رفع الستار عن اللحى والنقاب
فماذا لو حلق لحيته، ورأيته يخطيء، هل ستشن عليه الهجوم كما فعلت من قبل، أم تعتبره شخص عادي مثلك مثله، فنحن جميعًا محاسبون.
كثيرًا ما نسمع عن ملتحٍ فعل شيئًا مُخلًا بالآداب، أو ترى منتقبة فتُفاجأ بالذهول من فعلها وتصرفاتها، وعندما نرى هذه الأفعال نغضب ونثور، وأول ما نفعله هو أن نعمم على الجميع، وهذا أكبر خطأ.
لأنك بذلك ظلمت ملتحيًا ملتزمًا، أو منتقبة ملتزمة، وربما تجده أصلًا مدعي الالتزام، أو منتقبة لهدف معين.
وهنا؛ أحببت أن أتكلم من وجهة نظري الشخصية.
فالبداية هي أن الكثير من الناس يعتبر الملتحي والمنتقبة قدوة لا يجب أن يخطئوا، ولو أخطئوا لشُنَّت عليهم حرب شرسة، من الجميع بل أصبح التعميم على كل ملتحٍ وكل منتقبة هو النهج المتبع.
ولكن الحقيقة هو أن الملتحي هو بشر يصيب ويخطيء، له هفوات وسقطات، والمنتقبة كذلك، لأنهم -ببساطة- مصنفون من ضمن البشر، وليسوا ملائكة يمشون على الارض، فإذا أخطأ الملتحي فليس له وزران، إنما مثله مثل الحليق عندما يُخطيء، ولكن الفكر المتبع بين الناس أن الملتحي والمنتقبة لا يخطئان كالناس العادية، ولو أخطئا يعمم على الباقي، فيصبح كل ملتحٍ سيء السمعة، وتصبح كل منتقبة مشمأز منها في المجتمع.
وأنا معك بأن ليست كل الأخطاء مقبولة، ولكن يجب عليك أن تعرف الملتزم حقًا، من مدعي الالتزام.
الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يخطئون، والسيرة مسجل بها ذلك، وهم الصحابة الذين عاشوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتَعلموا منه الدين، بل كانت الآيات تُتلى عليهم عند النزول، ومع ذلك كانوا يخطئون، ويستغفرون، فمن يكون الملتحي حتى لا يُخطيء، ومن تكون المنتقبة حتى لا تتعرض للحظات ضعف.
يا أخي الكريم؛ إنما قدوتك هو رسولك الكريم، فهو كان يعفي لحيته، فعندما تعترض على اللحى، أو على تربيتها، فأنت تعترض على سُنة من سُنن النبي، وهدي من هديه، فلا تجعل كل ملتحٍ قدوة لك، ولكن اجعل الرسول هو قدوتك، ولا تقارن بين الملتحين، ولا تعمم، فليس الملتحي نبي مرسل، ولا مَلَكٌ مُنزل، إنما هو بشر، يُصيب ويخطيء، قد يتعرض إلى انتكاسه، ووساوس الشيطان، ويتعرض للضعف، وغير ذلك من سقطات الحياة.
ولا تفرح بذنب أخيك، فيرحمه الله ويبتليك، ولا تحتقر مذنب بذنبه، فلا تدري على أي شيء يُختم لكما.
فلا تجعل للشيطان إليك مدخلًا من هذا الباب؛ بأن يوهمك بأن كل الملتزمين مخطئون، ويرتكبون الآثام الكبرى، ويصور لكِ أنت أيضًا بأن الملابس الضيقة ليس لها علاقة بالأخلاق، وأن هناك منتقبات يفعلن أشياء مُشينة، كل هذا من مداخل الشيطان، فاحذر منه.
فاجعل قدوتك الرسول، واتبع نهجه ومنهجه، واعتبر أن كل ملتحٍ مثلك في كل شيء، لا تعتبره من جنس آخر، فهو بشر، فماذا لو حلق لحيته، ورأيته يخطيء، هل ستشن عليه الهجوم كما فعلت من قبل، أم تعتبره شخصًا عاديًا مثلك مثله، فنحن جميعًا محاسبون.
فحتى لا تكون محاربًا لسنة من سنن الحبيب، فإذا رأيت ملتحيًا مُخطئًا؛ فانصحه بينك وبينه بهدوء، وذكره بأنه يحمل سنة من سنن النبي، ولا تكن له جلادًا، وإذا رأيت منتقبة فَذَكِّرها بالله، فقد تكون من المكرهات على لبس النقاب، أو قد تكون غير مقتنعة به.
فعامل من أمامك على أنه إنسان، ولا تعامله بما يرتدي، أو يعتنق.
واحذر من التعميم، فقد تعمم وتسب بشرًا ليس لهم ذنب، ويقتصون منك أمام الله يوم القيامة.
هذا والله أعلى، وأعلم.
وإلى لقاء آخر، بإذن الله.
- التصنيف: