زكاة المال وقوانين الديناميكا الحرارية!

منذ 2014-12-01

الإسلام هو دين الفطرة الذي يتواءم مع الطبيعة الجامدة، فالكون الجامد مسلمٌ ومطيع لله عز وجل دائمًا وأبدًا، كما يتواءم مع البشر الأحياء.

تخيل أن لدينا خزانات حرارية مليئة بالغاز الملتهِب الذي تزداد حرارته مع الزمن بفضل مصادر حرارية خارجية. وتخيل أنه ليس لديها أية متنفس وأن الوسط المحيط بهذه الخزانات وسطًا باردًا.

إن هذه الخزانات الحرارية مهما بلغت قوة حوائطها لن تقوى على مقاومة ضغط الغاز داخلها وستنفجر في لحظةٍ من اللحظات ملبيةً للقانون الثاني الديناميكا الحرارية الذي يخبرنا بأن الحرارة تنتقل من الوسط الأكثر حرارة للوسط الأقل حرارة وسيترتب على هذا الانفجار التوزيع المتساوي للحرارة مع الزمن مما يؤدي إلى ما يُسمّى بالموت الحراري في النهاية حيث لا انتقال للطاقة من مكانٍ لآخر ويحل الصمت الحراري المُطبَق حيثما راقبت!


وعلى النقيض لو وزّعنا الحرارة بالتساوي بأنفسنا بدايةً لوجدنا أننا عجلنا بالموت الحراري وهمدت كل حركة في نظامنا لأنه لن يحدث حِراك حراري أصلًا!

تُرَى ما هو الحل الأمثل لهذه المشكلة الفيزيائية؟

إنه صمامات الأمان التي تُفرِغ الحرارة الزائدة عن حاجة الخزانات الحرارية بحيث تزيل البرودة المميتة من الوسط المحيط مع الاحتفاظ بالطاقة العالية داخل الخزانات ومع حمايتها من الانفجار -  وبالتالي ضمان الأمان للنظام مع ضمان الحركة الدؤوب فيه وعدم الموت الحراري؟!

علاقة المثال السابق بالأنظمة المالية بالعالم:

إن النظام الرأسمالي هو شبيه إلى حدٍ كبير بمخازن الطاقة التي ليس لها أي مُتنفَّس والتي تكتظ بالطاقة -المال- حتى لحظة الانفجار -ثورة الشعوب لإعادة توزيع الثروة-.

أما النظام الاشتراكي فهو مشابه للحالة الثانية من المثال الفيزيائي؛ وهو غالبًا يكون رد فعل للنظام الرأسمالي ويؤدي إلى التسريع بالموت الاقتصادي وإخماد حماس العمل في قلوب العمال.. حيث أنه في هذا النظام يتساوى في الأجر من يكدح في عمله بمن لا يعمل.

الزكاة ودورها في التوازن الاقتصادي:

أما النظام الإسلامي فهو وضع صمامات الأمان على مخازن الطاقة وبالتالي انتفع كل من أصحاب الثروات؛ حيث لا تنبثق ضدهم الأحقاد والضغائن وانتفع الفقراء الكادحون بخروجهم من ظلام الفقر إلى الحياة الكريمة.

وقد حدّد الإسلام سعة هذه الصمامات بحيث يتناسب طرديًا مع كمية الثروة ويؤدي هذا إلى عدم إحساس كل من الغني والفقير بالظلم وإلى نشر الحب والود بين أفراد المجتمع وحمايته من الانهيار أو عدم الاستقرار؛ قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة:103].

الاستنتاج:

الإسلام هو دين الفطرة الذي يتواءم مع الطبيعة الجامدة، فالكون الجامد مسلمٌ ومطيع لله عز وجل دائمًا وأبدًا، كما يتواءم مع البشر الأحياء..

فيا ليتنا نطيع الله فيما أمرنا به فهو أعلم بمن خلق وأعلم بمصلحتهم.

قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14].

والله أعلم.


 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 2
  • 0
  • 2,280

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً