بين التابع و المتبوع - (9) إيقاع التطبيل المتبادل.
وكم من متبوعين وقادة ورموز يشار إليهم بالبنان؛ ويقتدي بهم الخلق، وتقلد مواقفهم، ويحسبهم الناس أصحاب قرارهم، ومالكي مواقفهم؛ بينما الحقيقة أنهم أسرى لذلك الإيقاع، كما أتباعهم أسرى له.
ونفاق المتبوع لأتباعه يأخذ صورًا عديدة، وأشكالًا متباينة متغايرة.
من ضمنها -مثلًا- أن يسكت المتبوع عن أخطاء أتباعه، ولا يجرؤ أن ينكر عليهم، أو يستبرىء من أفعالهم.
ومنها -أيضًا- انسياقه الدائم خلف رغبات الجموع؛ حتى وإن توحشت، ولو كان غير مقتنع بها، خشية انقلاب أولئك الأتباع عليه.
ودون أن يشعر المتبوع فسيجد نفسه -تدريجيًا- وقد تحول من قدوة ومتبوع، إلى تابع مُنقاد لتلك الجموع، خاضعًا لرغباتهم، وضغوطهم، المطالبة بالمزيد والمزيد من الإثارة، والمواقف الصاخبة، والخيارات الجنونية، والمتوحشة.
وبالتدريج يصير صاحب الرأى أسيرًا؛ لدى تلك الطائفة الأعلى صوتًا، والأكثر حضورًا، والأشد تأثيرًا.
ورغم مكانته الواضحة، وقياديته الظاهرة، فإنه يصير فى النهاية خاضعًا لتلك الطائفة، حبيسًا خلف قضبان إملاءاتها، مسترضيًا لها، طمعًا في المزيد من التطبيل والتهليل.
فالعلاقة هنا كما قلت آنفًا ترادف علاقة تكافلية متبادلة، أَدْمَن فيها التابع النفاق، كما أدمن سيده سماعه، فصار الطرفان ينافقان بعضهما البعض.
وكم من متبوعين وقادة ورموز يشار إليهم بالبنان؛ ويقتدي بهم الخلق، وتقلد مواقفهم، ويحسبهم الناس أصحاب قرارهم، ومالكي مواقفهم؛ بينما الحقيقة أنهم أسرى لذلك الإيقاع، كما أتباعهم أسرى له.
إيقاع التطبيل المتبادل.
- التصنيف: