للمجاهدين فقط

منذ 2015-05-09

إن مسيرة الجهاد في وقتنا الحاضر تحتاج إلى مراجعة ومصارحة، وتخلية وتحلية، وتصفية وتربية

المجاهدون في سبيل الله تعالى رمزٌ للبطولة، ومثال للتضحية، وأنموذج في العطاء، لأن دينهم أحب إليهم من أنفسهم، وأمتهم أولى عندهم من ديارهم، وآخرتهم أقرب إلى قلوبهم من دنياهم، فما أن يسمعوا بهيعة أو يعلموا بصيحة تنادي بالجهاد والذود عن العباد والبلاد إلا وقاموا إليها زرافات ووحدانا، أرواحهم على أكفِّهم، شعارهم: وعجلت إليك رب لترضى!

ولهم في واقعنا المعاصر واقع جميل باهر، فحربهم للشيوعيين في أفغانستان والشيشان خير مثال، وحربهم للنصارى في البوسنة والهرسك أكبر دليل، وحربهم للبوذيين في كشمير وغيرها برهان حي وشاهد ناطق.

ومع شدة بسالتهم وقوة بأسهم وعظمة تضحيتهم إلا أني أراهم مقصرون غاية التقصير فيما هو أولى وأغلى وأحب وأوجب. فأين جهادهم عن بيت الله المقدَّس في فلسطين؟! وله في قلوب المسلمين ما له من الكرامة والمكانة.

إنه جهاد ينجيهم فيما وقع فيه بعضهم من قتال المسلمين بأي حجة أو شبهة وما فيه حمل للسلاح على المؤمنين، وإثارة للفتن في ديارهم، وينجيهم من القتال تحت رايات عميّة أو عنصرية أو عصبية أو ما فيه دعم لأنظمة مجهولة ورايات دخيلة، ويكفينا ما وقع لنا في إفغانستان، فلماذا لا نأخذ الدروس مما وقع لنا وحلّ بنا؟!

إن الجهاد في فلسطين جهاد متفق على صحته وفضله وضرورته، فإنه لن يكون جهادًا عن فلسطين وحدها -مع أهميتها وشدة ما يقع على أهلها- بل سيكون دفاعًا عن مقدساتنا الأخرى وبلادنا الكبرى، فأطماع اليهود ليس لها حدود، وعلَمَهم ناطق، وشعارهم شاهد، وخريطتهم فاضحة.

فهل سنترك لهم الخيار في وقت مهاجمتنا واحتلال أراضينا أم أن المقاومة الحقيقة تقتضي القضاء على أطماعهم في صدورهم، ودفنها معهم في قبورهم، قبل أن نصبح في حالة الدفاع بعد الهجوم والمقاومة بعد المهاجمة كحالنا كثيرًا وكثيرًا.

 

سيأتي السؤال والإشكال على وجه الاستعجال: كيف السبيل إليهم، وهم محاطون بمن يحميهم، ويصعب الدخول إليهم والهجوم عليهم؟!

أقول: بأن المجاهدين لديهم من الوسائل وعندهم من الطرق مع تجاربهم السابقة مع صدقهم مع ربهم وإخلاصهم لقضيتهم مع دعم إخوانهم لهم، ما يستطيعون به الوصول إلى ما يريدون والحصول على ما يبتغون، ولكن المصيبة الرهيبة هي: أن فلسطين غائبة عن تخطيطهم، فلا أدري لماذا؟! وإلى متى؟!

لم يكن طريق الجهاد في يوم من الأيام مفروشًا بالورود محفوفًا بالزهور، بل هو عقبة كؤود، ومرتقىً وعر، محفوف بالمكاره والعقبات والمصاعب والمصائب، ومن أراد الحصول على شيء احتال عليه للوصول إليه.

إن أحفاد القرود من اليهود لم تستطع السيطرة على المجاهدين في فلسطين مع قلة عددهم وكثرة عدد العملاء بينهم والدخلاء عليهم، فكيف بجهاد الصادقين من المسلمين المجاهدين القادمين من مشارق الأرض ومغاربها لو أنهم أقبلوا عليها وصدقوا الله فيها، والأمّة من بعدهم تدعوا لهم وتدعمهم.

أنا على ثقة أن الموازين ستتغير، والأحداث ستتبدل، وسنجني من الثمار والآثار ما يحق لنا أن نفاخر به الأجيال، وندونه بمداد النور في كتاب التأريخ، ونرفع به العار عن أمتنا والضيم عن إخواننا، ونسترضي به ربنا علينا.

إن مسيرة الجهاد في وقتنا الحاضر تحتاج إلى مراجعة ومصارحة، وتخلية وتحلية، وتصفية وتربية، وتنقية مما شابها أو عابها، وليكن الجهاد في فلسطين هو بداية التصحيح، وإلا ففلذات أكبادنا وخيرة شبابنا يتساقطون يومًا بعد آخر، والخسارات تتوالى، والهزائم تتعاقب، وحتما سينطفئ المصباح إذا حُرق الفتيل!!

المصدر: موقع هاجس

عبد اللطيف بن هاجس الغامدي

مدير فرع لجنة العفو واصلاح ذات البين - بجدة .

  • 0
  • 0
  • 1,361

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً