إياك والبخل!
مما يدل على مقت الله تعالى له قوله تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. ففي هذه الآية مدح الله تعالى الذين وقوا أنفسهم الشح والبخل، وقال تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. وقال تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}.
خُلقٌ قبيح، ذمّه الله تعالى، واستعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم، والنفوس السوية تأباه وترفضه وتمقته.. إنه البخل.
فمما يدل على مقت الله تعالى له قوله تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9]. ففي هذه الآية مدح الله تعالى الذين وقوا أنفسهم الشح والبخل وقال تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:180]. وقال تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} [النساء:37].
فهذه الآيات وغيرها تدل على قبح هذا الخُلق وقُبح من اتصف به، فلذلك كان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله منه فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلَاءِ الْخَمْسِ وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « » (صحيح البخاري؛ ج19، ص: [463]).
ولقد نفاه عن نفسه عليه الصلاة والسلام، فعن جُبَيْرٍ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: « » (صحيح البخاري؛ ج9، ص: [402]).
والكريم السخي ينال دعوة الملائكة له بالخلف، بخلاف البخيل فإن الملائكة تدعو عليه بأن يتلف الله ماله؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « » (صحيح البخاري؛ ج5، ص: [270]).
أيها الإخوة: أتعلمون أن البخل قد يكون سببًا لبعض المعاصي؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: « » (سنن أبي داود؛ ج5، ص: [18]، وصحّحه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم: [1698]).
وقد ذكر الإمام الغزالي حكايات عن بعض البخلاء نذكرها لنرى شناعة البخل والبخيل، قال: "كان مروان بن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلًا حتى يقرم غليه فإذا قرم عليه أرسل غلامه فاشترى له رأسًا فأكله، فقيل له: نراك لا تأكل إلا الرؤوس في الصيف والشتاء فلم تختار ذلك؟ قال: نعم الرأس أعرف سعره فآمن خيانة الغلام ولا يستطيع أن يغبنني فيه، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه، إن مس عينًا أو أذنًا أو خدًا وقفت على ذلك، وآكل منه ألوانًا، عينه لونًا، وأذنه لونًا، ولسانه لونًا، وغلصمته لونًا، ودماغه لونًا، وأكفي مؤونة طبخه؛ فقد اجتمعت لي فيه مرافق.
وخرج يومًا يريد الخليفة المهدي فقالت له امرأة من أهله: ما لي عليك إن رجعت بالجائزة؟ فقال: إن أعطيت مائة ألف أعطيتك درهمًا! فأعطي ستين ألفًا فأعطاها أربعة دوانق -وهي أقل من الدرهم-. واشترى مرةً لحمًا بدرهمٍ فدعاه صديق له فرد اللحم إلى القصاب بنقصان دانق! وقال: أكره الإسراف.
وكان للأعمش جار وكان لا يزال يعرض عليه المنزل ويقول: لو دخلت فأكلت كسرة وملحًا! فيأبى عليه الأعمش فعرض عليه ذات يوم فوافق جوع الأعمش فقال: سِر بنا، فدخل منزله فقرب إليه كسرة وملحًا، فجاء سائل فقال له رب المنزل: بورك فيك، فأعاد عليه المسألة فقال له: بورك فيك، فلما سأل الثالثة قال له: اذهب، والله وإلا خرجت إليك بالعصا! قال: فناداه الأعمش وقال: اذهب ويحك! فلا والله ما رأيت أحدًا أصدق مواعيد منه! هو منذ مدة يدعوني على كسرة وملح فوالله ما زادني عليهما!" (إحياء علوم الدين: [2/442]).
فانظروا يا رعاكم الله إلى شناعة البخل وأهله!
وفي الأخير أقول كما قال عليه الصلاة والسلام: «
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
- التصنيف: