زاد المعاد - هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستسقاء
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى الغيمَ والريح، عُرِفَ ذلك في وجهه، فأقبل وأدبر، فإذا أمطرت، سُرِّيَ عنه، وذهب عنه ذلك.
قال الإمام ابن القيم
ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه استسقى على وجوه.
أحدها: يومَ الجمعة على المنبر في أثناء خطبته، وقال: « ».
الوجه الثاني: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعد الناسَ يومًا يخرجُون فيه إلى المصلى، فخرج لما طلعت الشمسُ متواضعًا، متبذِّلًا، متخشِّعًا، مترسِّلًا، متضِّرعًا، فلما وافى المصلَّى، صَعِدَ المنبر إن صحِ، وإلا ففي القلب منه شيء فحمد الله وأثنى عليه وكبَّره، وكان مما حُفِظ من خطبته ودعائه: « » ثم رفع يديه، وأخذ في التضرُّع، والابتهال، والدعاء، وبالغ في الرفع حتى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوَّل إلى الناس ظهَره، واستقبل القبلة، وحول إذ ذاك رداءَه وهو مستقبل القبلة، فجعل الأيمنَ على الأيسر، والأيسر على الأيمن، وظهرَ الرداء لبطنه، وبطنه لظهره، وكان الرداء خميصةً سوداء، وأخذ في الدعاء مستقبلَ القِبلة، والناسُ كذلك، ثم نزل فصلَّى بهم ركعتين كصلاة العيد من غير أذان ولا إقامة ولا نداءٍ البتة، جهر فيهما بالقراءة، وقرأ في الأولى بعد فاتحة الكتاب:. {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1]، وفي الثانية: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية:1].
الوجه الثالث: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقى على منبر المدينة استسقاء مجردًا في غير يوم جمعة، ولم يُحفظ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الاستسقاء صلاة.
الوجه الرابع: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقى وهو جالس في المسجد، فرفعٍ يديه، ودعا اللهَ عز وجل، فحُفِظَ مِن دعائه حينئذ: «
».الوجه الخامس: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقى عند أحجار الزيت قريبًا من الزَّوراء، وهي خارج باب المسجد الذي يُدعى اليوم باب السلام نحو قذفةِ حجر، ينعطفُ عن يمين الخارج من المسجد.
الوجه السادس: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء، فأصاب المسلمينَ العطشُ، فشَكَوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال بعضُ المنافقين: لو كان نبيًا، لاستسقى لقومه، كما استسقى موسى لقومه، فبلغ ذلك النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: « ».
وحُفظ من دعائه في الاستسقاء: «
»، « ». وأُغيث صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل مرة استسقى فيها.واستسقى مرة، فقام إليه أبو لُبابة فقال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن التمر في المَرابد، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
»، فأمطرت، فاجتمعوا إلى أبي لُبابة، فقالوا: إنها لن تُقلعَ حتى تقوم عُريانًا، فتسُدَّ ثعلبَ مربدك بإزارك كما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففعل، فاستهلت السماء. ولما كثر المطر، سألوه الاستصحاء، فاستصحى لهم وقال: « ».وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا رأى مطر قال: «
وكان يحسر ثوبَه حتى يصيبه من المطر، فسئل عن ذلك، فقال: « ».
قال الشافعي رحمه الله: أخبرني من لا أتهم عن يزيد بن الهاد، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سال السيل قال: « » .
وأخبرني من لا أتَّهم، عن إسحاق بن عبد الله أن عمر كان إذا سال السيلُ ذهب بأصحابه إليه، وقال: ما كان لِيجيء منْ مجيئه أحدٌ إلا تمسَّحنا به.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى الغيمَ والريح، عُرِفَ ذلك في وجهه، فأقبل وأدبر، فإذا أمطرت، سُرِّيَ عنه، وذهب عنه ذلك، وكان يخشى أن يكون فيه العذاب. قال الشافعي: وروي عن سالم بنِ عبد الله عن أبيه مرفوعًا أنه كان إذا استسقى قال: «
».قال الشافعي رحمه الله: وأحبُّ أن يدعوَ الإِمام بهذا، قال: وبلغني أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دعا في الاستسقاء رفع يديه وبلغنا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتمطَّر في أول مطرة حتى يصيبَ جسده. قال: وبلغني أن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أصبح وقد مُطِرَ الناس، قال: مُطِرنا بنَوءِ الفَتح، ثم يقرأ: {مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر:2].
قال: وأخبرني من لا أتهم عن عبد العزيز بن عمر،عن مكحول عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «
وقد حَفظْتُ عن غير واحد طلبَ الإِجابة غد: نزول الغيث، وإقامة الصلاة. قال البيهقي: وقد روينا في حديث موصول عن سهل بن سعد، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « ».
وروينا عن أبي أمامة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «
».أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: