هجرة لقلب تعني الحياة!
اليقين بالنصر مهما كانت الخطوب، فلابد للمؤمن أن يُمتَحَن في الطريق الذي يسلكه {الٓمٓ . أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓا۟ أَن يَقُولُوٓا۟ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ} [العنكبوت:1-3]
يَهِّلُّ علينا ذكرى هجرة الحبيب إلى المدينة..
نستحضر معها الفترة المكية.. تقف شاهدة على ما حدث للمسلمين على يد الكفار..
شاهدة على الإيذاء والصبر..
شاهدة على عام الحزن الذي مرَّ به الحبيب، فقد فيه حبيبته وزوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، وموت عمه من كان يحميه من قريش، و تأخر الوحي..
شاهدة على التضييق في الشِعب والصمود واليقين..
شاهد على بيعة الأنصار تحت الشجرة، بيعة الرضوان.. التي خُلِّدَت أحداثُها في آيات القرآن الكريم في سورة الفتح، يتلوها المسلمون إلى قيام الساعة.. سورة شاهدة على احداث البيعة والفتح {لَّقَدْ رَضِىَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحًۭا قَرِيبًۭا} [الفتح:18]..
ثم تأتي الهجرة.. وبها يتعلم المؤمنون أسمى معاني التوكل واليقين بالنصر والتمكين.. وما أحوجنا في ظل ما تواجهه الأمة الآن من تَعَلُّم لتلكم الدروس حتى تحيا بها القلوب وتبعث الأمل في النفوس..
التوكل على الله في كل خطوة مع أخذ بالأسباب.. جميل التوكل وتسليم القلب لله.. وأن الله لن يُضَيِّع الرسول صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًۭا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُۥٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمْرِهِۦ ۚ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍۢ قَدْرًۭا} [الطلاق: 2، 3]..
ويظهر ذلك من أول خطوة اتخذها النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة حتى وصوله المدينة التي أنارت بنور الحبيب والدين فيها.. فجعلت إلى الآن تسمى بالمدينة المنورة..
اليقين بالنصر مهما كانت الخطوب، فلابد للمؤمن أن يُمتَحَن في الطريق الذي يسلكه {الٓمٓ . أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓا۟ أَن يَقُولُوٓا۟ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ} [العنكبوت: 1: 3].
ولنا درسٌ آخر في موقف الصدِّيق رضي الله عنه في الغار عندما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ"، فكان رد النبي درسًا في الثبات واليقين: « » (صحيح مسلم).. وكانت تلك الآيات {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ثَانِىَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَـٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٍۢ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ٱلسُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِىَ ٱلْعُلْيَا ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:40]..
وكانت الهجرة إلى المدينة.. وبدأت معها مرحلة جديدة من النصر والتمكين للمجتمع المسلم، ولكن هل الهجرة ذكرى نتذكرها ونقف عند معانيها فقط؟!
أليس لنا هجرة؟!
«
» (صحيح، مسند أحمد [3/133])..فأما هَجرُ السيئات، فهي هجرة القلب والجوارح لله.. تلجأ له وتبتعد عن كل ما يغضب ربك.. تهاجر بقلبك من ظلمة المعاصي إلى نور رحمة الله والطاعة..
وأما الآخرى، فهي الهجرة إلى الله والرسول.. هجرة المكان والفرار بالدين في حال وجود مكان يكثر فيه المعاصي ولا يستطيع المؤمن أن يأمن على دينه بها.. يهاجر منها إلى بلاد الإسلام..
ولن تنقطع هجرة القلب لله والهجرة إلى بلاد الإسلام ما دامت التوبة تُقبَل، حتى ظهور كبرى علامات يوم القيامة وظهور الشمس من مغربها..
إذاً ما حال قلبك الآن؟!
ألم يأن بَعدُ أن يُسلِمَ هذا القلب لخالقه.. ويَهجُر ضنكَ المعاصي إلى رحاب الطاعة، أن يترك كل ما يغضب ربه لكل ما يحبه ربه فصلاح القلب أول طريق التمكين. "ميدانكم الأول أنفسكم، فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر، و إذا أخفقتم في جهادها كنتم عما سواها أعجز، فجربوا الكفاح معها أولاً، و اذكروا أن الدنيا جميعاً تترقب جيلاً من الشباب الممتاز بالطهر الكامل، و الخُلُق القوي الفاضل، فكونوا أنتم هذا الشباب و لا تيأسوا، و ضعوا نصب أعينكم قول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم: «ا » (صحيح الجامع [1018])، ثم انظروا هل أنتم كذلك؟ {وَقُلِ ٱعْمَلُوا۟ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة:105]. " حسن البنا.
- التصنيف:
- المصدر: