لو لم أجد إلا ثوبي هذا لواريتكم تحته
فرق كبير بين ما نراه اليوم من أصحاب الخصومة السياسية وبين سلف الأمة، نرى القتل والسحل والاعتقال والتحرش بالنساء واعتقالهن، والنفي وقطع أرزاق الموظفين، بينما كانت أخلاق سلف الأمة في واد آخر..
فرق كبير بين ما نراه اليوم من أصحاب الخصومة السياسية وبين سلف الأمة، نرى القتل والسحل والاعتقال والتحرش بالنساء واعتقالهن، والنفي وقطع أرزاق الموظفين، بينما كانت أخلاق سلف الأمة في واد آخر..
سأعرض أحد مواقف المختلفين سياسياً من السلف ثم أطرح التساؤل الأهم:
قال مالك بن دينار: "أتينا منزل الحكم بن أيوب ليلًا وهو على البصرة أمير، وجاء الحسن وهو خائف فدخلنا معه عليه، فما كنا مع الحسن إلا بمنزلة الفراريج، فذكر الحسن قصة يوسف عليه السلام وما صنع به إخوته، فقال: باعوا أخاهم وأحزنوا أباهم، وذكر ما لقي من كيد النساء ومن الحبس، ثم قال: أيها الأمير، ماذا صنع الله به؟ أداله منهم، ورفع ذكره، وأعلى كلمته، وجعله على خزائن الأرض، فماذا صنع يوسف حين أكمل الله له أمره وجمع له أهله؟ قال: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92]، يعرض للحكم بالعفو عن أصحابه، قال الحكم: فأنا أقول لا تثريب عليكم اليوم، ولو لم أجد إلا ثوبي هذا لواريتكم تحته" (إحياء علوم الدين للغزالي:3/184).
والسؤال الآن: ما الفرق ولماذا هذه الهوة؟
الإجابة بكل وضوح: هو الفرق بين من ينعم بشرع الله ويتحاكم إليه، وبين من يرتع في حكم غيره ويتبنى مناهج مضادة للعقيدة الإسلامية الصحيحة.
قال الفضيل بن عياض: "إذا أتاك رجلٌ يشكو إليك رجلًا، فقل: يا أخي، اعفُ عنه؛ فإنَّ العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمِل قلبي العفوَ، ولكن أنتصر كما أمرَني الله عزَّ وجل فقل له: إن كنتَ تُحسِن أن تنتَصِر، وإلا فارجع إلى باب العفو؛ فإنه باب واسع، فإنَّه مَن عفَا وأصلحَ فأجره على الله، وصاحِبُ العفو ينام على فراشه بالليل، وصاحب الانتصار يقلِّب الأمور؛ لأن الفُتُوَّة هي العفوُ عن الإخوان" (رواه ابن أبي حاتم في تفسيره:10/3280، وأبو نعيم في الحلية:8/112).
- وقال إبراهيم النخعي: "كان المؤمنون يكرهون أن يستذلوا، وكانوا إذا قدروا عفوا" (تفسير القرآن العظيم لابن كثير:7/210).
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: