تسلية المُصاب

منذ 2014-12-28

إن المُصاب لا بد أن يعلم أن الذي ابتلاه بمصيبته أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، وأنه سبحانه لم يُرسِل البلاء ليُهلِكه به ولا ليُعذِّبه، ولا ليجتاحه، وإنما ليمتحِن صبره ورضاه عنه وإيمانه، وليسمع تضرّعه وابتهاله وليراه طريحًا على بابه لائِذًا بجنابه، مكسور القلب بين يديه رافعًا قصص الشكوى إليه.

الحمد لله المنفرد بالبقاء والقهر، الواحدِ الأحدِ الفرد الصمد، ذي العِزَّة والستر، الذي لا نِدَّ له فيبارَى، ولا مُعارِض له فيمارى، ولا شريك له فيدارى، كتب الفناء على أهل هذه الدار، وجعل عقبى الذين اتقوا الجنة وعقبى الكافرين النار، قدّر مقادير الخلائق وأقسامها، وبعث أمراضها وأسقامها، وخلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا، وجعل للذين أحسنوا الدرجات، وللذين أساؤا الدركات، رحمة وعدلًا، أحمده على حلو القضاء ومُرِّه، وأعوذ به من سطواته ومكره.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا لم يزل عظيمًا عليًا، جبّارًا قهَّارًا قويًا، جل عن التشبيه والنظير، وتعالى عن الشريك والظهير، وتقدَّس عن التعطيل، وتنزَّه عن التمثيل.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعباد، ونقمة على الكفرة من أهل البلاد، فدعا إلى الجنة، وأرشدهم إلى اتباع السنة، وجعل أعلاهم منزلةً أعظمهم صبرًا، فمن استرجع في مصيبته واحتسبها ذخرًا، كان له منزلةً عاليةً وقدرًا، وكان مُقتفيًا هديًا ومُتبعًا أثرًا، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته الأخيار، وسلّم تسليمًا كثيرًا مستمرًا متصلًا متعاقبًا ما تعاقب الليل والنهار.

أما بعد:

أيها المسلمون: يقول الله تبارك وتعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:156-157].

وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن:11]. قال علقمة وجماعة من المفسرين: "هي المصائب تُصيب الرجل، فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويُسلِّم".

عباد الله: "إن المُصاب لا بد أن يعلم أن الذي ابتلاه بمصيبته أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، وأنه سبحانه لم يُرسِل البلاء ليُهلِكه به ولا ليُعذِّبه، ولا ليجتاحه، وإنما ليمتحِن صبره ورضاه عنه وإيمانه، وليسمع تضرّعه وابتهاله وليراه طريحًا على بابه لائِذًا بجنابه، مكسور القلب بين يديه رافعًا قصص الشكوى إليه" (راجع: تسلية أهل المصائب؛ ص: [225]).

قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة:155].

وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10]، وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:31].

أيها المسلمون: إن الله سبحانه وتعالى قد بشّر أصحاب المصائب إنهم صبروا بالأجر العظيم والكبير، فلله الحمد على فضله وجزيل عطائه، وهذا رسوله صلى الله عليه وسلم يبشر الصابرين على المصائب، بقوله: «ما يُصيب المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا أذىً ولا غمٍّ، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر بها من خطاياه» (متفق عليه).

وقال عليه الصلاة والسلام: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له» (رواه مسلم). فإذا صبر صاحب المصيبة حصل على الأجر والثواب والمغفرة والرحمة.

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "إن الله عز وجل ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالخير" (الإحياء: [4/139]).

عبد الله: "متى ما أصابك مكروه في بدنك، أو مالك، أو ولدك، أو حبيبك فاعلم أن الذي قدّره حكيمٌ عليمٌ لا يفعل شيئًا عبثًا، ولا يقُدر شيئًا سدى، وأنه تعالى رحيمٌ قد تنوّعت رحمته على عبده، يرحمه فيعطيه، ثم يرحمه فيُوفِّقه للشكر، ويرحمه فيبتليه، ثم يرحمه فيُوفِّقه للصبر، فرحمة الله مُتقدِّمة على التدابير السارّة والضارّة ومتأخرة عنها، ويرحمه أيضًا بأن يجعل له بذلك البلاء مُكفِّرًا لذنوبه وآثامه ومُنميًا لحسناته ورافعًا لدرجاته" (الصبر وأثره؛ ص: [8]).

أيها الأخ المُصاب: انظر في حال الأنبياء وهم أرفع درجة من غيرهم إلا أن الله سبحانه وتعالى ابتلاهم بأنواع الابتلاءات لكي يختبرهم، ويمتحنهم، ولكنهم عباد الله الذين اصطفاهم كانوا أصبر الناس على البلوى قال ابن الجوزي رحمه الله يصف ابتلاءات الأنبياء حيث قال: "ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تعتور فيها الأمراض والأكدار، ولم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار، فآدم يُعاني المِحن إلى أن خرج من الدنيا، ونوحٌ بكى ثلاثمائة عام، وإبراهيم يكابد النار وذبح الولد، ويعقوب بكى حتى ذهب بصره، وموسى يُقاسي فرعون، ويَلقى من قومه المِحن، وعيسى ابن مريم لا مأوى له إلا البراري في العيش الضنك، ومحمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين يُصابِر الفقر، وقَتْل عمّه حمزة وهو أحب أقاربه إليه، ونفور قومه عنه، وغير هؤلاء من الأنبياء والأولياء، ولو خُلِقت الدنيا للذّةٍ لم يكن حظ للمؤمن منها" (ابن الجوزي).

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سِجن المؤمن وجنة الكافر» (رواه مسلم: [2956]).

طُبِعَتْ عَلَى كَدْرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا *** صَفْوًا مِنَ الأَقْذاءِ وَالأَكْدَارِ

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: «الأنبياء»، قلت: ثم من؟ قال: «الصالحون إن كان أحدهم ليُبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يحتويها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء» (رواه ابن ماجة، وصحّحه الألباني في صحيح ابن ماجة؛ رقم: [144]).

فما عليك أيها المُصاب إلا أن تتأسى بأنبياء الله، فتصبر على ما أصابك، وتحتسِب الأجر من الله عز وجل.

أيها المُصاب الكريم: "اعلم أن الجزع لا يردّ المصيبة بل يضاعفها، وهو في الحقيقة يزيد في مصيبته، بل يعلم المُصاب أن الجزع يُشمِتُ عدوه، ويسوء صديقه، ويُغضِب ربه، ويسرُّ شيطانه، ويُحبِط أجره، ويُضعِف نفسه، وإذا صبر واحتسب أخزى شيطانه، وأرضى ربه، وسرّ صديقه، وساءَ عدوه، وحمل عن إخوانه وعزّاهم هو قبل أن يُعزُّوه، فهذا هو الثبات في الأمر الديني قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر» فهذا هو الكمال الأعظم، لا لطم الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بالويل والثبور، والتسخُّط على المقدور" (اصبر واحتسب؛ لعبد الملك القاسم، ص: [23]).

قال ابن عبد العزيز لأمٍ مات ابنها: "اتقِ الله واحتسبيه عند الله واصبري، فقالت: مصيبتي به أعظم من أن أُفسِدها بالجزع" (تسلية أهل المصائب؛ ص: [224]).

أيها المسلمون عباد الله: إن الناس عن المصيبة ينقسمون إلى أربعة مراتب كل بحسب إيمانه، وصبره، ورضاه بقضاء الله وقدره؛ فالأول التسخُّط: وهو على أنواع:

الأول: أن يكون بالقلب كأن يتسخَّط على ربه يغتاظ مما قدّره الله عليه، فهذا حرامٌ، وقد يؤدي إلى الكفر قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج:11].

الثاني: أن يكون التسخُّط باللسان كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك، وهذا حرام.

الثالث: أن يكون التسخُّط بالجوارح كلطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور وما أشبه ذلك وكل هذا حرامٌ مناف للصبر الواجب.

المرتبة الثانية الصبر: وهو كما قال الشاعر:

والصبرُ مثل اسمه مر مذاقته *** لكن عواقبه أحلى من العسل

فيرى أن هذا الشيء ثقيلٌ عليه لكنه يتحمّله، وهو يكره وقوعه ولكن يحميه من السخط، فليس وقوعه وعدمه سواء عنده، وهذا واجب؛ لأن الله تعالى أمر بالصبر فقال: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال من الآية:46].

المرتبة الثالثة: الرضاء بأن يرضى الإنسان بالمصيبة بحيث يكون وجودها وعدمها سواءً فلا يشق عليه وجودها، ولا يتحمّل لها حِملًا ثقيلًا، وهذه مُستحبة وليست بواجبةٍ على القول الراجح، والفرق بينها وبين المرتبة التي قبلها ظاهر؛ لأن المصيبة وعدمها سواء في الرضا عند هذا، أما التي قبلها فالمصيبة صعبة عليه لكن صبر عليه.

المرتبة الرابعة: الشكر؛ وهو أعلى المراتب، وذلك بأن يشكر الله على ما أصابه من مصيبةٍ حيث عَرف أن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته وربما لزيادة حسناته قال صلى الله عليه وسلم: «ما من مصيبةٍ تُصيب المسلم إلا كفَّر الله بها الشوكة يشاكها» (مجموع فتاوى ابن عثيمين: [2/109]).

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله العظيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على نعمائه، والشكر له على إحسانه وتوفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:

أحبتي الكرام.. يقول تبارك وتعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة من الآية:155-156]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمٍ تُصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به، {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، إلاَّ آجره الله في مصيبته وأخلف الله له خيرًا منها». وقد تضمنت هذه الآية الكريم قوله: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} عِلاجًا من الله ورسوله لأهل المصائب. فإنها من أبلغ علاج المصائب، وأنفعه للعبد في عاجله وآجله، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقّق العبد بمعرفتهما تسلّى عن مصيبته.

فالمُصاب لا بد أن يتذكّر أمورًا لكي يتسلّى بها عن مصابه، فمن هذه الأمور ما يلي:

أولًا: الإيمان بالقضاء والقدر وأن ما أصابك من الفجيعة بفقد حبيب إنما هو بقدر الله، لم يأتِ من عدوٍ ولا حاسدٍ قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:51].

وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن من الآية:11]، وقال عليه الصلاة والسلام: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة» (رواه مسلم).

ثانيًا: العلم بأن الموت سبيل كل حي، وأن الجميع مصيرهم إليه. قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران من الآية:185].

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته *** يومًا على آلةٍ حدباء محمول

وقال آخر:

وما الناس إلا هالكٌ وابن هالكٍ *** وذو نسبٍ في الهالكين عريق

ثالثًا: أن تعلم عبد الله - أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان، لذا فهي مليئة بالمصائب، والأكدار، والأحزان كما قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة:155].

رابعًا: أخي الكريم.. اعلم أن الجزع لا يُفيد، بل يُضاعِف المصيبة، ويُفَوِّت الأجر، ويُعرِّض المرء للإثم. قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: "إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جرت المقادير وأنت مأزور".

خامسًا: أن تتذكّر أن العبد وأهله وماله ملكٌ لله عز وجل فله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مُسمّى، قال لبيد:

وما المال والأهلون إلا ودائع *** ولا بُد يومًا أن تُرد الودائع

سادسًا: التعزِّي بالمصيبة العظمى، وهي مصيبة فقد النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها أعظم المصائب» (رواه ابن سعد، وصحّحه الألباني؛ في صحيح الجامع: [347]). فلن تُصاب الأمة بعد نبيها بمثل مُصيبتها بفقده عليه الصلاة والسلام.

سابعًا: الاستعانة على المصيبة بالصلاة، قال تعالى: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاة} [البقرة من الآية:153]، وقد "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلّى" (رواه أبو داود، وحسَّن سنده ابن حجر، وصحّحه الألباني في صحيح الجامع، رقم: [4703]).

و"معنى حزبه: أي نزل به همّ، أو أصابه غمّ. ولما أخبر ابن عباس رضي الله عنهما بوفاة أحد إخوانه استرجع وصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام وهو يقول: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاة}" (قال ابن حجر: "أخرجه الطبري بإسنادٍ حسن"). ومعنى استرجع: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.

ثامنًا: تذكّر ثواب المصائب والصبر عليها فقد وعد الله لمن صبر الجنة؛ قال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد من الآية:24].

وقال عليه الصلاة والسلام: «يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءً إذا قبضتُ صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» (رواه البخاري)؛ وصفيه هو الحبيب المصافي كالولد والأخ وكل من يحبه الإنسان، والمراد باحتسبه: صبر على فقده راجيًا الأجر من الله على ذلك.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا واستر عيوبنا، اللهم هوِّن علينا مصائب الدينا، اللهم عِزَّنا بطاعتك، ولا تُذِلَّنا بمعصيتك.

والله المستعان.

 

المصدر: موقع إمام المسجد
  • 13
  • 0
  • 49,412

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً