الترتيل أفضل، أم كثرة القراءة في الصلاة وخارجها؟

منذ 2015-07-10

قال بعض السلف: "نزل القرآن ليعمل به، فاتخذوا تلاوته عملاً" ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب.

‫‏
قال ابن القيم في زاد المعاد: "وقد اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة، أو السرعة مع كثرة القراءة: أيهما أفضل؟ على قولين: فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها، واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه وتدبره، والفقه فيه والعمل به، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه، كما قال بعض السلف: (نزل القرآن ليعمل به، فاتخذوا تلاوته عملاً) ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب. 

وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم.
قالوا: ولأن الإيمان أفضل الأعمال، وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان، وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر فيفعلها البر والفاجر، والمؤمن والمنافق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن، كمثل الريحانة، ريحها طيب، وطعمها مر».

والناس في هذا أربع طبقات: أهل القرآن والإيمان، وهم أفضل الناس، والثانية: من عدم القرآن والإيمان، الثالثة: من أوتي قرآنًا، ولم يؤت إيمانًا، الرابعة: من أوتي إيمانًا ولم يؤت قرآنًا.

قالوا: فكما أن من أوتي إيمانًا بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآنا بلا إيمان، فكذلك من أوتي تدبرًا وفهمًا في التلاوة أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر.

قالوا: وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها، وقام بآية حتى الصباح.

وقال أصحاب الشافعي رحمه الله: كثرة القراءة أفضل، واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» (رواه الترمذي وصححه).

قالوا: ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة، وذكروا آثارًا عن كثير من السلف في كثرة القراءة.
‫‏والصواب في المسألة أن يقال: إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرًا، وثواب كثرة القراءة أكثر عددًا، فالأول: كمن تصدق بجوهرة عظيمة، أو أعتق عبدًا قيمته نفيسة جدًا، والثاني: كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم، أو أعتق عددًا من العبيد قيمتهم رخيصة" (أ.هـ).

قلت: وهناك أسئلة تدور في الرأس عند بعض الناس وجوابها المسطر أعلى المنشور مثل:
‫‏س: "هل أقرأ أكثر من جزئين مثلاً في قراءتي في الصلاة، أم أكتفي بحزب متأملاً متدبرًا؟".
س: "هل أقرأ وردي من القرآن وأختم كل ثلاث لشرف التلاوة وتحصيل الأجر، أم أقرأ قراءة مرتلة ولو تطلب ذلك مني وقتًا طويلاً للتأمل والتفكر؟".

قال شيخنا عبد الكريم الخضير -حرس الله مهجته-: "عامة أهل العلم بل جمهورهم على أن القراءة على الوجه المأمور بها أفضل وإن قلت، والشافعي وبعض العلماء يرون أن استغلال مثل هذا الوقت بالقراءة السريعة مع تكثير الحروف أفضل لأن له بكل حرف عشر".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو حاتم عبد الرحمن الطوخي

باحث شرعي - داعية و إمام بوزارة الأوقاف المصرية

  • 6
  • 0
  • 21,008

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً