العولمة وأمننا الفكري
والثابت أن عمليات السيطرة تتم من خلال قهر سلطة العقل الجمعي الموجِّه للأطر التفسيرية والعقائد والتقاليد والعادات والقواعد التربوية والقانونية.
في الواقع أن عمليات التثاقف بين المدنيات والشعوب على امتداد سطح الكوكب أصبحت مهددة وذلك ضمن أهداف وأسس ومعايير تتداخل فيها كافة مكونات أمم الأرض وذلك نتيجة حتمية للتطور الهائل الذي حصل في تقنيات الاتصال والمعلومات والزيادة في نفوذ أولئك المتلاعبين بمصالحنا وعقولنا فباتوا يملكون الهيمنة الفكرية ونضيف لها الهيمنة اللغوية على اعتبار أنهم يملكون الرأس مال التقني والفكري الذي قطعاً تحول وسيتحول إلى رأس مال مادي يؤدي حكماً إلى هيمنة الأقوى على الأضعف تقنياً وثقافياً وفكرياً وذلك بحكم القاعدة التي تقول بأن الضعيف يخلق القوي فان من يملك القوة قادراً قطعاً على الهيمنة على الأضعف الطرف الضعيف، وهي معادلة منطقية في عرف التحول الاجتماعي الذي يعيه الجميع- ولذلك ففي أجواء المنافسة غير المتكافئة بين من يملك أدوات القوة من معرفة فائقة ومتفوقة مضافا لها التطبيقات التقنية أضحت القضايا المثارة حول العيش لسكان الأرض قاطبة قائمة على هيمنة القوي وتبعية الضعيف في شتى السبل والمجالات.
ولابد من الإشارة إلى نقطة غاية في الخطورة، ونحن بهذا الصدد ألا وهي أن هذا الأمر لم يتوقف فقط على محاولات المالكين الجدد لمصادر القوة والقادرين على الهيمنة على مصير المناخ والبشر على سطح الكوكب بل إن حالة ووضع منطقتنا العربية جعلت القوى الإقليمية تطمع وتطمح في الوقت ذاته في الهيمنة على العقول بل أقول مصير ومذاهب الشعوب العربية التي تدور في حلقة مفرغة غائبة بل مغيبة كونها تهتم بقضايا هامشية صغيرة وإنها تلتف وتتمحور حول وضعها القائم من دون النظر والاستعداد لوضع استراتيجي خطير وقادم لا محالة، وهذا الأمر بحد ذاته يعظم بل يكرس عوامل الفرقة والتفرقة فيما بيننا نحن أبناء الأمة- ذلك بدلاً من اعتمادها الجماعي على الذات ناسية بل أقول متناسية ذلك الخطر الداهم الذي لا يبقي ولا يذر.
حقيقة هذا الوضع الشائك يجب أن يجعل المفكرين العرب أن يدقوا أجراس الخطر في حمانا العربي بكافة شرائحه وأنا أرى أن الجيل الصاعد يجب متابعته حثيثة كونهم في هذه المرحلة هم الهدف وهو المعرضون للاستقطاب خصوصا أنهم مغيبون جهلا أم قصدا عن هذا الواقع وهو أيضا الأكثر اتصالا بكل وسائل التواصل الحديثة أضف إلى ذلك ضعف الآليات الموجِّهة لهم وخاصة في مجال تنمية الفكر النقدي المحصِّن للفرد من الميل والغواية العولمية الالكترونية الأمر الذي يدعهم لقمة صائغة وهدف سهل قد يوقعهم في شراكٍ وفخاخ (الدوجماطيقية المذهبية) التي قد تعصف بهويتهم وانتماءاتهم بحضاراتهم وهويتهم ومجتمعهم الذي تربوا وترعرعوا في كنفه تحت مسميات ودعاوى مذهبية أو تحت دعاوى العولمة وما بعد الحداثة وأيضا ما بعد الذكورية التي تتطلب قطعا الكيانات متعددة ومتعدية الجنسيات تنمية الفردية والمشروع الخاص ويليها تفكيك المؤسسات التي تقوم عليها الدول الحداثية وأهمها وأخطرها هي مؤسسة الأسرة الحلقة الأولى في التكوين البشري.
وأرى في ظل غياب الأسرة وضعف الاهتمام بالتفكير النقدي في مؤسسات التعليم ومع انتشار تقانات الاتصال والمعلومات الحديثة التي أرى أنها يسَّرت ديمقراطية المعرفة وتشظِّي الثمن والغث من المعلومات ومع تعاظم وتنامي الكيانات متعددة ومتعدية الجنسيات وأيضا انتشار القيم الفردية هشاشة الدولة القومية الحداثية نمت وترعرعت الاتجاهات العرقية المذهبية أضف إلى ذلك أيضا ضعف الاهتمام بقضايا الانتماء القومي هذا حقيقة مدعاة لأن يصبح الاهتمام بقضايا توعية وتعليم جيلنا الصاعد وهم أمل المستقبل وقادته يجب أن تكون من المسائل الهامة والمفصلية التي تدخ ضمن إطار الأمن القومي لبلادنا العربية وكما هو معروف لدينا ان العولمة منطقها يقتضي الاعتراف بالتنوع الخلَّاق بين الثقافات فإن الحقيقة والواقع يشهد هيمنة المالكين الجدد للمعرفة التقانية عالية الدقة إلى المدى الذي يعيق تكوين مواطن منتمٍ لمجتمعه يفاخر بتراثه وقيمه ولغته ليحل بدلا منها إنسان كوكبي مجرد من هويته يفكر ويسلك وفق التوجهات الكوكبية لا يملك خياره بل تابع لا حول له ولا قوة.
ولابد ونحن بهذا الصدد من الإشارة إلى الضبط الاجتماعي الذي يتضمن لمعناه العام كل مظهر من مظاهر ممارسة المجتمع للسيطرة على سلوك الناس لتجعلهم متكيفين مع ما اصطلحت عليه الجماعة من قواعد وقوالب العمل والتفكير وقطعا يتضمن ذلك وضع تصميم اجتماعي لتكييف جوانب معينة من النظام بها تغييرات غير مألوفة بحي يحثث هذا التكييف استقرار التنظيم الاجتماعي وقد يَحدث ذلك بالتغيير الجذري أو من خلال تشديد بعض أساليب الضبط أو اصطناع أساليب جديدة وسيق متطورة حداثية.
والثابت أن عمليات السيطرة تتم من خلال قهر سلطة العقل الجمعي الموجِّه للأطر التفسيرية والعقائد والتقاليد والعادات والقواعد التربوية والقانونية.
أما بخصوص قضية السيطرة من خارج الفرد فلها اتجاهات أخرى وهذا واضح وجلي لكل منعم للنظر فالفلاسفة المنتمون إلى الفلسفة الطبيعية مثل جان جاك روسو يرى أن الإنسان خيِّر بطبيعته ويد الإنسان تفسده، أما ابن خلدون الذي يرى الطبيعة الإنسانية يلزم لها وازع ورادع يكبح جماح عدوانيتها، أما فلاسفة التنوير فيرون أن لا سلطان على العقل إلا العقل نفسه ومنهم فولتير مما جعل بعض الاتجاهات الوجودية ترى أن التربية يجب أن تصبح استكشافية وتنطلق من الأعماق، وعلى الرغم من تضارب وجهات النظر واختلافها حول كيفية اكتساب المعاني والمفاهيم والمعلومات والاتجاهات والقيم التي يتشكل منها سلوك الفرد فهي في المحصلة النهائية نتاج للفكر المتجمع من الخبرات وهذا حكما يعني ان الفكر لا يمكن مواجهته إلا بالفكر فلا يفل الحديد إلا الحديد ومجابهة الانحرافات السلوكية تأتي من خلال التحصين الداخلي للفرد بالتفكير النقد الذي يكشف التناقضات ومن خلال تعديل ومحو الأفكار والمعرفة الموجهة للسلوك وتأتي على رأس الهرم المؤسسات التعليمية في مقدمة المؤسسات التي يمكن لها تحقيقه درجة عالية من أهداف الضبط الاجتماعي إذا استهدفت التنمية المتكاملة لجوانب نمو الإنسان الأخلاقية والنفسية والعقلية والجسدية والاجتماعية.... الخ، ذلك لأن التركيز على جانب نمائي فقط يؤدي إلى تمنية تربية مشوهة فالمعلم والمعلمة المختلفين ثقافيا في أسلوب العقيدة واللغة والحياة هذا لو افترضنا توفر حسن النية لا يشفع له علمه الرقيع ي تكوين إنسان منتمٍ لمجتمعه لديه ولاء وانتماء لمن أنجبوه وبالنتيجة تصبح هوية الشباب العربي أو بالأحرى الناشئة على مر مراحلها محل تساءل في المستقبل القريب.
ولكن توجد رؤيا ما بعد حداثية رفض التنميط الذي تدعمه مؤسسات الدول وعلى رأسها المؤسسات التعليمية ترى الفرد كذات وفاعل اجتماعي طليق حر تمكنه المؤسسات من تنمية قدراته على اتخاذ قراراته واختياراته والقيام بأدواره وتقرير مصيره حيث يصبح الضبط ذاتيا أكثر من كونه مجتمعيا ونتيجة قوة الوافد الذي يبدو كوكبيا وبالخصوص عندما يتعلق الأمر بتقانات المعلومات والاتصالات الحديثة حيث أصبح التلاعب بالعقول أكثر سرعة ويسراً إلى الدرجة التي يمكن الادعاء فيها ان العالم يقسم فيها وفق من يملك المعرفة وتقاناتها وبين من لا يملكها والثابت أن حرباً الكترونية بين أمم الأرض باتت وشيكة، ومن الممكن أن تقوم بعض المدونات وبعض جماعات الفيس بوك بإثارة النزاعات الطائفية والعرقية داخل المجتمع وبين الشعوب وربما يكون تأثيرها فاعلية من الجماعات الأخرى التي تستهدف السلم والأمن وتقوية أواصر الإخاء والمساواة العدل وهذا حكما يعني ان الناشئة وشبابنا العربي إذا وقعوا خارج دائرة التحصين الداخلي أعني قدر الاهتمام بهم وتوعيتهم كي لا يكونوا لقمة سائغة وفريسة سهلة المنال- الذي يتولاهم بالحماية الفكرية وذلك بعد تزايد أعداد مستخدمي تقانات المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة وهي واقعاً وحقيقة سلاحاً ذو حدين تتوقف وظيفته على أهداف مستعملة وهنا كما قيل مربط الفرس وهنا أيضاً تظهر قيمة توعيتنا لهم وتحصينهم.
وعليه أصبح الفكر المجتمعي والمكون الأصيل للهوية -أعني اللغة- والتالي الأمن القومي لشعوبنا قاطبة في حالة تهديد وحالة الوقوف في مرمى الهدف.
* الثابت تاريخياً أن عمليات الضبط الاجتماعي كانت أكثر سهولة لمن يملك القوة في المجتمع وبيده أيضا السيطرة على مؤسساتها المناط بها وظائف الإرشاد والتوجيه والرقابة والتحكم والقوة... إلخ، في سلوكيات وعقول البشر ولكن أصبحت في ظل العولمة ضعيفة من السهل النيل منها وبالتالي أضحت مؤسسات الضبط الاجتماعي للدول أمام هيمنة الكيانات متعدية ومتعددة الجنسيات إعلامياً واقتصادياً، ولهذا ونتيجة حتمية ضعفت سيطرة المجتمعات على السلوكيات وعقول أفرادها وأصبحت مفاهيم المواطنة والمواطن بل والانتماء المجتمعي برمته في موضع التساؤل حيث بدأت إرهاصات وبوادر لتكوين الإنسان الكوكبي غير المنتمي لمجتمع محدد. وعليه أرى أنه علينا استبدال معايير الضبط الاجتماعي لتفعيل آليات الضبط الذاتي الداخلي لذا نجد أن الذاتي والفردي والنفسي مستدخل ومستدمج ومكتسب من المحيط والوسط الاجتماعي بل أرى أن الاجتماعي أضحى متناهيا مع ما هو كوكبي وعالمي وذلك نتيجة الانتقال اليسير والسريع للأفكار والبشر ومنتجاتهم ضمن إطار العولمة وهذا الانتقال العابر للقارات اضعف قطعا مؤسسات الضبط الاجتماعي وسهل هيمنة الدخيل الوافد من حيث المعايير والقيم والاتجاهات التي قد تهدد الهويات القومية ويتعرض من خلالها الفرد للغواية الفكرية وخاصة حين تكون مهيأة للإستغزاء حين تكون أساليب وأهداف التربية تستهدف تكوين شخصية تابعة لا تمارس التفكير الناقد والتفكير التباعدي والتفكير الإبداعي الذي هدفه الحض على التنوع والاختلاف الخلاق مما يسهم في تكوين عقلية (دوجوماطيقية) مستعدة ومهيأة للإستغزاء وللاستقبال غير الناقد للمعلومات العلمية والخرافية والأيديولوجية المتناثرة عبر تقانات الاتصال والمعلومات الحديثة.
وأرى ونحن ضمن هذا السياق أن على التربويين وفي المقام الأول القيام بعمليات محو جرثومة ووباء التخلف (الدوجوماطيقية) التي هي نتاج التعصب والمولدة له في ذات الوقت.
بعد هذا أرى أن هذه إشكاليات يجب تجاوزها كي نعي ما يدور حولنا وبالتالي تحقيق قدر من التوازن يعيد الأمور إلى نصابها.
وعليه بعد كل ما ذكرنا أضحى من البديهيات أن يكون التعليم في عصرنا قضية (أمن قومي) كباقي القضايا المفصلية في حياتنا كأمة ويجب أن يكون الضامن للأمن الفكري الموجه للسلوك المرغوب به مجتمعيا والطريق الرئيس للترقية القدرات التنافسية للمجتمعات ويجب أن يكون أيضا المكون الأساس للثروة غير الناضبة وهذا تحديدا يطلق عليه (الرأس مال الفكري المجتمعي) ويجب أن لا يغيب عن بالنا أنّ(نظرية الرأس مال البشري) توضح أن الرأس مال الفكري يسهم بالضرورة في الحصول على الرأس مال المادي والتعليم الإبداعي مكون رئيس للرأس مال الفكري -المجتمعي- البشري. ومن المسلمات أيضاً فان عصر ما بعد الصناعة مجتمع المعرفة (عصر النانوتكنولوجي) عصر الإنتاج كثيف المعرفة عالية الدقة هذا يتطلب بالضرورة إعداد متكامل وفق مبدأ وحدة وتكامل المعرفة ووفق آليات المنهج التكاملي بين التخصصات والمعارف المختلفة للإعلاميين وللمعلمين مما يسهم في تكوين منطقي ناقد للمعلومات المتشظية المتفرقة وينتج عن ذلك إسهامها في تكوين رؤية ومعرفة شاملة متكاملة قابلة للتطبيق والممارسة على ارض الواقع.
وعلينا إدراك نقطة في غاية الأهمية وهي أيضاً من المسلمات ألا وهي أن التشظي في المعلومات المتناثرة عبر تقانات الاتصال والمعلومات الحديثة تستلزم من المستخدم لتلك المعلومات التمكن من كفايات علمية وقدرات نقدية قادرة على تحويل المعلومات إلى معرفة عن طريق التمكن من مهارات المقارنة والتصنيف والاختيار أو المفاضلة بين البدائل المطروحة لحل المشكلات كما يوفر (المنهج النقدي) القدرة على كشف التناقض بين النصوص والواقع وبين ثنايا النص. وأيضاً من البديهيات التي علينا إدراكها أن الوجود الفاعل في سياق الكوكبية التي تكرس العيش المشترك بين جميع البشر المختلفين ثقافيا وفكريا يتطلب التعامل مع المتناقضات واستيعاب الجديد من الأفكار والتفكير كوكبيا مع عدم ذوبان او فقد الهوية كل ذلك يتطلب نزع (الدوجوماطيقية) المولدة للتعصب من عقول الناس وإفساح المجال لتفتح العقل والطبع.
ولقد تطلب وهو أيضاً معطى مسلم به- التوحيد القياسي لمواصفات المنتجات عالميا (الآيزو) أن تلتزم نظم التعليم بمعايير للجودة ولكن الجودة في التعليم بقدر ما تتطلب بنية مؤسسية تقانات وبرامج ومناهج تعليمية وتعليمية إثرائية وهذا يتطلب كفايات متعددة عالية لمعلم موجه وخبير وميسر للعملية التعليمية وعلى وعي تام بطبيعة أدواره المتعددة وهي تعليمية-اجتماعية-نفسية-أخلاقية-إدارية-سياسية، وهذا بالضرورة يدل على أن نوعية المعلمين دالة على الأداء وعلى مدى الجودة نتيجة قدراتهم على تعظيم الإمكانات أو هدرها على اعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه وبالمنطق ليس من المعقول أن نطلب من معلم غير مبدع تكوين طالب مبدع خلَّاق كمثل الذي يطلب ممن يعاني من مشكلات أخلاقية ونفسية أن ينشئ جيلاً سليماً سوياً يتحلى بالأخلاق الحميدة ويمكن القول مع بعض التجاوز أن الجودة لا تحقق من دون معلم خبير في مجاله وعلمه سوي وملتزم بأخلاقيات ورسالة التعليم وهذا ضرورة كي يجني المعلم ثمار ما زرع فمعلم ناجح ينشئ جيلاً ناجحاً مبدعاً خلاقاً.
وأنا أرى أن هناك أربع خطوات تكاملية تنجح بهما العملية التعليمية في ظل (معطيات معاصرة) فرضها التقدم الملحوظ في مجال وسائل تقانات الاتصال وهي باعتقادي ركائز لابد من التزامها كي نضع الأمور في نصابها:
* الركيزة الأولى: مهارات التفكير الناقد: لابد من تنميتها؛ لأن النشاط يستهدف تمكين المتعلم من فن تولي مسؤوليته لعقله من خلال كشف التناقضات بين الواقع والنص أو بين ثنايا النص ومن خلال قدرته على رؤية الخداع الذاتي حيث بتدرب المتعلم على التعرف على المخالفات المنطقية والتمييز بين نتائج التجربة والاستنتاجات المبنية على النتائج والتعرف على الفرضيات والفروض الضمنية والصريحة وتجنب تكرار المعنى وأيضا التعرف على المعلومات ذات الصلة بالموضوع والاتساق بين المقدمات والنتائج والحكم على المعلومة في ضوء الخبرة الشخصية وتمييز الأساسية منها والهامشية والتنبؤ بالنتائج الممكنة للأحداث.
* الركيزة الثانية: أدوات العمل وآلياته: وهذا حقيقة يتطلب تكامل عربي مبني على رؤى إستراتيجية وآليات عمل تتجاوز الوضع القائم إلى وضع قادم مؤسس على الوعي بالمصالح المشتركة وعلى الثقة بالنفس وهذا حقيقة باستطاعة الكيانات التنظيمات العربية أن تقوم به وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة والمعرفة.
* الركيزة الثالثة: الذات وإدارتها: وهذه غاية في الأهمية، فتمييز نظرية (الذكاءات المتعددة)؛ لأنها أكدت وجود تلك الذكاءات بين جميع بني البشر حيث لا يتميز جنس عن آخر وهي في الواقع استندت إلى الفسيلوجيا والابستمولوجيا حيث أكدت هذه النظرية:
- على وجود تلف في منطقة الدماغ يؤدي إلى فساد وظيفة ذهنية محددة فالتلف الذي يصيب الجزء العلوي من اليسار للقشرة الدماغية يؤدي إلى فقدان القدرة اللُّغوية كما أن المصابين بالنصف الأيمن من الدماغ يقرؤون بطلاقة ولكن يعجزون عن تفسير ما يقرؤون إذاً مرتكز إدارة الذات هام وهام جداً وذلك لتحديد القدرات والإمكانات.
* الركيزة الرابعة: مهارات التخطيط وتنميتها: الثابت أن عملية التخطيط تستهدف الوصول إلى غايات محددة بطرق وبخطوات معينة ومحددة تسلسلية مشروطة بافتراضات تنطلق من الوضع الحالي فهذا مدعاة للأخذ في الاعتبار جميع المتغيرات كبيرها وصغيرها شريطة توفر مهارات تجميع وتصنيف العناصر والمعلومات تحت فئات يمكن التمييز بينها وفق خصائص معينة مع التمكن من استخدام مهارات التفسير وذلك باستخدام صيغ التساؤل والتمكن من مهارات التقويم حيث الحكم على قيمة شيء ما في ضوء محاكات ومعايير محددة مع توافر مهارات المرونة التي تفسح المجال للاختيار بين البدائل والتوصل إلى تعميمات للوقائع المتفرقة ولابد أيضا من تنمية القدرة على التنبؤ والتوقع وهذا مهارة من أعمق المهارات فهي حقيقة بعد النظر الحقيقي
- ولتنميتها لابد من غرسها في فاقدي الفكر بعيدي النظر طالهم البناء والصح المدعوم بالأسس التي أوردناها آنفاً. وبعد فعلى كياناتنا العربية التي تولي الاهتمام بقضايا الأمن بصوره (أمن الدولة، الأمن الغذائي، الأمن المائي، الأمن العام) حريٌّ بها أن تولي جليل الاهتمام بما هو أكثر خطورة في ظل معطيات معاصرة ألا وهو الأمن الفكري العربي لأبناء أمتنا. ونسأل الله أن يجنبنا العثار الزلل في القول والعمل.
طارق فايز العجاوي
- التصنيف:
- المصدر: