إحياء - (154) سُنَّة إهداء الطعام للجيران

منذ 2015-01-29

يحض الإسلام على الترابط والشعور بالآخرين، وقد أكثر جبريل من وصاية رسول الله بالجيران؛ لذلك شرع رسول الله لهم سننًا، فكان منها إهداؤهم الطعام..

يحضُّ الإسلام أتباعه على التلاحم والترابط والشعور بالآخرين؛ لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوصي دومًا بالجيران، فهم أقرب الناس إلينا، ولو فقدنا الاهتمام بهم فهذه مُقَدِّمة لفقد الاهتمام بكلِّ المسلمين، وقد أكثر جبريل عليه السلام من وصاية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيران؛ فقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ».

ونتيجة هذه الوصاية شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عددًا من السنن نُعَبِّر بها عن اهتمامنا بجيراننا، فكان منها إهداء الطعام لهم، وليس المقصد في هذه السُّنَّة صناعة طعام خاصٍّ للجيران، ولكن فقط إهداؤهم من الطعام الذي تأكله الأسرة، ولا مانع من زيادة الكمية قليلاً حتى يمكن إهداء الجيران ولو شيئًا بسيطًا، ولقد وَجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيحة خاصَّة بهذا الشأن للمرأة المسلمة؛ فقد روى البخاري عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ».

وفرسن الشاة هو: ما دون الرسغ من يدها، وقيل هو عظم قليل اللحم؛ والمقصود المبالغة في الحثِّ على الإهداء، ثم وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيحة أخرى للرجال؛ ففي رواية مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: "إِنَّ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم أَوْصَانِي: «إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ»".

فهكذا صارت النصيحة للأسرة كلها؛ فهذه سُنَّة جليلة تنشر المحبَّة والودَّ في أركان المجتمع، مع الحرص على عدم التكلُّف في الطعام بإرسال كمية كبيرة قد يعجز الجار عن المبادلة بمثلها فيحزن لذلك.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 2
  • 0
  • 3,947
المقال السابق
(153) سُنَّة عدم تخطي الرقاب في صلاة الجمعة
المقال التالي
(155) سُنَّة إعلان التمسُّك بفطرة الإسلام

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً