مع القرآن - سخر لنا كل شيء فعصيناه

منذ 2015-05-24

أشد ما يحزن! أن يستغل البشر نعم الخالق في مبارزته بالمعصية، فبدلًا من شكر النعم بتوحيد المنعم والسعر لما يرضيه، يسعى الإنسان مطيعًا للشيطان وحزبه، ويبارز الملك بالمعصية مستخدمًا ومستغلًا نعمه فيما يسخطه..!

الله تعالى سخر لنا كل ما في الأرض لخدمتنا وإعانتنا على طاعته وعبادته. 
بل جعل كل شيء فيها مسبح له ومهيأ لمساعدة الخلق في توحيد الخالق وعبادته سبحانه.

وأشد ما يحزن! أن يستغل البشر نعم الخالق في مبارزته بالمعصية، فبدلًا من شكر النعم بتوحيد المنعم والسعر لما يرضيه، يسعى الإنسان مطيعًا للشيطان وحزبه، ويبارز الملك بالمعصية مستخدمًا ومستغلًا نعمه فيما يسخطه..!
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:29]. 

قال السعدي في تفسيره:
"{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا} أي: خلق لكم، برا بكم ورحمة، جميع ما على الأرض، للانتفاع والاستمتاع والاعتبار، وفي هذه الآية العظيمة دليل على أن الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة، لأنها سيقت في معرض الامتنان، يخرج بذلك الخبائث، فإن تحريمها أيضًا يؤخذ من فحوى الآية، ومعرفة المقصود منها، وأنه خلقها لنفعنا، فما فيه ضرر فهو خارج من ذلك، ومن تمام نعمته منعنا من الخبائث، تنزيهًا لنا.

وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
{اسْتَوَى} ترد في القرآن على ثلاثة معاني: فتارة لا تعدى بالحرف، فيكون معناها، الكمال والتمام، كما في قوله عن موسى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} وتارة تكون بمعنى (علا وارتفع) وذلك إذا عديت بـ(على) كما في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ} [يونس من الآية:]، {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف من الآية:13]. 

وتارة تكون بمعنى (قصد) كما إذا عديت بـ(إلى) كما في هذه الآية، أي: لما خلق تعالى الأرض، قصد إلى خلق السماوات {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فخلقها وأحكمها، وأتقنها، {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فـ{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} [الحديد من الآية:4]، و{يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [التغابن من الآية:4]، يعلم السر وأخفى.

وكثيرًا ما يقرن بين خلقه للخلق وإثبات علمه كما في هذه الآية، وكما في قوله تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك من الآية:14]، لأن خلقه للمخلوقات، أدل دليل على علمه، وحكمته، وقدرته.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 0
  • 0
  • 2,680
المقال السابق
أحمق الناس
المقال التالي
الشيطان عداوة لا تنتهي

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً