خطوات في التربية - (7) مثل الدنيا، والتفكير فيها!

منذ 2015-05-05

فإن الله تعالى ذكر صفة الدنيا والمثل المضروب لها بما أخرج المطر من النبات الذي تزينت به الأرض ونضج، فإذا بالآفات تعتوره في أي لحظة من ليل أو نهار؛ {تَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا} فهذا شأن الدنيا، وعلى هذا أجرها الله تعالى.

إن قلقت من هذه الدار ويممت وجهك شطر دار أخرى، فاعلم أن هذا التأمل الفطري يتوافق مع الكتاب، فإن الله يدعوك عبر ما وضع في هذه الدار من آفات بالاعتبار والتأمل كما يدعوك بكتابه تعالى وبكلامه فقال تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس:24-25].

فإن الله تعالى ذكر صفة الدنيا والمثل المضروب لها بما أخرج المطر من النبات الذي تزينت به الأرض ونضج، فإذا بالآفات تعتوره في أي لحظة من ليل أو نهار؛ {تَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا} فهذا شأن الدنيا، وعلى هذا أجرها الله تعالى.

وقد أمر ربنا تعالى بالتفكر فيما ضربه من هذا المثل.

فإذا تفكر العبد ووجدها دارًا محوطة بالآفات انصرف بصره باحثًا عن دار سلمت من كل آفة، فوجدها، ووجد ربه تعالى يدعوه اليها، ولهذا أعقب تعالى وصف الدنيا وآفاتها والقلق المحيط بأهلها بالنداء والدعوة إلى دار لا آفة فيها، فبينما بنيت دنيانا على المزج بين الخير والشر {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:35] وجعلت للعمل لا للركون إليها، جعل تعالى عاقبة الخير في دار الآخرة خالصة للنعيم؛ فقد خلقت للتمتع، سواء بالقرب من الرب أو كلامه تعالى وسماع محاضرته أو التلذذ بذكره مع النفَس، أو التمتع بما خلقه تعالى فيها مما ذكر تعالى تفصيله وما لم يذكر مما لم تر عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر.

دعا تعالى جميع العباد لدار السعادة وبلاد الأفراح فقال: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] يعني السلامة من الآفات، من نقص أو مرض أو خروج أو موت أو تحول عن الدار.

لكنه تعالى خص بالهداية من شاء من عباده بما اقتضته حكمته مما علم في الخير من هذا والخبث من ذاك.

وعلى هذا فقد توافق الكتاب والاعتبار على الزهد في هذه الدار والتوجه نحو الآخرة، لا بالموت -فإنه آت لا محالة وليس من شأننا استعجاله أو تأخيره- بل بالسفر الى الآخرة والإعداد لها وأن يرسل لنفسه فراشًا أو مهادًا، أرسل إلى هناك فراشًا ومهّد

لنفسك فيها مهادًا {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم:44]

وهنا نسأل: ماذا تريد؟

يتبع إن شاء الله.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 1
  • 1
  • 1,757
المقال السابق
(6) غربة الدنيا!
المقال التالي
(8) المملوك ليس حرًا (1)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً