مع القرآن - بين صاحب القرآن وحاسديه
نرى العجب في دنيانا من حسد الناس وحقدهم على بعض بسبب دنياهم.. حتى أن العين تتسبب في هلاك أسر كاملة، أو في إصابتهم بمكروه! كل هذا لتمني الحاسد زوال النعمة عن حاسده.
نرى العجب في دنيانا من حسد الناس وحقدهم على بعض بسبب دنياهم..
حتى أن العين تتسبب في هلاك أسر كاملة، أو في إصابتهم بمكروه!
كل هذا لتمني الحاسد زوال النعمة عن حاسده.
والأعجب من هذا ما أثبته الشرع عن سرور أهل القرآن بقرآنهم، وعن حال من يحسدونهم.
ترى ما هو حال من يحسد -يغبط- صاحب القرآن ويتمنى أن يكون له مثل ما لديه؟
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في مقدمة التفسير:
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، حدثني سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن عمر قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « »" (البخاري).
انفرد به البخاري من هذا الوجه، واتفقا على إخراجه من رواية سفيان عن الزهري ثم قال البخاري: "حدثنا علي بن إبراهيم، حدثنا روح، حدثنا شعبة، عن سليمان: سمعت ذَكْوان، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « »، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، « »، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل" (البخاري).
ومضمون هذين الحديثين: أن صاحب القرآن في غبطة وهو حسن الحال، فينبغي أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه، ويستحب تغبيطه بذلك، يقال: غبطه يغبِطه غبطًا: إذا تمنى ما هو فيه من النعمة، وهذا بخلاف الحسد المذموم وهو تمني زوال نعمة المحسود عنه، سواء حصلت لذلك الحاسد أو لا وهذا مذموم شرعًا، مهلكٌ، وهو أول معاصي إبليس حين حسد آدم عليه السلام، على ما منحه الله تعالى من الكرامة والاحترام والإعظام.
والحسد الشرعي الممدوح هو تمني مثل حال ذلك الذي هو على حالة سارة؛ ولهذا قال عليه السلام: « »، فذكر النعمة القاصرة وهي تلاوة القرآن آناء الليل والنهار، والنعمة المتعدية وهي إنفاق المال بالليل والنهار، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر:29].
وقد روي نحو هذا من وجه آخر، فقال عبد الله بن الإمام أحمد: "وجدت في كتاب أبي بخط يده: كتب إليّ أبو توبة الربيع بن نافع، فكان في كتابه: حدثنا الهيثم بن حميد، عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، عن كثير بن مرة، عن يزيد بن الأخنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « »".
وقريب من هذا ما قال الإمام أحمد: "حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبادة بن مسلم، حدثني يونس بن خباب، عن أبي سعيد البختري الطائي، عن أبي كبشة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « -فإنه قال- -قال- -قال- -قال- ».
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: