زفرة
تقلّبت بين السراء والضراء، فلا أحسنت في هذى ولا أحسنت في تلك، وخرجت منهما بالخواء والهباء والهراء! أغرّك من الدنيا مالٌ وجمالٌ وعيالٌ، وكل ما غرّك إلى زوالٍ وخبال ومحال! جاوزت الأربعين فلم تدّكِر، وفارقت الشباب فلم تعتبر!
أيها الغارِقُ لِآذانِه في وَحْلِ الدُّنيا ورَدْغَةِ خَبَالِها، أما آن لك أن تتنفس هواءً نقيًّا! وتعيش الحياة الطيبة؟!
يا مُنتشيًا بسُكر الوهم وخمر الغفلة، أما آن لك أن تستفيق من معاقرة الأوهام ومعانقة الأحلام؟!
أما آن الحضور بعد الذهول؟! والصعود بعد السفول؟!
ألم تملَّ التسفُّل؟! فقد بلغت الغاية من الحضيض!
إنها أيام قلائل وإلى ربك راحل، وهو لك سائل؟! فماذا أنت قائل؟!
قد كنت فقيرًا، فمنّ الله عليك فلم تشكر!
وقد كنت مُدعيًّا، فابتلاك الله فلم تصبر!
تقلّبت بين السراء والضراء، فلا أحسنت في هذى ولا أحسنت في تلك، وخرجت منهما بالخواء والهباء والهراء!
أغرّك من الدنيا مالٌ وجمالٌ وعيالٌ، وكل ما غرّك إلى زوالٍ وخبال ومحال!
جاوزت الأربعين فلم تدّكِر، وفارقت الشباب فلم تعتبر!
فماذا بعد الأربعين غير الخفوت والهبوط حتى تموت؟!
كنا ثمانية نفر، فصرنا أربعة، وغدًا نكون (لا أحد)!
فيا خيبة العمر إن لم تُدِرك النجاةَ فتتوب، ويا ضيعة المسعى إن أخذتك متاهات الدروب!
كيسك من الحسنات مثقوب بالرياء، وحملك من الأوزار مشدود الوكاء، ذاك خفيف مثقوب، وذاك ثقيل مطبوب..
فأنى تُدرك الربح والخسارة بادية، وكيف تؤمِّل الفوز وأمارات البوار مواتية، يالجرأة المفلسين! كيف يطمعون في الجنة والأسعار غالية، وأيديهم من مهرها خاوية؟!
- التصنيف: