جنة الدنيا - (2) جنة التوحيد

منذ 2014-11-29

هاكم (زهرة التوحيد) توحيد الله جل جلاله، فهذه زهرة من جنة الدنيا، التوحيد أصل الأصول، وهو الجنة الحقيقة للمؤمن.

أعُوذُ بِاللهِ مِنْ الشِّيطَانِ الرَّجِيمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ

إن الحمدَ لله، أحمدُه تعالى، وأستعينه وأستغفره، وأعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده، ورسوله، اللهم صلِّ على محمد، وعلى آلِ محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمدٍ، وعلى آلِ محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].

أما بعد،

فإن أصدقَ الحديث كلامُ الله تعالى، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وإن شرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار. ثم أما بعد،

فإخوتي في الله

والذي فلق الحبة، وبرء النسمة، إني أحبكم في الله، وأسأل الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله، اللهم اجعل عملنا كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل  فيه لأحدٍ غيرك شيئًا.

أحبتي في الله.. إخوتي في الله...

أنا أحبكم في الله؛ ولذلك دعوتكم إلى الجنة! جنة حقيقة وليست حُلمًا.

إخوتي...

فعلًا هي الجنة الحقيقة على حقيقتها، هي التي قال عنها الحسن وغيره: "نحن في سعادة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف"، يقصد أن السعادة التي نحن فيها، الملوك وأبناء الملوك يبحثون عنها، يدفعون ويبذلون من أجلها الغالي والنفيس للحصول عليها، فلمَّا رأونا حصَّلنها وحُزناها وعشناها، لو يعرفون ما نحن فيه من سعادة؛ لحاربونا وقطـَّعونا بسيوفهم ليأخذوا السعادة التي نحن فيها، "نحن في سعاة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف"، قيل: "وأي سعادة تلك؟" قال: "سعادة طاعة الله"، طاعة الله جل جلاله، هذه السعادة الحقيقية.

 إخوتي...

تعالوا لنقف مع أول زهرة من جنة الدنيا.

أهديكم أول زهرة من جنة الدنيا.

أهديكم أول زهرة من جنة الدنيا.

هاكم (زهرة التوحيد) توحيد الله جل جلاله، فهذه زهرة من جنة الدنيا.

إخوتاه...

التوحيد أصل الأصول، التوحيد أصل الأصول، وهو الجنة الحقيقة للمؤمن، اسمع كيف وصف الله لك تلك الجنة: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الزمر:29].

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ}، الله جل جلاله يضرب لك مثلًا عن رجل خدَّام وهذا العبد اشتراه أناس كثيرون، خمسة شركاء أو عشرة شركاء، وهم متشاكسون، غير متفقين؛ فأحدهم يقول له: "اذهب"، والآخر يقول له: "تعال"، أحدهم يقول له: "اجلس"، والآخر يقول له: "قف"، أحدهم يقول له: "ابعث هذا"، والآخر يقول له: "احضره"، وهناك من يقول له: "افعل"، والآخر يقول له: لا تفعل، فكيف سيكون حال هذا العبد الذي فيه شركاء متشاكسون؟ فمن سيُرضي؟ ولمن سيستمع؟ فهو معذب، ممزق، {وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ} أي عبد لواحد فقط، فيقول له: "اذهب أو تعال"، أو يقول له: "افعل"، انظر للفرق بين هذا وذاك.

التوحيد؛ هذه الجنة، أنك سَلَمَ لله وحده، تُرضيه وحده، وتحبه وحده، وتخاف منه وحده، وترجوه وحده، وتُطيعه وحده، وتعمل له وحده، وتعيش له وحده، وتموت له وحده، وحده يحاسبك، وحده يعذبك، وحده ينعمك.

جنة؛ لذلك قال لك الله اشكرني على هذه النعمة: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء:111].

سعادة التوحيد أن تعرف؛ وأن تعتقد؛ وأن تؤمن أن الله وحده هو الخالق، وهو الرازق، وهو الحَكَم، وهو القادر، وهو القاهر، هو وحده، سعادة التوحيد أن يتعلق قلبك برب واحد، ثم انظر إلى هذا الرب جل جلاله، غني  وكريم وعظيم وعليم وقدير وجميل سبحانه وتعالى.

انظر انظر إلى هذه السعادة والبهجة التي تملئ قلبك؛ عندما تعرف أن ربك ليس كمثله شيء، انظر إلى السعادة التي تطغى على كيانك حينما تعرف أن ربك أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء:67].

أخي الحبيب...

تعالَ لنعش جنة التوحيد في معانيه الثلاثة: توحيد الربوبية، انظر إلى الجنة في توحيد جنة الربوبية، لأننا نريد أن نقسم جنة الدنيا في برنامجنا هذا إلى ثلاثين جنة، ندخل كل يوم جنة، نطوف بين أزهارها وأشجارها، وبين زهراتها وأرضها وسمائها، فجنة التوحيد هي الجنة الخاصة لهذه الحلقة التي نطوف فيها، فتعالوا نطوف في ثلاث زهرات في جنة التوحيد، توحيد الربوبية.

فجنة توحيد الربوبية هي جزء من جنة التوحيد التي هي جزء من جنة الدنيا.

توحيد الربوبية: هو توحيد الله بأفعال الله، انظر انظر انظر إلى سيدك النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كيف كان يعيش جنة التوحيد؟ كان إذا نزل المطر تلقاه بوجهه وصدره صلى الله عليه وسلم وقال: «حديث عهد بربه، حديث عهد بربه» (صحيح مسلم)، رزق جاء للتو من عند الله؛ أنت تعلم أن المطر يأتي من عند الله، والله أنزله، فهو مخلوق حالًا، فحديث عهد بربه؛ فيتلقاه ويمسح به على وجهه، صلِّ عليه، صلى الله عليه وسلم، أرأيت كيف كان؟! ليس كمن يقول رياح عكسية شمالية اصطدمت بمنخفض جوي لا أدري أين فحدث كذا وكذا، انظر إلى الجنة، عندما تشعر بجنة توحيد الربوبية.

مثلًا: ربنا يُرزُقك بولد، اللهم ارزق كل المسلمين والمسلمات ذرية صالحة، اللهم اجبر خاطر كل المسلمين بذرية صالحة تقر بها أعينهم يا رب العالمين، آمين.

عندما تُرزق بولد فتمسكه، فإنك تشعر أن الذي خلق هذا الولد هو الله، فتنظر إلى عيناه، وأنفه، وتنظر إلى أذنيه، وأصابعه وأظافره وأرجله، سبحانك ربي، سبحانك ربي، الخالق، البارئ، المصور، جل جلاله.

توحيد الربوبية:

يا أخي...

الذي يُنزل المطر، ويُنبت الزرع {انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} [الأنعام:99]، {انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ}، {انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ}، انظر وتأمل في خلق الله، بديع صنع الله، جميل.

توحيد الربوبية:

أنك تنظر قبل أن تأكل وتتأمل، سبحان الله العظيم، قطعة أرض واحدة ومنها اللون الأبيض واللون الأخضر واللون الأحمر، سبحان الله العظيم، وتشم، فللون الأحمر رائحة، والأخضر له رائحة أخرى، والأبيض رائحة ثالثة، وهذا العنق له طعم، والورقة لها طعم، الله! سبحان ربي، عندما أعرف أن ربي الذي هو ربي هو الذي خلق ليس ذلك فقط، لا، لا بل وأيضًا في توحيد الربوبية؛ هو الذي خلق لي العينين التي ترى هذا وتميزه، بل وأيضًا خلق لي العقل الذي يفهم به هذا، ويدرك هذا ويُفَّصل هذا، ليس ذلك فحسب، لا، لا وبل خلق لي الذوق، فأتذوق هذا، وأستمتع بهذا؛ فقل: سبحان ربي قُل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى. وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى. فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى} [الأعلى:1-5] ،سبحان الله العظيم.

نعم أُخيِّ...

نعم حبيبي في الله... هذا توحيد الربوبية.

 أما توحيد الألوهية:

أن {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ} [النحل:17]، فالذي خلق يستحق أن يُعبد، فهو الذي يُعبد، فمقتضى توحيد الربوبية، فبتوحيدك لله على أنه ينزل المطر، وينبت الزرع، ويخلق الإنسان، يُحيي ويُميت، يُمرض ويَشفي، يَرزق ويَمنع، سبحانه وتعالى، توحيد الله بأفعال الله، فعلى مقتضاه أعيش جنة توحيد الألوهية، بمعني أن تَأْلَهَهُ القلوب حبًا، إلهةً، تألهًا.

والتأله أني أحب الله، فهذا هو توحيد الألوهية، أنني أسجد له، توحيد الألوهية أنني أذبح له، وأنذر له، سبحان الله العظيم، فهذا هو توحيد الألوهية، أني أوحد الله بتوحيد الألوهية، انظر حينما أخاف من الله فهذا توحيد؛ ولا أخاف من أحد غيره، جنة.

انظر، انظر إلى هذه القصة وقل لي إن كانت جنة أم لا؟

كان أحد السلف يمشي في الصحراء، فقابله أسد ففرك له أذنه، وقال له اذهب من هنا فذهب الأسد، فقيل له: ألم تخاف منه؟ قال: استحييت أن يطلع الله على قلبي فيرى فيه خوفًا من غيره، يا الله.

فأنا أريدك بالله عليك وأستحلفك بالله، كَم تكون الجنة عندما لا تخاف من أحد، ولا تقلق من أحد، ولا تفكر في أن يؤذيك أحد، فأنت فقط تخاف من الله، وتراعي الله، وكَم تكون هذه الجنة، أنك تكون على يقين أنه لا أحد يستطيع أن ينفعك، ولا أحد يستطيع أن يَضُرك، ولا أحد يستطيع أن يُؤذيك، ولا أحد يستطيع أن يُعطيك، ولا أحد يمنعك إلا بإذن الله، انظر إلى القدر الكبير من الراحة والسعادة، الأمان، الطمأنينة، متعة راحة البال، وإسقاط الناس من الحساب.. أنظر كيف؟

قال الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران:173-174ٍ]، الله، قالوا: {حَسْبُنَا اللّهُ} يعني هو كافينا، {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} فهو وكيلنا وفوضنا إليه الأمر، فوضنا الأمر لله، {انقَلَبُوا} أي رجعوا، {بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ} أي نعمة {وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}، فالناس الذين قيل لهم {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} أي خافوهم سوف يقتلوكم ويخرجوكم من بلدكم {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً}، أليست هذه جنة أم لا بالله عليك.

أن الذي يهددك، تقول له: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، وتكون على ثقة أنك ستنقلب بنعمة من الله وفضل، لن يمسك أحد بسوء، جنة {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب:22] سبحان الملك، إيمان وتسليم زيادة، فهذا توحيد الألوهية.

 أما توحيد الأسماء والصفات:

فهو جنة الجنة، أنك تجلس مع أسماء الله وصفاته، وتتأمل -مثلًا- اسم الله المقيت (مثلًا، مثلًا)، هل تعلم معنى اسم الله المقيت؟ فالمقيت هو الذي يعطي كل شيء قوته، المقيت هو الذي يعطي الإنسان قوته، ويعطي الحيوان قوته، ويعطي الطير قوته، ربنا سبحانه وتعالى، بل أعمق من ذلك، فإنه يعطي النبتة الصغيرة قوتها، والسمكة الصغيرة في البحر قوتها، والمولود في بطن أمه قوته، فهو المقيت، لا بل أدق من ذلك، فالشعرات الدموية الله هو الذي يوصل لها قوتها، وكل شعيرة من شعر رأسك، أو جسمك من أجل أن تعيش يلزمها قوت، والذي يوصل لها القوت وكاتب لها رزقها هو الله سبحانه وتعالى، انظر إلى الدرجة التي يصل إليها القوت إلى الشعرة والظفر والشعيرة الدموية في الأصبع، المقيت.

تأمل اسم الله عز وجل (الكريم)، مِنْ كرمه أنه سخر لك حملة العرش ومن حولهم يستغفرون لك، فأنا لم أتحدث عن كرمه في أموال منحها لك، وصحة، ورزق، وأولاد، بل أقول لك فقط أنه من كرمه {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ} [غافر:7]، حملة العرش يستغفرون لك، ويدعون لك، فما أعظم هذا الكرم!

وأعطيك مثالًا آخر في تأمل اسم الله (الكريم)، قال سبحانه وتعالى: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ آثاما يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان:68]، هل رأيت الكرم!

فإن الإنسان يعصي ويزني ويسرق ويشرب الخمر ويقتل وبعد ذلك يتوب، فربنا يتوب عليه، ويستغفره والله يغفر له، بل أنه من كرمه أنه يبدل له سيئاته حسنات!

تأمل اسم الله (البديع)، (الخالق)، (البارئ)، (المصور)، (البديع)، كيف خلق وأبدع وصور!

تعال وتأمل معي اسم الله سبحانه وتعالى (الوهاب): {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى:49]، الوهاب سبحانه وتعالى، يهب ويعطي بغير حساب، {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة:212].

تعالوا لنتأمل اسم الله (المهيمن) فسبحان الله العظيم، فأنا دائمًا يخطر في بالي اسم الله (المهيمن) وأنا مسافر وأنا أقول: «اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل» (صحيح الترمذي)، «أنت الصاحب في السفر»، بمعنى أنك يا رب صاحبني وأعني أحفظني واحمني واحرسني و كن معي يا رب، «والخليفة في الأهل» يا رب كن مع أولادي، أحفظهم، واحرسهم، واحمهم، وراعهم، وارزقهم، واصرف عنهم ،وكن في عونهم.

فسبحان الله العظيم، معنى ذلك أنك يا رب كن معي ويا رب كن مع أولادي، فمن في الكون يكون معك ومع أولادك في نفس الوقت وبينك وبينهم عشرات الآلاف من الكيلومترات؟!

فسبحان الله العظيم، هذه هي الجنة؛ بأنك تكون بعيد ومطمئن، وأنت قريب مطمئن، ليس بك، لأنك تعلم أنه القادر والقاهر، فهذه هي جنة التوحيد ومتعة جنة التوحيد.

أنا أعطيتك فقط وردة واحدة، والحديقة كبيرة واسعة، فأنا أريدك أن تتأمل، وتتلفت، وتتحرك، وتقطف من هنا وردة، ومن هناك زهرة، ومن هنا ثمرة، من أجل أن تعيش جنة الدنيا.

فهل من الممكن أن تقبل مني زهرة هذه الحلقة المتمثلة في التوحيد؟

هدية مني لك.

إخوتي في الله...

أحبكم في الله.

وأستودعكم الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد حسين يعقوب

داعية إسلامي مصري، حاصل على إجازتين في الكتب الستة وله العديد من المؤلفات

  • 9
  • 2
  • 18,447
المقال السابق
(1) هلموا إلى جنة الدنيا
 

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً