قضايا الحاكمية تأصيل وتوثيق - (27) من هو المتغلب؟

منذ 2014-10-16

الحاكم المُتغلِّب على لسان أهل العلم قاطبةً، على مدار أكثر من ثلاثة عشر قرنًا؛ هو مَن جمعَ وصفين، لا ثالث لهما..

مَن هو المُتغلِّب الذي عَناهُ العُلماءُ والفُقهاء؟! ولماذا ارتضَوا ولايتَه؟!
الحاكم المُتغلِّب على لسان أهل العلم قاطبةً، على مدار أكثر من ثلاثة عشر قرنًا؛ هو مَن جمعَ وصفين، لا ثالث لهما..

الأول: أنَّه ذو شَوكةٍ وقوَّة، فيتسلَّط على الحُكم بسَيفه وقَهره، فيَغلِب الناسَ على الرضوخ له، والسَّمع له والطَّاعة، دون اختيارٍ منهم، حتى تتمَّ له البَيعة.

والثاني -وهو الذي أهملَه المُعاصرون-: كونُه ذا أهليَّةٍ للإمامة، صالحًا لها، مُستوفيًا شروطَ الإمام العدْل، وواجباتِه المَنوطة به من إقامة الدِّين، والجُمع والأعياد والجهاد، وحِفظ الثغور، وإيفاء الحقوق، وردّ المظالم.. إلخ!

* قال ابنُ بطَّال رحمه الله: "وأهل السُّنة مُجمِعون على أن المُتغلِّب يقوم مقامَ الإمام العدل فى إقامة الحدود، وجهاد العدوّ، وإقامة الجُمعات والأعياد، والإمام جُنَّة بين الناس بعضهم من بعض؛ لأن بالسلطان نزعَ اللهُ تعالى عن المستضعفين من الناس، فهو سترٌ لهم، وحِرزُ الأموال وسائر حُرمات المؤمنين أن تُنتهك" (شرحه على البخاري).

* وقال القرطبي رحمه الله:"فإن تغلَّب مَن له أهليةُ الإمامة، وأخذها بالقهر والغلبة ؛ فقد قيل: إن ذلك يكون طريقًا رابعًا -أي من طرق الولاية-".

وقال ابن خُويز مَنداد:"ولو وَثب على الأمر مَن يَصلح له، مِن غير مشورةٍ ولا اختيار، وبايعَ له
الناس؛ تمَّت له البيعة" (الجامع لأحكام القرآن).

* وقال فقيهُ الشافعية؛ ابنُ أبي الخير العمراني، في كتابه الانتصار:
"وقال أصحابنا -الشافعية-:وقد ثبتَت الإمامةُ من وجهٍ غير ما تقدَّم ذِكْره، فإن لم يكن هناك إمامٌ فقام رجلٌ له شَوكة، وفيه شروط الإمامة، فقهَر الناسَ بالغَلبة، فأقام فيهم الحقَّ؛ فإن إمامتَه تثبتُ، وتجبُ طاعتُه، والدخولُ تحت حُكمه،
لأن المقصود قد حصَل بقيامه".

* وقال ابنُ الوزير اليمانيُّ رحمه الله: "أن الفقهاء قد أطلقوا القولَ بانعقاد إمامة المتغلِّب؛ للضرورة! والذي لا يتأمَّل كلامَهم؛ يُنكرُه، لظنِّه أن مُرادهم أنه إمامٌ على الحقيقة، وإنما سمَّوه إمامًا؛ لمَّا كانت تنعقد به الأحكامُ المتعلقة بالأئمة،
الموافِقةُ للحقِّ، ولمَّا كان يَستحق هذا الاسمَ في وضع اللغة، ولهذا نصُّوا على أنه لا تحلُّ طاعتُه؛ إلاَّ إذا وافقَ الشرع، نصَّ على ذلك النواوي في (الروضة) (العواصم والقواصم).

فليتأمل كلُّ ذي عقلٍ سديد، ورأيٍ رشيد!
كيف أن إمامة المتغلب ليست أصلًا، وإنما هي حال ضرورةٍ واضطرار..
وكيف أن المتغلب؛ ليس إمامًا على الحقيقة، ولا تحلُّ طاعته؛ حتى يُبايع، ويُقيم الدِّين لله، ويُوفِّي الحقوق، ويردّ المظالم، ويُقيم الجهاد والجمع..
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 24
  • 3
  • 14,883
المقال السابق
(26) ولاية المتغلب
المقال التالي
(28) حالات التَّغلُّب وطرائقُه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً