دع اليأس.. وابدأ بنفسك

منذ 2015-03-17

ماذا تفعل إذا وجدت كل ما حولك يدعو إلى اليأس والٍإحباط؟! كـأن تجد الأخلاقيات والقيم الرفيعة وقد ولت من عالم الناس من حولك، فلا يقيمون لمبادئ الدين وزنا، ويتعاملون بمنتهى الأنانية والفظاظة، يقبحون الحسن ويحسنون القبيح، وقد فقدوا الشعوربمعنى الحق والجمال .

ماذا تفعل إذا وجدت كل ما حولك يدعو إلى اليأس والٍإحباط؟!

كـأن تجد الأخلاقيات والقيم الرفيعة وقد ولت من عالم الناس من حولك، فلا يقيمون لمبادئ الدين وزناً، ويتعاملون  بمنتهى الأنانية والفظاظة، يقبحون الحسن  ويحسنون القبيح، وقد  فقدوا الشعور بمعنى الحق والجمال، يتغنون بآراء أهل الباطل ويدورون في فلكهم كالقطيع المنساق دون وعي، يهتمون بقضايا تافهة وشخصيات لا قيمة لها، يتصدرون لأمور وشؤون لا علم لهم بها، يفتون في كل شىءٍ إذ أنهم يعانون من جهل مركب، ليس فقط لأنهم لايعلمون؛ بل لأنهم لا يعلمون أنهم لايعلمون، ويكثرون الجدال مع كل هذا الجهل ليقنعوك بباطلهم، واهمين أن الانحياز للكثرة الصاخبة لابد أن يكون صائباً مع أنه معيار خادع تماماً فقد قال تعالى: {قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة آية:100]

لكن كيف سيكون موقفك؟ وكيف تتصرف؟ وما هوالحل؟

الحل ببساطة هو أن تبحث عن من هم على شاكلتك، وتنضم إليهم، وتتمسك بهم تمسك الغريق بالحياة عملاً بقوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف آية:28]

ومهما كانوا قلة، فيمكن أن يكون على أيديهم الخير كله كما في قوله تعالى: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة آية:249].

ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «ولاتزال طائفةٌ من أمتي على الحقِّ ظاهرين,لا يضرُّهم من خالفَهم حتى يأتيَ أمرُ اللهِ»الراويثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (صحيح الجامع؛ رقم: 1773).

فوجودك وسط هؤلاء يمنحك ويمنحهم القوة والأمل، إلا أن الأمر يتطلب جهداً مضاعفاً لإصلاح الذات لتعويض الكم عن طريق الكيف، فالعشرون الذين غلبوا مائتين لم يكونوا ليغلبوهم بالصبر فحسب؛ بل بقوة إيمانية فائقة أهَّلّتهُم لاستحقاق مدد المولى فغلبوا ثم ملكوا عروش الأرض بعد ذلك. فهكذا تبدأ بنفسك فتهذبها وتربيها وتلزمها حسن الخلق والتمسك  بجميع شعب الإيمان شعبة شعبة بدءًا من التوحيد انتهاءً بإماطة الأذى عن الطريق.

أما الأمر الأكثر أهمية هو عدم اليأس أو القنوط  لأن ذلك هو البداية الحقيقية للضياع والهلكة للفرد والجماعة في الدنيا والآخرة وقد قال تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون} [يوسف:آية 87] 

فمهما بلغ الحال سوءًا والوضع صعوبة فيجب ألا تيأس ممن حولك حتى من الذين جعلوا من أنفسهم خصوماً لك؛ فلتحاول معهم محاولة الأخ الرحيم، وحتى لو لم تنجح فقد نلت شرف المحاولة وفزت بالأجر، ونجوت من المؤاخذة، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة 105].

أما النتيجة فهي على الله سبحانه وتعالى، ولتتحل  بالصبر حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

وعليك الإصرار والمحاولة  تلو المحاولة مع نفسك قبل غيرك، والاستمرار العنيد مهما كان الشعور وسط هذا الخضم من الصعوبات والعراقيل، والإحساس الذي قد يصل أحياناً إلى حد الغربة  والوحشة وأنك تحيا وحيداً فرداً تجاهد حتى نفسك من أجل مرضاة الله عز وجل.

أما السبب فهو في غاية الأهمية والخطورة؛ وهو أنك ستقبر وتسأل وتبعث وتحاسب وحيداً فرداً، عملك هو شفيعك، ولن يشفع لك أي من هؤلاء الذين انحرفوا عن الطريق، وكانوا يمثلون يوماً ما الغالبية والقوة والكثرة.

وكل ما قدمت من عمل وبذلت من جهد وإن بدا غريباً بل شاذاً في هذا المحيط  المنحرف؛ إنما هو لك في ذلك اليوم العصيب النجاة والفوز.

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 6
  • 0
  • 3,258

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً