ماذا يعجبك في الأغاني

منذ 2015-01-28

ألم تلاحظ أخي ويا أختي أنه قد يصغي أحدكم لساعات متواصلة لمجموعة من الأغاني، وقد يهتز جسده كله معها، وتتفاعل نفسيته مع تلك الأغاني، ولكنه في الوقت نفسه يصعب عليه للغاية أن يجلس نصف ساعة فقط مع كتاب الله - عز وجل -، مع أنه شفاء لما في الصدور، ومع أنه هدى ورحمة، ومع أنه كتاب سماوي كله بركة ونور وخير وعافية..!.

إخوتي وأخواتي الكرام.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم إخوتي ما أحوجنا إلى المصارحة.

كم تمضي بنا الدنيا، ألا نستحق أن نقف دقائق نتصارح بلطيف الخطاب وعبارات المحب المشفق ..

أخي.. أختي.. أرجو منكم أن لا تبخلوا علي بقراءة مقالتي هذه، لا تستكثروا أن تعيروني خمس دقائق من أوقاتكم.

ومن كان غير متهيء للقراءة الآن فليطبع هذه الكلمات، ويقرأها في وقت آخر، فإنها تستحق الاهتمام والتمعن.

أخي.. أختي.. يا من تستمعون للغناء، حروفي تناديكم: رجاءً لا تقولوا لن نستفيد ولو كررت النصح وأكثرت الموعظة.

لكن بثبات الواثق قولوا: نعم سننصت لداعي الحق، فالعاقل من أحق الحق وقبله، والجاهل من أغمض عينيه ورده، والحق أبلج، والباطل لجج.

حسناً فلنبدأ:

ألم تلاحظ أخي ويا أختي أنه قد يصغي أحدكم لساعات متواصلة لمجموعة من الأغاني، وقد يهتز جسده كله معها، وتتفاعل نفسيته مع تلك الأغاني، ولكنه في الوقت نفسه يصعب عليه للغاية أن يجلس نصف ساعة فقط مع كتاب الله - عز وجل -، مع أنه شفاء لما في الصدور، ومع أنه هدى ورحمة، ومع أنه كتاب سماوي كله بركة ونور وخير وعافية..!.

هل سألت نفسك: لماذا تحلو الأغاني في عينيك، وتستمتع بها، بينما يصعب عليك الجلوس المتدبر مع القرآن؟.

ببساطة: قال الله - تبارك وتعالى -: (وزين لهم الشيطان أعمالهم)، هذه الحقيقة وهذا بارك الله فيكم ما دعوتكم للمصارحة من أجله.

أحبابي.. مصيبة أن نخدع أنفسنا والمصيبة الأعظم إيهامها بأن هذا الخداع ميزة وفضيلة فالأغاني همٌ وضيق، بل وحياة ضنك لأنها إعراض عن ذكر الله، فقد قال الله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))، الأغاني حقيقتها أنها حسرة وألم وإن كانت هناك نشوة فإنها نشوة مزيفة من فعل الشيطان.

واسمعوا هذا الخطاب الرباني لإبليس اللعين، قال - تعالى -: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً)، قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره: "وقوله - تعالى -: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) قيل هو الغناء، قال مجاهد: باللهو والغناء، أي استخفهم بذلك".

وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "ومن مكائد عدو الله ومصائده التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين، سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة، ليصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان، فهو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن القرآن، وهو رقية اللواط والزنا، وبه ينال الفاسق من معشوقه غاية المنى، كاد به الشيطان النفوس المبطلة وحسنه لها مكراً وغروراً، وأوحى إليها الشبه الباطلة على حسنه، فقبلت وحيه، واتخذت لأجله القرآن مهجوراً" انتهى كلامه - رحمه الله -.

وتزول تلك النشوة الباطلة والفرح الموهوم وتبقى حسرة المعصية و تذهب الفرحة المزعومة ويبقى الذنب مسجلاً في صحيفة الأعمال.

والغناء مجاهرة بالمعصية، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين))، وبعض الناس يفخرون بالغناء، ويهمهمون به شامخين به الرأس! وأي فخر؟ يفخرون بمعصية الله! ومن تفاهة ما يسمع: "فناني المفضل.. فنانتي المحبوبة"! ألا يعلم هؤلاء أن المرء يحشر مع من أحب كما قال الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه.

ولقد تلاعب الشيطان بهؤلاء الفنانين والفنانات، فإنه يرى بعضهم أن الفن رسالة وتربية للأجيال، وإذا سمعت فقط كلماتها أدركت أنها رسالة شيطان، وإنها تدعو للقاء المحرم بكل وضوح، فوالله صدق من أسماها رقية الزنا، وبريد الزنا..

يا أبناء وبنات الإسلام لقد أمرنا الله بتطهير النفس فقال: (قد أفلح من زكاها)، والغناء ظلم للنفس التي أودعك الله إياها، وأمرك بتزكيتها، فحري بك تطهيرها من أرذال المعاصي، والبعد بها عن أوحال الشهوات، وليس لك أن تغشها باستماع الغناء فتظلمها بذلك، وقد قال الله - تعالى -: (إنه لا يفلح الظالمون)، قال الله - تعالى -: (وَمِنَ اَلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الحديث ِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اّللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمِ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)، قال بعض المفسرين في هذه الآية: "يشتري لهو الحديث بدينه وماله ووقته".

وقد أقسم عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وهو من أعلم الصحابة - رضي الله عنهم -، بأن "لهو الحديث" هو الغناء.

وقد قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - مبيناً ومحذراً من هذا الداء الذي يستلطفه الكثير اليوم، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف)) بمعنى أنها أشياء محرمة، وسيأتي زمن سوء تستحل فيه هذه المحارم..

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليشربن أقوام من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم قردة وخنازير))، قال الشيخ الألبان- يرحمه الله تعالى-: صحيح.

ولفظة المعازف تشمل آلات الطرب فلا يأتي مسكين فيظن أن الموسيقى وحدها بدون غناء حلال، أو يأتي من يقول بأن الأغاني الوطنية حلال، فأدلة التحريم واضحة.

ثم أن المال الذي اشتريت به تلك الأشرطة الغنائية، والوقت الذي قضيته في الاستماع كل ذلك سوف تسأل عنه، ولن ينفعك ذلك اليوم لا مطرب ولا مطربة إلا ما قدمت من صالح العمل.

فهل أعددت العدة لملاقاة الله؟ وهل حسبت لذلك حساب؟.

وأخيراً.. لكل من نوى والتوبة والرجوع للحق أزف له هذه البشرى، إلى من عزم على الإقلاع عن الغناء وتطهير أذنيه من هذا الهراء أزف إليك هذه البشرى، فاقرأ.. قال - تعالى -: (ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون)، والحبرة هي اللذة والسماع، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الحور العين لتغنين في الجنة، يقلن: نحن الحور الحسان خبئنا لأزواج كرام)) قال الألباني: حديث صحيح.

وقد نظم ابن القيم - رحمه الله - قول ابن عباس - رضي الله عنهما - في أبيات در رائعة:

قال ابن عباس ويرسل ربنا *** ريحاً تهز ذوائب الأغصان

فتثير أصواتاً تلذ لمسمع *** الإنسان كالنغمات بالأوزان

يا لذة الأسماع لا تتعوضي *** بلذاذة الأوتار والعيدان

واهاً لذياك السماع فكم به *** للقلب من طرب ومن أشجان

نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ *** ـاك الغنا عن هذه الألحان

حب الكتاب وحب الحان الغنا *** في قلب عبد ليس يجتمعان

والله إن سماعهم في القلب والإ *** يمان مثل السم في الأبدان

والله ما انفك الذي هو دأبه *** أبداً من الإشراك بالرحمن

فالقلب بيت الرب جل جلاله *** حباً وإخلاصاً مع الإحسان

فإذا تعلق بالسماع أصاره *** عبداً لكل فلانة وفلان..

وقد يسأل أحدكم: كيف أتخلص من سماع الأغاني؟ فإنني قد تعودت عليها، ولا أستطيع تركها بسهولة. فإليكم هذه الخطوات فمن فعلها فاز بإذن الله:

1- أولاً الصدق في التوبة، وأن تكونوا أصحاب همة عالية، وجرأة وشجاعة كي تتخذوا هذا القرار الشجاع.

2- القيام بتحطيم كل ما تملكون من أشرطة.

3- إذا أحسستم برغبة ملحة في سماع الأغاني فسارعوا بفتح أقرب مصحف والقراءة منه فهو يطمئن النفس، ويقمع رغبتها في المعصية، وإذا كنتم لا تستطيعون ذلك فاستمعوا لقراءة في مصحف لأحد المشايخ أو شريط محاضرات.

4- إذا استهزأ بكم أحد على ترك سماع الأغاني فلا تردوا عليه، واشغلوا ألسنتكم بذكر الله حال مخاطبته لأحدكم، وقولوا له إذا انتهى من كلامه: جزاك الله خيراً وهداك، فإن هذه الكلمة تؤنب نفسه، وتهدئ أنفسكم.

5- إذا كان أحد الوالدين أو الإخوة يستمع الأغاني وضحوا لهم حكمها بكلمات مهذبة أو إهداء شريط قرآن أو محاضرة أو كتيب قيم، وناصحوهم باللين والرفق، و أخبروهم أنكم تتضايقون من هذه الأغاني؛ لأنها تشعركم بأنكم بعيدون عنهم.

أخيراً أخي أخيتي.. أعلموا أن التخلص من هذا الداء سهل جداً جداً إذا صدقتم في التوبة إلى الله، وإذا سددتم كل منافذ الشيطان عليكم، ولا تسوفوا، ويقول أحدكم: بعد هذا الشريط الجديد سأتوب، ولا تقولوا: بعد يوم.. بعد شهر.. بعد سنة؛ فالشيطان يجعل اليوم يومين، والشهر شهرين، والسنة سنتين، وكم من أخ وأخت كانوا هائيمن غافلين لا يكاد لسان أحدهم يسكت عن ترديد أغنية، وكأنها تسير في شرايينهم، وهم الآن يلهجون بذكر الله، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خير منه..

أخي... أخيتي إذا كان أحد الأقارب أو الأصدقاء يسمع الأغاني فانصحوه فإن لم يستمع لكم فيجب أن تفارقوه فوراً، ولا يقول أحدكم: يكفي أن أتوب أنا ولن يؤثر علي.

فاربؤوا بأنفسكم عن مواطن السوء والهلكة تفلحوا، و سارعوا إلى التوبة حال قراءة هذه المقالة، ولا تسوفوا؛ لأن سوف من جنود إبليس.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  • 0
  • 0
  • 3,769

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً