وانقطع الوتر!

منذ 2015-05-17

مهما بلغ العبد من العلم والمعرفة، والقدرة والقوة، والسلطة والعزة فإذا حان المكتوب، وجرى القلم بالمقدور فلا العلم يفيد، ولا القوة تطيق، ولا السلطة تمنع، ولا العزة تدفع، وكلها تقف في صمت رهيب، وذهول عجيب تتلقى المكتوب، وتسكت عن المقدور.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فكنت في هذا اليوم مع أحد إخواني وهو ممن يعمل في أحد المستشفيات وكان يقص لي قصة عن طبيب من كبار الأطباء في المستشفى الذي يعمل فيه، وكان هذا الطبيب الاستشاري يجري عمليات جراحية وعندما كان يجهز للعلمية التالية وقعت يده على مشرط حاد جدًا يستفاد منه لاستئصال الأورام والأعضاء فجرحه هذا المشرط وقطع وتر إصبعه الوسطى من جهة الكف، فشخص الطبيب نفسه ثم طلب من زميل له استشاري بأن يجري له عملية إعادة الوتر لكن طبيًا الوتر لا يبقى قريبًا من الجرح بل يشمر ويدخل داخل، ويحتاج إلى تتبعه وسحبه وربطه، فحاول الاستشاري الآخر حل المشكلة لكنه لم يفلح فاضطر إلى تخدير كبير الأطباء تخديرًا كاملاً، ثم إجراء عملية ربط الوتر فكان جميع الأطباء يديرون هذه العملية، وكبير الأطباء مستلقٍ بين أيديهم يقلبونه كيفما يشاؤون، وهو عاجز عن نفع نفسه، وتم للطبيب الشفاء بعد إذن الله تعالى، والحمد لله رب العالمين الذي يشفي ويعافي.

وعندما كان يقص لي تلك القصة -يعلم الله تعالى- أحسست بشيء داخلي يتحرك وما شعرت إلا وأنا أردد قول الشاعر إبراهيم علي بديوي:

قل للطبيب تخطفته يد الردى *** من ياطبيب بطبه أرداك

قل للمريض نجا وعوفي بعدما *** عجزت فنون الطب من عافاك

قل للصحيح يموت لا من علة *** من بالمنايا يا صحيح دهاك

إخواني: مهما بلغ العبد من العلم والمعرفة، والقدرة والقوة، والسلطة والعزة فإذا حان المكتوب، وجرى القلم بالمقدور فلا العلم يفيد، ولا القوة تطيق، ولا السلطة تمنع، ولا العزة تدفع، وكلها تقف في صمت رهيب، وذهول عجيب تتلقى المكتوب، وتسكت عن المقدور.

يا صاحب الغفلة والتسويف، وصاحب القوة والسلطان إن هناك يوم تقهر فيه، وتذل فيه إنه يوم شكى منه العلماء، وبكى منه الحكماء، ووجل منه العظماء، وما يحب ذكره الأغنياء... أتدري لماذا؟! لأنه يقطع على أهل اللذة لذتهم، وعلى أهل العزة عزتهم، وعلى أهل الغنى غناهم.

فيا إخواني: أعدُّوا للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، واتقوا ربكم فإنكم إليه راجعون وعن الدنيا راحلون.

قال أحد الملوك لأحد العلماء: يا إمام لماذا نكره الموت ونحب الحياة؟! فقال العالم: لأنكم عمرتم الدنيا، وخربتم الآخرة، فتخشون أن تخرجوا من العمار إلى الخراب. قال الملك: صدقت.

وقال ملك الملوك الله رب العالمين: {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [البقرة:281].

المصدر: الموقع الرسمي للشيخ
  • 3
  • 0
  • 738

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً