زاد المعاد - هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجمعة وذكر خصائص يومها (5)
هدي الرسول في يوم الجمعة وخصائص هذا اليوم.
وأيضًا، فإن الناس يكونون في المسجد تحت السقوف، ولا يشعرُون بوقت الزوال، والرجلُ يكون متشاغِلًا بالصلاة لا يدرى بوقت الزوال، ولا يُمكنه أن يخرج، ويتخطَّى رقاب الناس، وينظُر إلى الشمس ويرجِعَ، ولا يشرع له ذلك.
وحديث أبي قتادة هذا، قال أبو داود: هو مرسل لأن أبا الخليل لم يسمع من أبي قتادة، والمرسل إذا اتصل به عمل، وَعَضَدَهُ قياسٌ، أو قولُ صحابي، أو كان مرسله معروفًا باختيار الشيوخ ورغبتهِ عن الرواية عن الضعفاء والمتروكين ونحو ذلك مما يقتضي قوته، عُمِلَ به.
وأيضًا، فقد عضده شواهد أخر، منها ما ذكره الشافعي في كتابه فقال: روي عن إسحاق بن عبد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهى عَنِ الصَّلاةِ نِصفَ النهار حتى تزول الشمسُ إلا يومَ الجمعة. هكذا رواه رحمه الله في كتاب (اختلاف الحديث) ورواه في (كتاب الجمعة) حدثنا إبراهيم بن محمد، عن إسحاق، ورواه أبو خالد الأحمر، عن شيخ من أهل المدينة، يقال له: عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد رواه البيهقي في (المعرفة) من حديث عطاء بن عجلان، عن أبي نضرة، عن أبى سعيد وأبي هريرة قالا: كان النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن الصلاة نِصفَ النهار، إلا يوم الجمعة ولكن إسناده فيه من لا يحتج به، قاله البيهقي، قال: ولكن إذا انضمت هذه الأحاديث إلى حديث أبي قتادة أحدثت بعض القوة.
قال الشافعي: من شأن الناس التهجير إلى الجمعة، والصلاةُ إلى خروج الإِمام، قال البيهقي: الذي أشار إليه الشافعي موجود في الأحاديث الصحيحة وهو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رغَّب في التبكير إلى الجمعة، وفي الصلاة إلى خروج الإِمام من غير استثناء، وذلك يُوافِق هذه الأحاديث التي أُبيحت فيها الصلاة نصف النهار يوم الجمعة، وروينا الرُّخصة في ذلك عن عطاء، وطاووس، والحسن، ومكحول. قلت: اختلف الناسُ في كراهة الصلاةِ نِصفَ النهار على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ليس وقت كراهة بحال، وهو مذهب مالك.
الثاني: أنه وقت كراهة في يوم الجمعة وغيرها، وهو مذهب أبي حنيفة، والمشهور من مذهب أحمد.
والثالث: أنه وقت كراهة إلا يومَ الجمعة، فليس بوقت كراهة، وهذا مذهب الشافعي.
الثانية عشرة: قراءة (سورة الجمعة) و(المنافقين)، أو (سبح) و(الغاشية) في صلاة الجمعة، فقد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بهن في الجمعة، ذكره مسلم في (صحيحه).
وفيه أيضًا: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يقرأ فيها ب (الجُمُعةِ) و(هَلْ أتاك حديثُ الغاشية) ثبت عنه ذلك كلُّه.
ولا يُستحب أن يقرأ مِن كل سورة بعضها، أو يقرأ إحداهما في الركعتين، فإنه خلافُ السنة، وجُهَّال الأمة يُداومون على ذلك.
الثالثة عشرة،: أنه يومُ عيد متكرِّر في الأسبوع، وقد روى أبو عبد الله بن ماجه في (سننه) من حديث أبي لُبابة بنِ عبدِ المُنذر قال: قال رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
».الرابعة عشرة: إنه يُستحب أن يلبَس فيه أحسَنَ الثياب التي يقدِرُ عليها، فقد روى الإِمام أحمد في (مسنده) من حديث أبي أيوب قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «
».وفي (سنن أبي داود)، عن عبد الله بن سلام، أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول على المِنبَر في يَوْمِ الجمعة: «
وفي (سنن ابن ماجه)، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب الناسَ يومَ الجمعة، فرأى عليهم ثِيابَ النِّمار، فقال: « ».
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: