لكل غادر لواء

منذ 2015-04-05

روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم من أمير عامة»، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم ستحرصون على الإمارة وإنها ستكون ندامة وحسرة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة».

الإمام الجائر الغادر يتلون تلون الحرباء حتى يلبس على الناس دينهم، فيتوارى خلف الكلام المعسول والمصطلحات المنمقة البراقة والثياب الفاخرة والجمع الكثير، واللسان الحاني على الشعب يتمثل فرعون الأول، {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر:26].

فهل حقاً يمثل موسى عليه السلام خطراً على الوطن والمواطنين؟!
هل حقاً موسى عليه السلام يعطل الدين ويبدله ويظهر في الأرض الفساد؟!
هل ملأ فرعون الأرض خيراً وعدلاً وقسطاً ويملؤها موسى عليه السلام فساداً وجوراً وظلماً؟!
أم أنه تزييف الحقائق وقلب الموازين، أم أنهم كما يقول صلى الله عليه وسلم: «دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا» (صحيح الجامع:2994).

أم أراد تفويضا بقتل موسى عليه السلام وعشيرته وملاحقتهم بالسحرة الأشرار، وبالقضاة الفاسدين وبمال قارون، وبالقتلة المأجورين وبجيش هامان النظامي إلى آخر الحدود لبلوغ أغراضه الدنيئة حتى لو اعترضهم اليم {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ . وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ} [الأعراف:136-137].

فلأمثال هؤلاء حذرنا صلى الله عليه وسلم من: «أمراء يكونون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض، ومن غشي أبوابهم أو لم يغش فلم يصدقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض» (قال الألباني حسن صحيح)، وقال صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي، إمام ظلوم غشوم، وكل غال مارق» (السلسلة الصحيحة).

وقال صلى الله عليه وسلم: «أشد الناس يوم القيامة عذابا إمام جائر» (حسن صحيح الجامع:1001). وعن لواء الغدر يخبرنا صلى الله عليه وسلم قال: «إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان بن فلان» (رواه البخاري)، قال صلى الله عليه وسلم: «ألا إنه ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته ولا غدرة أعظم من غدرة إمام عامة يركز لواءه عند استه» (صحيح لغيره).

وروى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم من أمير عامة»، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم ستحرصون على الإمارة وإنها ستكون ندامة وحسرة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة» (البخاري)، أي فنعمت حياتهم، وبئس موتهم وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: «إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي؟ أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة، إلا من عدل، فكيف يعدل مع أقربيه» (السلسلة الصحيحة:4/84).

وقال أيضاً: «ألا إنها ستكون بعدي أمراء يظلمون ويكذبون فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على ظلمهم فليس مني ولا أنا منه، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يمالئهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه» (مسند أحمد)، وعن أم سلمه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع» (مسلم).

والجائر الغادر الخائن وجنوده وشرطته وأحزابه وأعوانه، ومساعديه ومفوضيه ومحبيه ومنافقيه، ومفتيه وقاضيه وعلماء السوء شركاء في الجرم، يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه، قال عليه الصلاة والسلام: «ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فمن أدرك ذلك منهم فلا يكونن عريفاً ولا شرطياً ولا جابياً ولا خازناً» (السلسلة الصحيحة).

وقال عليه السلام: «صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس -إشارة إلى الحكام الظلمة- ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا» (السلسلة الصحيحة)، وقال صلى الله عليه وسلم: «سيكونُ في آخرِ الزمانِ شُرْطَةٌ يغدونَ في غَضَبِ اللهِ، ويروحونَ في سَخَطِ اللهِ» (صحيح الجامع).

وقال عليه السلام: «يكون في هذه الأمة في آخر الزمان رجال معهم سياط كأنها أذناب البقر، يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه» (السلسلة الصحيحة:4/517)، ومع كل ذلك يمهلهم الله ويحلم عليهم ويستدرجهم حتى يقصمهم جل وعلا، ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر: «إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» (صحيح الجامع:1822).

فتحقيقاً لمعاني الولاء والبراء لا بد من الكراهية لغدر الخائن الخسيس، فإن ترك الإنكار قد يخرج صاحبه من دائرة الإيمان وفي تخريج الطحاوية (1/70): "ونحب أهل العدل والأمانة ونبغض أهل الجور والخيانة". 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 16
  • 1
  • 56,579

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً