بعض الأدلة وأقوال أهل العلم حول حكم الغناء

منذ 2015-01-27

وليعلم أن هذا في غناء ذلك الوقت فماذا يقال في غناء هذا الزمن الذي اشتد قبحه وعظم خبثه وتفنن في عرضه على الناس أهل الفسق وصار من دواعي الفجور وعظائم الأمور والله المستعان هذا ما تسير إيراده وما تركته أكثر من أقوال العلماء والفقهاء من كافة المذاهب ولقد حرصت أن لا اذكر إلا ما صح سنده، وفيما ذُكر مُقنع لطالب الحق أما من اتبع هواه فلا حيلة فيه والله المستعان.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:

فقد تعالت أصوات عدد من المتعالمين الذين ينادون باللهو واللعب والغناء والطرب غير ملتفتين إلى نص يمنع أو دليل يحرم فطلب مني بعض الإخوة ذكر شيء مما ورد في هذا الباب ولا سيما ما يستند إليه في تحريم المعازف وآلات اللهو بأنواعها المتعددة وها أنا أذكر شيئا قليلا مما جاء في هذا الباب بلا قصد الاستيعاب لما ورد في هذا الموضوع والله المسئول أن يهدي جميع المسلمين لما يرضيه وأن يعينهم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجنبهم ما يصد عن القرآن العظيم ويوجب قسوة القلب ويسبب سخط الرب أنه سميع الدعاء.

الأدلة على تحريم الغناء:

* من الأدلة على تحريم المعازف والغناء قول الله - جل وعلا -: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6) سورة لقمان

صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (نزلت في الغناء وأشباهه) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وابن جرير في تفسيره.

* وصح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه سئل عن هذه الآية فقال: (هو الغناء والذي لا إله إلا هو) يرددها ثلاثا أخرجه ابن أبي شيبه وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه ابن القيم.

* أخرج البخاري في التاريخ وابن جرير أن عكرمة سئل عن لهو الحديث فقال: (هو الغناء)

* قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (الدف حرام والمعازف حرام والكوبة حرام والمزمار حرام). أخرجه البيهقي 10/222 قال الألباني (إسناد صحيح)

* وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: (الغناء يُنبت النفاق في القلب) أخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح.

* قال الواحدي المفسر في الوسيط 3/441 (أكثر المفسرين على أن المراد) بـ(لَهْوَ الْحَدِيثِ) الغناء، قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن...) انتهى

* تنبيه:

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 21/158 المعازف: (اسم لكل آلات الملاهي التي يعرف بها كالمزمار والطنبور والشبابة والصنوج) انتهى

* وجاء في مسند أحمد وسنن أبي داود (4924) عن سليمان بن موسى عن نافع قال: سمع ابن عمر مزمار قال: فوضع إصبعيه في أذنيه ونأى عن الطريق (أي أبعد) وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ قال فقلت: لا فرفع إصبعيه من أذنيه وقال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا) قال الألباني صحيح.وقال تابع سليمان بن موسى المطعم بن المقدام فرواه عن نافع أيضا.

* وروى البيهقي بسند صحيح 10/223 من طريق عبد الله بن دينار قال: (مر ابن عمر بجارية صغيرة تغني فقال: لو ترك الشيطان أحداً ترك هذه)

* عن أبي عامر أو أبي مالك- الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم (أي جبل) يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة (أي طالب حاجة) فيقولون: ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم محتجاً به فتح الباري الأشربه (10 51/5590) وقد جاء موصولا من طرق جماعة من الثقات وصححه البخاري وابن حبان وابن الصلاح وابن القيم وابن كثير وابن تيميه وابن حجر والسخاوي وابن الوزير والصنعاني و الإسماعيلي.

* عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة) أخرجه البزار في مسنده (1/377/795) كشف الأستار والضياء في المختارة وصححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص (52) ورجاله ثقات قاله المنذري والهيثمي وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عوف أخرجه الحاكم (4/40) والبيهقي وابن أبي الدنيا بلفظ: (إني لم انه عن البكاء ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان وصوت عند مصيبة ولطم وجوه وشق جيوب ورنة شيطان) قال ابن تيميه في كتاب الاستقامه (هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء كما في اللفظ المشهور عن جابر بن عبد الله (صوت عند نعمة: لهو ولعب ومزامير الشيطان فنهى عن الصوت الذي يفعل عند النعمة كما نهى عن الصوت الذي يفعل عند المصيبة، والصوت الذي عند النعمة هو صوت الغناء)1/292-293.

* عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله حرم عليَّ أو حرم- الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام) أخرجه أبو داود 3696- والبيهقي 10/221، وأحمد في المسند 1/274 وغيرهم (و الكوبة الطبل كما في المعجم الكبير للطبراني

12/101-1-2- عن علي بن بذيمه) وصححه الألباني وأحمد شاكر.

* وقال احمد بن حنبل: (وأكره الطبل وهي الكوبة التي نهى عنها رسول الله) رواه الخلال في الأمر بالمعروف ص26- والكراهة كراهة تحريم.

* عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله - عز وجل - حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام) أخرجه أبو داود (3685) والطحاوي والبيهقي وأحمد وغيرهم وصحح الحديث الألباني.

* عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف قيل: يا رسول الله ومتى ذاك؟ قال (إذا ظهرت المعازف، وكثرت القيان، وشربت الخمور)) أخرجه الترمذي -2213- وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وغيرهم وله شواهد، راجع تحريم آلات الطرب ص67.

* قال الأوزاعي - رحمه الله -: كتب عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - إلى عمر بن الوليد كتابا فيه: (... وإظهارك المعازف، والمزمار بدعة الإسلام، ولقد هممت أن ابعث إليك من يجز جمتك جمة سوء) أخرجه النسائي وأبو نعيم بسند صحيح.

* وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده. يأمره أن يربيهم على بُغض المعازف (ليكن أول ما يعتقدون من أدبك: بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم: أن حضور المعازف، واستماع الأغاني واللهج بها، ينبتُ النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب... ) أخرجه ابن أبي الدنيا وغيره.

* حكى جمع من أهل العلم: الإجماع على تحريم الغناء منهم: الآجري والقاضي أبو الطيب الطبري، وأبو العباس القرطبي، وزكريا بن يحيى الساجي وأبو عمرو بن الصلاح وقال: (من نسب إباحته إلى أحد من أهل العلم يجوز الاقتداء به في الدين فقد أخطأ).

وتحريم الغناء هو قول الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي و أحمد قال شيخ الإسلام ابن تيميه (فمذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام) الفتاوى 11/576.

وتفصيل أقولهم وأقوال أتباعهم من الفقهاء موجودة في إغاثة اللهفان والكلام على مسألة السماع كلاهما لابن القيم وكذلك نزهة الأسماع لابن رجب وكذلك تحريم الشطرنج والنرد والملاهي للآجري وفصل الخطاب للتويجري وغيرها.

* عقوبة السامع:-

1) العذاب المهين - قال تعالىوَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6) سورة لقمان.

2) ينبت النفاق في القلب (والنفاق صاحبه متوعد بالعذاب).

3) أن مستمع الغناء استحوذ عليه الشيطان.

4) صاحب الغناء المحل له متوعد بأن يمسخ قردة وخنازير.

5) صوت الغناء ملعون صاحبه، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.

6) إذا ظهرت المعازف فسيكون هناك قذف ومسخ وخسف.

وليعلم أن هذا في غناء ذلك الوقت فماذا يقال في غناء هذا الزمن الذي اشتد قبحه وعظم خبثه وتفنن في عرضه على الناس أهل الفسق وصار من دواعي الفجور وعظائم الأمور والله المستعان هذا ما تسير إيراده وما تركته أكثر من أقوال العلماء والفقهاء من كافة المذاهب ولقد حرصت أن لا اذكر إلا ما صح سنده، وفيما ذُكر مُقنع لطالب الحق أما من اتبع هواه فلا حيلة فيه والله المستعان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

صالح بن عبد الرحمن الخضيري

المدرس بالمعهد العلمي ببريدة

  • 4
  • 0
  • 18,115

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً