أد ما عليك

منذ 2015-08-01

أما ما عليك فأده بعزم وإصرار، وخذ أوامر الله باهتمام وقوة في التلقي، وأما ما تعجز عنه، وما ليس بطاقتك، فتأكد أن الله أرحم بك من أن يكلفك ما لا طاقة لك به.

أد ما عليك ولا يبطئنك ما تعجز عنه..
أما ما عليك فأده بعزم وإصرار، وخذ أوامر الله باهتمام وقوة في التلقي. 

قال صاحب أضواء البيان في تفسير قوله تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا} [البقرة من الآية:93]، قال بعض العلماء: "هو من السمع بمعنى الإجابة، ومنه قولهم: سمعًا وطاعة؛ أي: إجابة وطاعة، ومنه: سمع الله لمن حمده -في الصلاة- أي: أجاب دعاء من حمده، ويشهد لهذا المعنى قوله: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور من الآية:51] وهذا قول الجمهور، وقيل: إن المراد بقوله: {وَاسْمَعُوا} أي: بآذانكم ولا تمتنعوا من أصل الاستماع" (أ هـ).

وأما ما تعجز عنه، وما ليس بطاقتك، فتأكد أن الله أرحم بك من أن يكلفك ما لا طاقة به، قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286].

قال العلامة العثيمين رحمه الله:
هذه الآية، والتي قبلها وردت فيها نصوص تدل على الفضل العظيم منها:
1- أنها من كنز تحت العرش.
2- أنها فتحت لها أبواب السماء عند نزولها.
3- أنها لم يعطها أحد من الأنبياء قبل رسول الله .
4- أن من قرأهما في ليلة كفتاه.

قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ}؛ (التكليف) الإلزام بما فيه مشقة؛ يعني لا يلزم الله نفسًا إلا وسعها، أي إلا طاقتها؛ فلا يلزمها أكثر من الطاقة.

قوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ} أي ما عملت من خير لا ينقص منه شيء؛ {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} أي ما اقترفت من إثم لا يحمله عنها أحد؛ و(الكسب)، و(الاكتساب) بمعنًى واحد؛ وقيل بينهما فرق؛ وهو أن (الكسب) في الخير، وطرقه أكثر؛ و(الاكتساب) في الشر، وطرقه أضيق، والله أعلم.

قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا}: هذه الجملة مقول لقول محذوف -أي (قولوا ربنا)؛ أو: (قالوا ربنا) عودًا على {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [البقرة من الآية:285]، -أي: وقالوا سمعنا وأطعنا، وقالوا: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا}؛ وربنا منادى حذفت منه (ياء) النداء اختصارًا، وتيمنًا بالبدائة باسم الله؛ و{لا تُؤَاخِذْنَا} أي لا تعاقبنا بما أخطأنا فيه.

قوله تعالى: {إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}: (النسيان) هو ذهول القلب عن معلوم؛ يكون الإنسان يعلم الشيء، ثم يغيب عنه؛ ويسمى هذا نسيانًا، كما لو سألتك: ماذا صنعت بالأمس؟ تقول: (نسيت)؛ فأنت فاعل؛ ولكن غاب عنك فعله؛ و(الخطأ): المخالفة بلا قصد للمخالفة؛ فيشمل ذلك الجهل؛ فإن الجاهل إذا ارتكب ما نهي عنه فإنه قد ارتكب المخالفة بغير قصد للمخالفة.

قوله تعالى: {وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا}: أتى بالواو ليفيد أن هذه الجملة معطوفة على التي قبلها؛ وكرر النداء تبركًا بهذا الاسم الكريم، وتعطفًا على الله ؛ لأن هذا من أسباب إجابة الدعاء؛ و(الإصر) هو الشيء الثقيل الذي يثقل على الإنسان من التكاليف، أو العقوبات.

قوله تعالى: {كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} أي اليهود، والنصارى، وغيرهم.
قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} أي لا قدرة لنا على تحمله من الأمور الشرعية، والكونية.

قوله تعالى: {وَاعْفُ عَنَّا} أي تجاوز عما قصرنا فيه من الواجبات؛ {وَاغْفِرْ لَنَا} أي تجاوز عما اقترفناه من السيئات؛ {وَارْحَمْنَا} أي تفضل علينا بالرحمة حتى لا نقع في فعل محظور، أو في تهاون في مأمور.

قوله تعالى: {أَنْتَ مَوْلانَا}: الجملة هنا خبرية مكونة من مبتدأ وخبر كلاهما معرفة؛ وقد قال علماء البلاغة: "إن الجملة المكونة من مبتدأ وخبر كلاهما معرفة تفيد الحصر"؛ والمراد: متولي أمورنا.

قوله تعالى: {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} الفاء هنا للتفريع؛ يعني فبولايتك الخاصة انصرنا على القوم الكافرين، أي اجعل لنا النصر عليهم؛ وهو عام في كل كافر.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 2
  • 0
  • 4,932

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً