كيف تحج أكثر من مرَّة في عام واحد؟!

منذ 2015-05-08

وقد لا يتسنى للعبد أن يقصد بيت الله في كل عام. لذلك وسَّع الله على عباده. فشرع لهم من الأعمال الصالحة ما هي في متناول أيديهم وفي استطاعتهم ليدركوا أجر الحج وثواب العمرة

الحمد لله الذي جعل البيت الحرام مثابةً للناس وأمنًا. والصلاة والسلام على رسول الله. وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

فقد ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كثرة التزود من الحج والعمرة والمتابعة بينها لِما في ذلك من تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفعة الدرجات. فقال صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة» (رواه أحمد والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه).

وليس في العام إلا حج واحد. وقد لا يتسنى للعبد أن يقصد بيت الله في كل عام. لذلك وسَّع الله على عباده. فشرع لهم من الأعمال الصالحة ما هي في متناول أيديهم وفي استطاعتهم ليدركوا أجر الحج وثواب العمرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو ذو الفضل المبين. ومن ذلك:

 

- تحجيج غيرك بمالك:

فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازيًا أو جهز حاجاً أو خلفه في أهله أو فطَّر صائمًا كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء» (رواه النسائي وابن خزيمة والترمذي).

وكم من أناس يريدون الحج وليس في قدرتهم المالية ما يستطيعون به الوصول إلى المشاعر المقدسة لأداء ذلك النسك المبارك. فكم هو الأجر العظيم لمن أعانهم عليه بما آتاه مولاه من مال.

 

- صلاة الإشراق:

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» (رواه الترمذي وغيره، وهو حسن).

فمن جلس بعد صلاة الفجر إلى الإشراق في مصلاه يذكر الله، ثم صلى ركعتين أدرك هذا الفضل ونال ذلك الأجر ولو في كل يوم.

ولو لم يكن في إمكانه إلا في يومي الإجازة (الخميس والجمعة) لأدرك في كل شهر ثمان حجج وثمان عمر. وفي السنة (69) تسعة وستون حجة وعمرة. ولو دام على حاله هذا في عشر سنوات لحاز أجر (690) حجة و(690) عمرة. فسبحان الله! ما أعظم كرمه! وما أكثر فضله!

 

- حضور حلقات العلم:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرًا أو يعلِّمه كان له كأجر حاج تاماً حجته» (رواه الطبراني في الكبير، وهو في صحيح الترغيب والترهيب للألباني).

فأين الوعاظ والدعاة عن هذا الأجر؟ أين الحريصون على طلب العلم وحضور مجالس الذكر؟ فلو ألقى الواعظ أو حضر طالب العلم خمس مواعظ في الأسبوع لحاز على أجر خمس حجج تامة. ولو حضر أو ألقى (20) موعظة في الشهر. لأدرك أجر (20) حجة في الشهر الواحد. ولو حضر أو ألقى على هذا المعدل خمس مواعظ أو دروس في الأسبوع لنال أجر (240) حجة في السنة الواحدة. فكيف يكون أجر من يحضر في كل يوم درسًا؟ هذا يعني أنه يحج في كلِّ يوم! وعلى هذا فإنه في العام الواحد يحج أكثر من (365) حجة! فكيف يكون أجر من يحضر في اليوم الواحد أكثر من درس ويلقي أكثر من موعظة؟! هذا علاوة على الأجور الأخرى في طلب العلم وبذله! فما الظن بمن لازم هذا العمل الصالح أكثر من عشر سنوات في عمره؟! معنى هذا أنه حج (3650) حجة في عشر سنوات! تامات تامات.

 

- الاعتمار في رمضان:

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجةً معي»، وقال: «فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة» (رواه البخاري ومسلم).

 

- صلاة الفريضة في المسجد:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة. ومن مشى إلى صلاة تطوع (يعني صلاة الضحى) فهي كعمرة نافلة» (رواه أحمد وأبو داود).

وقال صلى الله عليه وسلم: «من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم. ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر. وصلاةٌ على إثر صلاة لا لغو بينهما كتابٌ في عليين» (رواه أحمد وأبو داود، وهو صحيح).

فخمس صلوات في اليوم والليلة في المسجد مع جماعة المسلمين تعادل أجر خمس حجج، وفي السنة (5 صلوات/360 يوم)= 1800 حجة في سنة واحدة، وفي عشر سنوات= 18000 حجة، وفي ثلاثين (30) سنة= 54000 (أربعة وخمسون ألف حجة).

فأين المضيعون لصلاة الجماعة عن هذا الثواب من الكريم الوهاب؟!

أكثر من ألف وثمانمائة حجة في عام واحد لمن يصلي صلاة الفريضة مع الجماعة. فكيف بالأجور الأخرى المترتبة على أدائها في المساجد حيث أمر الله؟! وإنما المحروم من قعدت به معاصيه وذنوبه عن بيت ربِّه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

- صلاة في مسجد قباء بالمدينة النبوية:

فعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له كأجر عمرة» (رواه أحمد والترمذي والنسائي، وهو صحيح).

 

- صلاة العشاء والغداة في جماعة:

فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور. يصلون كما نصلي. ويصومون كما نصوم. ويتصدقون بفضول أموالهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوليس قد جعل الله لكم صلاة العشاء في جماعة تعدل حجة. وصلاة الغداة في جماعة تعدل عمرة» (رواه أحمد في المسند والنسائي).

 

وبعد: فهذا فيض من غيض وقليل من كثير من فضل الله وكرمه على عباده. فالواجب عليهم أن يغتنموا فضله ويسارعوا إلى ما يرضيه. وينافسوا على أسباب الفوز بجنته وزيادة الدرجات فيها بزيادة الأعمال الصالحة الفاضلة في الدنيا. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

المصدر: موقع هاجس

عبد اللطيف بن هاجس الغامدي

مدير فرع لجنة العفو واصلاح ذات البين - بجدة .

  • 4
  • 0
  • 12,133

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً