذه الملابس من عاداتنا وتقاليدنا فنحن نتمسك بها. وأما عن تطور المملكة فالحمد لله هناك نهضة حضارية وتطور ملموس".
قال الدكتور عبد الله ومن باب تأليف قلوبهم "قلت لهم ولم تقصروا أنتم فقد أرسلتم لنا أجهزة حديثة وخبراء"
(يقول الدكتور عبدالله): "وكنت أرغب في الحديث عن الإسلام ولكنهم حددوا الوقت بخمس دقائق
وطلبوا الحديث عن الملابس وعن تطور البلد. ووفق الله عز وجل فخطرت لي فكرة أن أضع أمامهم علامة استفهام، فقلت لهم إننا اجتمعنا للبحث الطبي عن سائل بداخل الجسم في مؤتمر يكلف كذا مليون دولار
ولكن هذا الإنسان بأكمله ما الحكمة من وجوده في هذه الدنيا؟..".
يقول الدكتور عبد الله ثم انتهت الخمس دقائق وأردت أن أرجع إلى مكاني، فلاحظ المخرج الذي يصور الحفل عن طريق الفيديو أن الأطباء والطبيبات مشدودون مع السؤال الذي طرحته فأشار لي بيده أن أستمر لمدة خمس دقائق إضافية، وهنا وجدت الفرصة لأتحدث عن الإسلام.
وبمجرد أن بدأ الحديث عن الإسلام وقفت طبيبة غربية وقالت تسمح يا دكتور سؤال....
لماذا تزوج رسولكم إحدى عشرة امرأة أن هذا يدل على شهوانية؟.
قال الدكتور عبدالله -مازحًا- طبعًا لا أستطيع أن أقول لها يا أمة الله اتقي الله وغطي وجهك فهذه لا يتأثر بها إلا أهل الإيمان.
فسألت هذه الطبيبة وعموم الأطباء والطبيبات سؤالين، قلت في السؤال الأول: الذي يتزوج عن شهوة هل يأخذ بكرًا أو ثيبًا؟.... فأجمعوا أنه يأخذ بكرًا.
فقلت لهم: أول امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم (وهي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها) كانت ثيبًا وكان عمرها أربعين سنة.
وقلت لهم في السؤال الثاني كم سن ثوران الشهوة؟ فقالوا تقريبًا من سن ستة عشر عامًا إلى سن الأربعين هو سن اكتمال الرجولة والنضج العقلي فقلت لهم أن رسولنا صلى الله عليه وسلم لم يتزوج باقي نسائه بعد خديجة إلا بعد إكماله الأربعين سنة وذلك بعد أن نزل عليه الوحي، فالمسألة تشريع وحكمة وليست شهوة.
فقالت هذه الطبيبة إذا سلمنا لك بالنسبة لرسولكم فلماذا تتزوجون أنتم بأربع نساء أن هذا تحقير للمرأة؟
فحاورها الدكتور عبد الله وقال لها: "إن المجتمع الغربي اليوم يتزوج الرجل بواحدة فقط لكن يعاشر بالحرام عددًا من النساء من الصديقات والخليلات والإحصائيات المعاصرة في الغرب تثبت أن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، فعجزت الطبيبة عن الرد المقنع وألقمت حجرًا.
وبعد ذلك بدقائق أعلنت أربعة طبيبات غربيات عن رغبتهن في الدخول في الإسلام.
قال الأخ عادل عبدالرحيم: وتعليقي على هذه القصة:
على الرغم من أن بها بعض الشباب ذكورًا أو إناثًا بالغرب أما بلسان حالهم أو مقالهم إلا أن الخير باق في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة والنماذج المشرقة من الشباب ذكورًا وإناثًا موجودة والحمد لله...
صحيح قد تكون أكثرية المسلمين ليست كذلك ولكن العبرة ليست بالأكثرية، فقد يوفق الله عز وجل شخصًا واحدًا يسافر للخارج لمدة أسبوع ويهدي الله على يديه عددًا من الناس..
بينما يسافر مئات المسلمين إلى الخارج ولا يكون لهم أي تأثير في نصر هذا الدين.. فقد تعلمنا ولا نزال نتعلم من هذا الدين العظيم أن النصر بالحجة والبرهان والإقناع وتأثير الناس، ليس بسبب كثرة الثقافة والمعلومات عند الشخص. إنما يكون النصر لمن صدق مع الله وأخلص لله واستشعر أنه مسؤول عن هذا الدين.
نسأل الله عز وجل أن يجزي الدكتور عبد الله خير الجزاء وأن يثبتنا جميعًا على طاعته وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
والحمد لله رب العلمين.
- التصنيف: