تذكير النفوس النبيلة بأضرار الشيشة
وبعد: فقد أفتى العلماء رحمهم الله تعالى بتحريم تدخين الشيشة (النارجيلة) وغيرها من أنواع التدخين وتحريم بيعها وشرائها، لما في ذلك من الأضرار الدينية، والبدنية والمالية، والاجتماعية، والخلقية، والصحية، ومن مقاصد الشريعة: حفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال، والشرع والعقل يحتم على المسلم العاقل الابتعاد عن التدخين عموما بما فيه (النارجيلة) لما يأتي:
1- أنه دخان لا يسمن ولا يغني من جوع.
2- أنه مضر بالصحة الغالية وما كان كذلك يحرم استعماله قال الله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } [النساء:29].
وفي الحديث : « من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة » [متفق عليه]
3- أنه مفتر ومخدر، وقد « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر وعن كل مخدّر ومفتّر » في الحديث الذي رواه الإمام احمد وأبو داود (عن أم سلمة) وصححه السيوطي والعراقي.
4- انه من الخبائث المحرمة بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} [الأعراف:157]
5- أن رائحة هذه المشروبات تؤذي الناس الذي لا يستعملونها، بل وتؤذي الملائكة الكرام، لأنها تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وقد حرم الله سبحانه وتعالى أذية المسلم، قال تعالى : { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} [الأحزاب:58]
6- أن إنفاق المال في هذه المشروبات إسراف وتبذير وإضاعة للمال [وسوف يسأل الإنسان عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟].
والله سبحانه وتعالى لا يحب المسرفين، وأخبر أن المبذرين إخوان الشياطين أي أشباههم في السرف والتبذير.والنبي صلى الله عليه وسلم « نهى عن إضاعة المال » في الحديث الذي رواه البخاري، وأي إضاعة أعظم من إحراقه بالنار، ولو رأينا شخصا يحرق نقوده بالنار لحكمنا عليه بالجنون، فكيف بإحراق المال والجسم والصحة جميعا؟! عافانا الله وإخواننا المسلمين من ذلك. وإذا ثبت أن هذه المشروبات مضرة ومحرمة، فيحرم بيعها وشراؤها وثمنها، لأن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه، وعلى من كان يستعملها بيعا أو شراء أو شرابا أن يتوب إلى الله من ذلك، كما يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى من جميع الذنوب قبل أن يموت وهو على هذه الحالة المؤسفة فيلقى الله عاصيا فيندم حين لا ينفعه الندم. وليتذكر المسلم العاقل أنه يصوم رمضان فيصبر عن الطعام والشراب، وأن الطفل يفطم عن ثدي أمه فينفطم.والرجل يتمتع بالعلم والعقل والإرداة فإذا عرف أن هذه المشروبات مضرة ومحرمة، فعليه أن يعزم ويصمم على تركها لله، ومن ترك شيئا لله تعالى عوضه الله خيرا منه صحة وعافية واستقامة.
ولما كانت هذه المشروبات بهذه الصفة الممقوتة مضرة بالصحة ومحرمة، بناء على ذلك وعلى محبة الخير لإخواني المسلمين وكراهة الشر لهم جمعت هذه الرسالة وهي مستفادة من كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن كلام العلماء المحققين، والأطباء المعتبرين، أسأل الله تعالى أن ينفع بها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
النارجيلة
وهو اسمها الحقيقي لأن جوز النارجيل كان يستعمل وعاء لماء الأركيلة. يزعم الناس زعما سائدا مفاده أن الأركيلة أخف ضررا من غيرها.
والواقع غير ذلك فكم أصبح أناس بسبب الأركيلة مصدورين أو مسمومين، وضحايا كثيرون، وكان كل منهم عالما بأذاها، خبيرا بسوء تأثيرها، ولكنه كان يقول: الموت ولا فراق النرجيلة له، فقد خضع لسلطان الدخان وخنع تحت لوائه. وترجع أسباب أذى النارجيلة إلى أن مدمنها يضطر إلى إطالة الشهيق في أثناء شربها فيستنشق عناصر التمباك، وهي أشد فتكا من عناصر التوتون، ويضاف إلى غاز دخانها السام غاز الفحم الموضوع على رأسها المؤمن لدوام احتراق تبغها، كما أن تشرب نربيشها الطويل بإنقاص السموم وتولد سموم قتالة فيه يضاعف من أذاها. إن ذلك كله يجعل ضررها لمدمنها أشد من غيرها من أنواع التدخين، وقد قال في صددها الأديب عمر الأنسي البيروتي رحمه الله:
تبا لشيشة تمباك ولعت بها |
من عهد طهماز كانت للأذى شركا |
|
تهيج البلغم المكنون قحتها |
وتجل الصاغ من صدر الفتى شركا |
[عن كتاب الدخينة في نظر طبيبي]
تدخين النارجيلة أو الشيشة
رغم أن تدخين النارجيلة (الشيشة أو المداعة أو الجراك) يخفف من كمية
القار والنيكوتين إلى حد ما بترسبها على جدار اللي (القصبة) الطويل
وبمرور الدخان بين الماء إلا أن الالتهابات الشعبية بين مدخني
النارجيلة متكررة ومزمنة لدى الكثيرين منهم.
ويضاف إلى ذلك خطر انتقال العدوى من شخص لآخر ، إذ يدخن النارجيلة في
العادة مجموعة من الأشخاص يشتركون فيها، تستعمل نفس القصبة والأنبوبة
(اللي) من شخص بعد آخر، ومن ثم تنتقل الأمراض المعدية (أهمها السل
الرئوي والالتهابات الرئوية والشعبية) من مدخن لآخر [عن رسالة
(التدخين وأثره على الصحة للدكتور محمد على البار)].
فتاوى في تحريم السجائر والشيشة
س1: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال
المقدم من عبد الله بن عثمان محمد إلى سماحة الرئيس العام والمحال
إليها برقم 187 في 4/2/1402هـ ونصه ما هو حكم السجاير والشيشة هل هو
حرام أم مكروه، وإذا كان حراما أريد الدليل من كتاب الله وسنة الرسول
صلى الله عليه وسلم ثم ما حكم من شرب السجاير والشيشة وهو محرم بالحج
أو العمرة؟ أرجو الرد مع الدليل وشكرا.
ج1: شرب السجاير والشيشة حرام لما في ذلك من الضرر وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم : « لا ضرر ولا ضرار » [قال النووي في الأربعين: حديث
حسن رواه ابن ماجة والدار قطني وغيرهما مسندا، ورواه مالك في الموطأ
مرسلا عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي فأسقط أبا سعيد وله طرق يقوي
بعضها بعضا].
ولأنهما من الخبائث، وقد قال الله تعالى :
{ ويحل لهم
الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} [الأعراف:157]
وإنفاق المال في ذلك من الإسراف، وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال :
{ ولا تسرفوا
إنه لا يحب المسرفين} [الأعراف: 31].
وإذا لعب الشيطان بالإنسان فشربهما فقد أساء وعليه التوبة والاستغفار
عسى أن يغفر الله له ويتوب عليه، وإذا حصل ذلك منه في حج أو عمرة لم
يفسد حجه ولا عمرته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[فتاوى إسلامية لمجموعة من العلماء].
وسئل فضية الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين - يرحمه الله-:
أرجو من سماحتكم بيان حكم شرب الدخان والشيشة، مع ذكر الأدلة على
ذلك.
الجواب: شرب الدخان محرم وكذلك الشيشة، والدليل على ذلك قوله تعالى :
{ ولا تقتلوا
أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء: 29] ، وقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيدكم
إلى التهلكة } [البقرة: 195].
وقد ثبت في الطب أن تناول هذه الأشياء مضر، وإذا كان مضرا كان حراما،
ودليل آخر قوله تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم
قياما} [النساء:5].
فنهى عن إتيان السفهاء أموالنا لأنهم يبذرونها ويفسدونها، ولا ريب أن
بذل الأموال في شراء الدخان و الشيشة أنه تبذير وإفساد لها، فيكون
منهيا عنه بدلالة هذه الآية، ومن السنة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم « نهى عن إضاعة المال » [في الحديث الذي رواه البخاري
ومسلم] وبذل الأموال في هذه المشروبات من إضاعة المال، ولأن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : « لا ضرر ولا ضرار » وتناول هذه الأشياء موجب للضرر،
ولأن هذه الأشياء توجب للإنسان أن يتعلق بها فإذا فقدها ضاق صدره
وضاقت عليه الدنيا، فأدخل على نفسه أشياء هو في غنى عنها [عن رسالة
صفة صلاة النبي وبعض الفتاوى المهمة].
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء
ما حكم التجارة في الدخان والجراك وأمثالهما، وهل تجوز الصدقة والحج
وأعمال البر من أثمانها وأرباحها؟
الجواب: لا تحل التجارة في الدخان والجراك وسائر المحرمات لأنه من
الخبائث، ولما فيه من الضرر البدني والروحي والمالي، وإذا أراد الشخص
أن يتصدق أو يحج أو ينفق في وجوه البر، فينبغي له أن يتحرى الطيب من
ماله ليتصدق به أو يحج به أو ينفقه في وجوه البر، لعموم قوله تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات
ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون
ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه } [البقرة:267]. وقوله صلى
الله عليه وسلم : « إن الله طيب لا
يقبل إلا طيبا » [رواه مسلم].
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
دار القاسم: المملكة العربية السعودية_ص ب 6373 الرياض 11442
هاتف: 4092000/ فاكس: 4033150
البريد الالكتروني: [email protected]
الموقع على الانترنت: www.dar-alqassem.com
- التصنيف:
د هيثم حجازى
منذانيس جمعة
منذأبو محمد
منذ