الانحدار في اللفظ

منذ 2015-01-21

أحيانًا يضعف الكاتب أمام ضغط الواقع وما يخيم عليه، فيرضخ لما يطلبه المستمعون والقارئون، ويفحش قوله أو تلميحاته، وسواء كانت نيته هذه أو تلك ففي رأيي أن هذا ليس سمتًا ودأبًا للصالحين، وإن صلُحت النية..

الانحدار في اللفظ والإسفاف في الأسلوب يجلب -بلا شك- كثيرًا من التفاعل، خصوصًا إن احتوى على تلميحات وربما تصريحات إباحية أو بذاءات لفظية..

أحيانًا تكون نية الكاتب تبسيط المعنى وتوضيحه، وجذب القارىء لتوعيته أو لإصلاح فكرة معينة يراها الكاتب تحتاج إلى إصلاح..

وأحيانًا يضعف الكاتب أمام ضغط الواقع وما يخيم عليه، فيرضخ لما يطلبه المستمعون والقارئون، ويفحش قوله أو تلميحاته، وسواء كانت نيته هذه أو تلك ففي رأيي أن هذا ليس سمتًا ودأبًا للصالحين، وإن صلُحت النية..

ولنا في كتاب الله نموذجٌ ومثالٌ على رقي العبارة وعذوبة اللفظ، حتى عند ذكر موقف قد يقتضي في زماننا لتوضيحه شيئًا من التصريح..

موقف مراودة امرأة العزيز لنبي الله يوسف عليه السلام..
الموقف بتعبيرات هذا الزمان موقف جنسي! فيه امرأة تريد الفاحشة وتفعل الأفاعيل لتقترفها.
لكن ارجع لوصف ذلك المشهد في كتاب الله، ستجد تمام المعنى قد وصل للقارىء وبشكل مكتمل دون أي لفظ جارح، أو كلمة نابيّة أو مصطلح خادش للحياء، وذلك الأخير هو بالمناسبة خلق هذا الدين بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكلِّ دِينٍ خُلُقًا وخُلُقُ الإسلامِ الحَياءُ» (صحيح ابن ماجة:3389).

في سورة يوسف تم المعنى ووصل بأرقى لفظ وبأبهى عبارة، ودون أي تدنٍ في دركات البذائة، أو تردٍ في مهاوي الفحش والتفحش رغم حساسية الموقف الموصوف..

لماذا لا نحاول الاقتداء بهذا الأسلوب القرآني العظيم، ومثله في كلام من كان خلقه القرآن؟
لماذا لا نرتقي في توصيفنا ونقاشنا قدر المستطاع، فلا يكون خلاف ذلك إلا على سبيل الاستثناء، ولحاجة كما هو الحال في الأدلة المعدودة التي سيسارع البعض لوضعها -كالعادة- لبيان الجواز وهو ما ليس محل النقاش

إنما أناقش وأدعو إلى أن يكون رقي اللفظ وحياء الإشارة وجمال العبارة هو الأصل والسمت، وما دونه هو الاستثناء لحاجة أو لضرورة..

والحياء شعبة من الإيمان -على فكرة-.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 1,379

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً