أمل - (4)
مشهد يجسد حرصًا غير عادي، وتفانٍ منقطع النظير ورغبة عارمة في هداية الخلق وتعريفهم بالحق.. حتى بعد موته ظلت رغبته في هداية الناس يقظة، وحرصه على نصحهم وإرشادهم متأججًا، فقال حين عاين النعيم وأبصر الجنة..
ولعل أشد ما يثير الدهشة والعجب في قصة مؤمن سورة يس، هو الموطن الذي قيلت فيه تلك الكلمة..
لقد قال الرجل: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس من الآية:26]، في دار غير الدار وحال غير الحال
لقد قالها وهو يكاد يدلف إلى الجنة! خرجت منه تلك العبارة بعد أن دفع الثمن بالفعل!
قالها بعد أن قتله قومه الذين جاءهم من أقصى المدينة يسعى، يسعى لهدايتهم، فكان المقابل قتله، ورغم ذلك كان كل همه أن يعلموا!
كانت رغبته وما يشغل ذهنه أن يدرك الناس ما عند الله من المغفرة والإكرام..
إنه مشهد يجسد حرصًا غير عادي، وتفانٍ منقطع النظير ورغبة عارمة في هداية الخلق وتعريفهم بالحق..
حتى بعد موته ظلت رغبته في هداية الناس يقظة، وحرصه على نصحهم وإرشادهم متأججًا، فقال حين عاين النعيم وأبصر الجنة: {...يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ . بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس:26-27].
في ذلك المقام الذي كان من الممكن أن ينشغل فيه عن كل ذلك بالطيبات التي بها أُكرم، وينسى واجب البلاغ.
لكنه أيضًا لم يفعل، فلم ينقطع أمله في قومه ولم يتكاسل عن نصحهم وبذل الوسع في الأخذ بأيديهم طالما كان فيه عرق ينبض، بل استمر على شأنه هذا حتى بعد أن لم يعد ذاك العرق ينبض.
نموذج عجيب ونمط فريد ينضح بالرغبة وحسن الظن.. و(الأمل).
- التصنيف: